انتشار الكوليرا بلبنان وسوريا .. منظمة الصحة العالمية تسعى لترشيد استهلاك لقاح الكوليرا

انتشار الكوليرا بلبنان وسوريا .. منظمة الصحة العالمية تسعى لترشيد استهلاك لقاح الكوليرا

من بين 29 دولة حول العالم تفشى فيها الكوليرا هذا العام تواجدت دول عربية في قائمة الدول المصابة بالمرض، إذ تعاني سوريا ولبنان من تسارع انتشار المرض على أراضيهما، في ظل ما يعانيه البلدان من أزمات متلاحقة، ومع انتشار المرض حول العالم بشكل كبير اضطرت منظمة الصحة العالمية أمس إلى الإعلان عن خطتها لترشيد استهلاك لقاح الكوليرا مع الوصول لمشارف نفاذ اللقاح.

انتشار واسع للكوليرا في لبنان

وتفصيلاً، دق وزير الصحة اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، فراس الأبيض، اليوم الأربعاء ناقوس الخطر معلنًا وجود “انتشار واسع للكوليرا في البلاد، وخصوصًا في محافظتَي الشمال والبقاع شرقًا”، لافتًا إلى أن 70 في المئة من المصابين ينتشرون في صفوف اللاجئين السوريين داخل المخيمات.

وتحدث “الأبيض” على هامش مؤتمر صحفي، عقده بمقر وزارة الصحة في العاصمة اللبنانية بيروت، عن “جهود تأمين مياه نظيفة لمنع انتشار الوباء”.

وقال: “بدأنا نلحظ زيادة في الحالات عند المواطنين اللبنانيين”.. لافتًا إلى تسجيل حالات في مناطق جديدة، منها زغرتا شمال البلاد، وزحلة، وحوش الأمراء، وقب اليأس، وبقاعا شرق البلاد، وتمنين التحتا، وبشمرا جنوبًا.

وأشار الأبيض إلى أن “كميات لقاحات الكوليرا المتوافرة عالميًّا قليلة بسبب وجود بؤر عدة للكوليرا، لكننا حصلنا على وعد بتأمين كميات من اللقاحات”.

انتشار الكوليرا بلبنان وسوريا .. منظمة الصحة العالمية تسعى لترشيد استهلاك لقاح الكوليرا

وأكد الوزير في مؤتمره الصحفي أن “يونيسيف” (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) أمَّنت كمية من المازوت، تُستعمل في محطات ضخ المياه في البقاع (شرق) والشمال؛ لنتخلص من أي مياه يمكن أن تكون ملوثة.

وأوضح أن “المياه التي تبقى في الأنابيب تصبح ملوثة بعد فترة، ومن المهم تأمين طاقة كهربائية لمحطات ضخ المياه؛ لتأمين المياه النظيفة”. ودعا وزارة الطاقة والمياه في لبنان للقيام بواجبها حيال ذلك على وجه السرعة.

وأفاد بأن الوزارة تعمل على تجهيز مستشفى ميداني في منطقة عرسال الحدودية شرق البلاد، وهناك 8 مستشفيات ميدانية جاهزة، تُوزَّع عليها المستلزمات العلاجية والأمصال، وأن التعاون جارٍ بين وزارتَي الصحة والزراعة لفحص المزروعات.

وكشف الوزير عن “تسجيل ثمانين إصابة جديدة بالوباء؛ ما يرفع العدد التراكمي للحالات المسجلة إلى 169”.

ودعا المنظمات الدولية التي تعمل مع النازحين إلى “تحمُّل مسؤولياتهم لتأمين المياه النظيفة والمستلزمات واللقاحات، وتنظيف الحفر الصحية؛ لأن المخيمات هي المكان الأساسي الذي ينتشر فيه الوباء”.

وفي وقت سابق من اليوم كشفت وزارة الصحة اللبنانية في تقرير رسمي ارتفاع حالات الإصابة بمرض الكوليرا في البلاد إلى 169 بعد تسجيل 80 إصابة جديدة خلال الساعات الـ48 الماضية.

