أضحت بمرو الشاهجان منادحي – الشاعر البحتري
أضْحَتْ بمَرْوِ الشّاهِجانِ مَنَادِحي،
وَلأهْلِ مَرْوِ الشّاهِجَانِ مَدائحي
وَصَلُوا جَنَاحِي بالنّوَالِ، وَأمّنُوا،
مِن خَوْفِ أحداثِ الزّمانِ، جَوَانحي
كَمْ مِنْ يَدٍ بَيْضَاءَ أشكُرُ غِبّهَا
مِنهُمْ، وَفيهِمْ مِنْ أخٍ لي صَالحِ
فَالله جَارُ أبي عَليٍّ إنّهُ
أُنْسُ الصّديقِ، وَغَيظُ صَدرِ الكاشحِ
شَيخُ الأمانَةِ وَالدّيَانَةِ مُوجِفٌ
في مَذهَبٍ أَمَمٍ وَحِلمٍ رَاجحِ
ذو عُرْوَةٍ، في الأعجمَينَ، وَثيقَةٍ،
وَأرُومَةٍ مَرءومَةٍ في وَاشِحِ
نَفْسِي فِداءُ خَلائِقٍ لَكَ حُرّةٍ،
وَزِنَادِ مَجدٍ، في يَمينِكَ، قَادِحِ
إنّي أقُولُ، وَمَا قُولُ مُعَرِّضاً،
في ذِكْرِ مَكْرمَةٍ، بعَبْثَةِ مازِحِ
ماذا تَرَى في مُدمَجٍ عَبلِ الشّوَى،
مِنْ نَسلِ أعوَجَ كالشّهابِ اللاّئحِ
لا تربه الجذع الذي يعتاقه
وهن الكلال وليس كل القارح
عُنُقٌ كَقائِمَةِ القَليبِ، تَعَطّفَتْ
أوَداً، وَرَأسٌ مثلُ قَعوِ المَاتِحِ
يَخْتَالُ في شِيَةٍ، يَمُوجُ ضِياؤها،
مَوْجَ القَتيرِ على الكَميّ الرّامِحِ
لَوْ يَكْرَعُ الظّمآنُ فيه، لمْ يُمِلْ
طَرْفاً إلى عَذْبِ الزُّلالِ السّائحِ
أهْدَيْتَهُ لتَرُوحَ أبْيَضَ، وَاضِحاً
منهُ عَلى جَذْلانَ أبْيَضَ، وَاضِحِ
فَتَكُونَ أوّلَ سُنّةٍ مَأثُورَةٍ،
أنْ يَقْبَلَ المَمْدُوحُ رِفْدَ المَادِحِ