من هو الشهيد عدي التميمي منفذ عملية شعفاط؟ .. فيديو يوثق لحظة استشهاده!
م يحظ مقاوم فلسطيني بالدعم والحاضنة الشعبية بمثل ما حظي به الشهيد عدي التميمي (22 عاماً) منفذ الهجومين الفدائيين، على الحاجز العسكري المقام على مدخل مخيم شعفاط شمال القدس، وعلى مدخل مستوطنة “معاليه أدوميم” المقامة على أراضي الفلسطينيين جنوب شرق القدس المحتلة.
ويعزو متابعون في القدس حجم هذا الدعم الذي حظي به التميمي إلى الجرأة التي تميز بها في هجومية الفدائيين، وهو نمط من الهجمات لم يكن مألوفاً، من حيث عنصر المفاجأة والإقدام ومواجهته الجنود الإسرائيليين وجهاً لوجه ومن مسافة صفر، كما حدث في الهجوم الأول على الحاجز العسكري المقام على مدخل مخيم شعفاط، وتمكنه من الاختفاء لمدة أحد عشر يوماً.
ثم ظهوره المباغت لحراس الأمن في مستوطنة “معاليه أدوميم”، بعد أن قدم إليها مشياً على الأقدام من بلدة العيزرية المجاورة، وشروعه في الحال بإطلاق النار واشتباكه معهم حتى نفاد ذخيرته، ورغم ذلك بقي ثابتاً على زناد مسدسه.
إشادة جنود الاحتلال بعدي التميمي
ولم تقتصر الإشادة بالتميمي على جرأته، بل إن قادة وضباط جيش الاحتلال ومن بينهم مفوض عام شرطة الاحتلال الإسرائيلي، قد تحدثوا عن جرأة الشهيد واشتباكه مع حراس المستوطنة حتى الرصاصة الأخيرة، الأمر الذي لم يألفوه في السابق. في حين، تحدث إعلاميون ومحللون إسرائيليون عن الدعم الواسع الذي حظي به التميمي، وأشاروا إلى أن الحاضنة الشعبية التي حظي بها الشهيد هي التي أعاقت عمل وجهود أجهزة الأمن الإسرائيلية في الوصول إليه بسرعة، كما كان يحدث في السابق.
وفي هذا الإطار، وجه هؤلاء انتقادات حادة إلى جيش وأجهزة أمن الاحتلال المختلفة، لعجزها في الوصول إلى التميمي رغم الحصار المشدد الذي فرض على مخيم شعفاط، وعزل نحو 150 ألف نسمة.
بكاء مساجد شعفاط على #عدي_التميمي قبل قليل.. وكيف سنوقف حزن المآذن حين تنادي صباحاً عليه.. ولا يستجيب..
فتنت روحي يا شهيد.. pic.twitter.com/8K5WsFZlGR— Khair Eddin Aljabri (@Khair_Aljabri) October 19, 2022
ظاهرة حليقي الرؤوس
ويبدو أن مبادرات شبابية إبداعية لظاهرة ما يعرف بحليقي الرؤوس، والتي انطلقت من مخيم شعفاط وانتشرت في عموم الأراضي الفلسطينية، كانت واحدة من مبادرات أخرى هدف من ورائها الشبان إلى تضليل أجهزة الأمن الإسرائيلية وعرقلة تحقيقاتها للوصول إلى التميمي، واستخدام النشطاء وسائل التواصل الاجتماعي والتخاطب عبرها، وعبر أجهزة الاتصال باسم “عدي” حتى تحول إلى أسطورة وأيقونة التف حولها عموم الشعب الفلسطيني وفصائله المختلفة، وبات في نظر الكل مقاوماً وطنياً تلاشت عنه سيمة الانتماء الحزبي، رغم إعلان حركة “حماس” أنه أحد عناصرها، مشيدة ببطولته وإصراره على مقاومة المحتل.
وكان المشهد الليلة الماضية، في مخيم شعفاط تحديداً، والذي احتضن عدي التميمي، مؤثراً للغاية، حيث بكى من نعوه عبر مكبرات الصوت من مساجد المخيم على الشهيد خلال إعلان استشهاده، وتجاوبت مع هذا النداء المؤثر مساجد القدس جميعاً، وصدحت ساحة باب العامود بهتافات التكبير لجموع الشبان، الذين لبوا نداء مجموعة “عرين الأسود” احتفاء بالشهيد.
ويرى مراقبون أن استشهاد عدي التميمي سيكون له ما بعده تأثراً بالواقع الذي تشهده الأراضي الفلسطينية، حيث تتواصل عمليات القتل والاجتياح وتصاعد اعتداءات المستوطنين في عموم الأرض الفلسطينية، ما يحفز على المقاومة ويدعم من يتصدرها خاصة “عرين الأسود”.