ورصد التقرير ارتفاع حالات الوفاة نتيجة الإصابة بالكوليرا إلى 5 بعد إعلان وفاتين جديدتين خلال اليومَين الماضيَين.

وأوضح الوزير أن العبء الأكبر مُلقى على عاتق مستشفى حلبا الحكومي شمال البلاد.

وقال: هناك حالات في مستشفى طرابلس والمنية، و33 حالة موجودة في مستشفيات المنطقة، بعضها مؤكد، وبعضها ينتظر النتائج، منها ست حالات في العناية المركزة.

ونصح الوزير الأبيض مَن يعانون أعراضًا “بأن يحصلوا على المساعدة الطبية في أقرب وقت، أو يتصلوا على الخط الساخن 1787. علمًا بأنه سيتم تخصيص خط ساخن ثانٍ مع الصليب الأحمر اللبناني للمساعدة على نقل الحالات إلى المستشفيات”.

ومن جهة أخرى، أشار محافظ بعلبك، الهرمل بشير خضر، إلى أن المشكلة في الكوليرا تكمن في أن الأعراض تظهر خلال ساعات أو 5 أيام؛ وبالتالي يمكن للشخص أن يكون مصابًا من دون أن يعلم بذلك؛ في نقل العدوى إلى الآخرين، مع العلم بأن العدوى تنتقل بشكل مختلف؛ إذ ترتبط بالنظافة الشخصية، ومياه الشرب والاستحمام.. وهذه كلها قادرة على نقل الكوليرا في حال لم يكن المصدر آمنًا ونظيفًا.

وأعرب خضر عن قلقه ووجود مخاوف من انتشار الكوليرا على صعيد المحافظة كلها.

وقال المدير الطبي في مستشفى طرابلس الحكومي، الطبيب حلمي الشمروخ: “إن المياه الملوثة واحد من الأسباب الأساسية لانتشار الكوليرا”.

وتابع: “استخدام الخضار الملوث يُسهم في انتشار الوباء. وقد ثبت لوزارة الصحة العامة أن ثمة مياهًا ملوثة تُستعمل في ري الخضار، وثمة مصادر متعددة لذلك، من بينها نهر ببنين في عكار شمال البلاد”.

وحذر من كثرة المخالطة، وقال: “تؤدي إلى العدوى والمزيد من الانتشار في حال لم يقُم المريض بتعقيم يديه بشكل جيد”.

والكوليرا مرض ينتقل عن طريق المياه، ويسبب إسهالاً حادًّا، يهدد حياة المريض إذا لم يخضع للعلاج.

تعليق تطعيم الكوليرا بنظام الجرعتين

أعلنت منظمة الصحة العالمية، أمس الأربعاء، تعليقها مؤقتا لنظام التطعيم ضد الكوليرا المكون من جرعتي لقاح، مكتفية بجرعة واحدة.
وأرجعت المنظمة السبب في قرارها إلى ندرة اللقاحات حول العالم ووصولها إلى حد الخطر الذي يوجب تقليل التطعيمات في ظل تزايد الإصابات عالميًا.

وفيما أعلنت دول عدة حول العالم تفشي الكوليرا بداخلها، فإن المنظمة تتوقع مزيدًا من انتشار المرض بسبب ما عانته دول كثيرة هذا العام من كوراث طبيعية أو صراعات على أراضيها، ما رفع من تحركات السكان والنزوح إضافة لعوامل أخرى، بحسب تعبير المنظمة، حدت من الوصول إلى المياه والغذاء النظيفين وزادت من خطر تفشي المرض.

وأوضحت الصحة العالمية في بيانها الذي نشرته أمس، أن استراتيجية الجرعة الواحدة أثبتت فعاليتها في الاستجابة لحالات تفشي المرض، وعلى كل حال فجرعة واحدة أفضل من لا شيء كما ذكر البيان.
وأكدت المنظمة أن قرارها هذا وإن كان سيقلل من مدة مقاومة اللقاح للمرض غير أنها اضطرت لتنفيذه حتى تستطيع تطعيم أكبر عدد من المصابين.