ألمع برق سرى أم ضوء مصباح – الشاعر البحتري

ألَمْعُ بَرْقٍ سَرَى أمْ ضَوْءُ مِصْبَاحِ،
أمِ ابْتِسَامَتُهَا بالمَنْظَرِ الضّاحِي
يا بُؤسَ نَفْسٍ عَلَيْهَا جِدُّ آسِفَةٍ،
وَشَجْوَ قَلْبٍ إلَيها جِدُّ مُرْتَاحِ
وَيَرْجْعُ اللّيلُ مُبيَضّاً إذا ابَتَسَمَتْ
عَنْ أبْيَضٍ خضلِ السِّمْطَينِ لَمّاحِ
تَهْتَزُّ مِثلَ اهْتِزَازِ الغُصْنِ أتْعَبَهُ
مُرُورُ غَيْثٍ منَ الوَسميّ سَحّاحِ
وَجَدْتِ نَفسَكِ مِنْ نَفسي بمَنزِلَةٍ،
هي المُصَافَاةُ، بَينَ المَاءِ والرّاحِ
أُثني عَلَيكِ فأنّي لمْ أخفف أحَداً
يَلْحي عَلَيكِ، وَمَاذا يَزْعُمُ اللاحِي
وَلَيلَةَ القَصْرِ، والصّهباءُ قاصرَةٌ
للّهوِ، بَينَ أبارِيقٍ وأقْدَاحِ
أرْسَلْتِ شُغْلَيْنِ مِنْ لَفْظٍ مَحَاسِنُهُ،
تُدوِي الصّحيحَ، وَلَفْظٍ يُسكرُ الصّاحي
حيّيتُ خَدّيكِ بل حيّيتُ من طَربٍ
وَرْداً بوَرْدٍ، وَتُفّاحاً بتُفّاحِ
كم نَظرَةٍ لي خلال الشّامِ لوْ وَصَلَتْ
رَوَتْ غَليلَ فؤَادٍ منكِ مُلتَاحِ
والعِيسُ تَرْمي بأيديها على عَجَلٍ،
في مَهَمَهٍ مثلِ ظَهرِ التُّرسِ رَحرَاحِ
تهدي إلى الفَتحِ، والنُّعمى بذاكَ لَهُ،
مَدْحاً يُقَصّرُ عَنْهُ كُلُّ مَدّاحِ
تَكَشّفَ اللّيلَ مِن لألاءِ غُرّتِهِ،
عَن بَدرِ داجِيَةٍ، أوْ شمس إصْبَاحِ
مُهَذَّبٌ، تُشرِقُ الدّنيا لطلعتِهِ،
عن أبْيَضٍ مِثلِ نَصْلِ السّيفِ وَضّاحِ
غَمْرُ النّوَالِ، إذا الآمالُ أكذَبَهَا
ثِمَادُ نَيْلٍ منَ الأقْوَامِ ضَحضَاحِ
مَوَاهبٌ ضَرَبَتْ في كلّ ذي عَدَمٍ،
بثَرْوَةٍ، وأماحَتْ كُلَّ مُمْتَاحِ
كأنّما باتَ يَهمي، في جَوَانِبِهَا،
رُكامُ مُنتَثِرِ الحِضْنَينِ، دَلاّحِ
قَدْ فَتّحَ الفَتْحُ أغلاقَ الزّمانِ لَنَا،
عَمّا نُحاوِلُ مِنْ بَذْلٍ، وإسْمَاحِ
يَسمُو بكَفٍّ، على العافينَ، حانيَةٍ،
تَهمي، وَطَرْفٍ إلى العَلياءِ طَمّاحِ
إنّ الذينَ جَرَوْا كَي يَلحَقُوهُ ثَنَوْا
عَنهُ إعِنّةَ ظَلاّعٍ وَطَلاّحِ
طالَ المَدَى دونَهُ، حتّى لوَى بِهِمُ
عَنْ غُرّةٍ سَبَقَتْ منهُ، وأوْضَاحِ