آخر رسالة للشهيد عدي التميمي
كشف النقاب، اليوم الخميس، عن رسالة خطية كتبها الشهيد عدي التميمي قبيل استشهاده، وبعد أن نفذ عمليته في مخيم شعفاط بالقدس المحتلة.
وجاء في الرسالة التي تداولها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي: “أنا المطارد عدي التميمي من مخيم الشهداء شعفاط.. عمليتي في حاجز شعفاط كانت نقطة في بحر النضال الهامر، أعلم أني سأستشهد عاجلاً أم آجلاً، وأعلم أني لم أحرر فلسطين بالعملية. ولكن نفذتها وأنا أضع هدفاً أمامي، أن تحرك العملية مئات من الشباب ليحملوا البندقية بعدي”.
رسالة الشهيد بإذن الله #عدي_التميمي
نحن أحياء وباقون وللحلم بقيةْ ❤️ pic.twitter.com/atznsavvNv
— Mahmoud Afifi (@MahmoudAfifiii) October 20, 2022
تصاعد أعمال المقاومة
في السياق، يرى المحلل السياسي والإعلامي راسم عبيدات أن المنحى العام يؤشر في الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، إلى تصاعد أعمال المقاومة، في إطار رد وسياق طبيعي على ما تقوم به دولة الاحتلال من قتل وقمع وتنكيل بحق الشعب الفلسطيني، وزيادة لوتيرتي الاستيطان والحرب المستمرة على الأقصى، فيما يسود بالمقابل القلق والخوف والإرباك المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية في دولة الاحتلال من المقاومين الجدد.
وتحدث أحد رفاق الشهيد عدي التميمي، حيث فضل عدم ذكر اسمه، أن الشهيد كان معروفاً بقوته وعناده، وكان يسوؤه ما يحدث في الأقصى من استباحات واقتحامات، ولطالما كان يسخر من جنود الاحتلال، وهو يجتاز حاجزهم العسكري المقام على مدخل مخيم شعفاط، وفي بعض الأحيان كان ينخرط معهم في مشادات كلامية.
ويتابع صديق عدي التميمي، “من عرف الشهيد عن قرب كان يدرك حجم الغضب لديه من الاحتلال وممارساته، وكان أكثر غضباً بعد اختفائه إثر هجومه على حاجز مخيم شعفاط، لاعتقال والديه، وإبعاد أمه عن منطقة سكناها”.
الناشط الإعلامي نبيل دويكات، تحدث بدوره عن الحاضنة الشعبية التي هي درع المقاومة وحصنها، وقال لـ”العربي الجديد”: “لم يعد كافياً أن نقف في صف التصفيق، ولم يعد كافياً أن تنشغل كل القوى والأحزاب والمؤسسات وهيئات المجتمع المدني والحكومة وأجهزتها في عد وتوثيق جرائم الاحتلال وفضحها، ولم يعد كافياً أن يقوم الشعب بتداول الأخبار والصور ومقاطع الفيديو العاجلة عن جرائم الاحتلال ومستوطنيه، أو الاكتفاء بتمجيد بطولات هؤلاء الشبان، رغم أهمية كل ذلك”.
ويتابع دويكات، “ما تقوم به مجموعات (عرين الأسود) في نابلس و(كتيبة جنين) في جنين وغيرها من المجموعات، وما يقوم به شبان بصورة فردية أمر مهم معنويًا، من حيث التمرد والثورة ضد الظلم والقهر والعدوان، والاستعداد العالي لمواجهة ذلك بكل السبل والإمكانات المتاحة، ودون الخوف والقلق والحسابات الكثيرة للنتائج”.
وأضاف: “بكل الأحوال فإن الشعب الفلسطيني هو الخاسر من استمرار حالة الوهن والعجز، وصولاً إلى حد استجداء الآخرين لتوفير الحماية لنا من الاحتلال ومستوطنيه، وما فعلته تلك المجموعات الشبابية تمرد وثورة ورفض التسليم بالواقع، وهو نقيض لفكرة الوهن والعجز والاستسلام”.
وختم القول: “أصبح لزامًا علينا تعميم فكرهم الرافض، وهذا هو الحد الأدنى الكفيل بتوفير حاضنة شعبية حقيقية لهم تحميهم من بطش الاحتلال، لقد آن الأوان للقيام بخطوات عملية تساهم باستمرارية ودوام الفعل النضالي، وصولاً لتحقيق ما نصبوا إليه”.