علاج الإيدز: هل من أمل؟
مع أن سنيناً من البحث العلمي لم تسفر عن التوصل لعلاج نهائي لمرض الإيدز بعد، إلا أن الإصرار البشري وتطور الطب والعلم بشكل متسارع قد يفتح أعيننا على بصيص أمل بسيط وواعد، بل وقد تحمل الحالات الغريبة لثلاثة أشخاص سنذكرهم في هذا المقال مفاتيح أمل مستقبلي قريب وكبير!
حالة الشفاء الوحيدة من الإيدز: مريض برلين!
لعل أشهر الحالات الغريبة لمرضى أصيبوا بفيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV) هو تيموثي براون (Timothy Ray Brown) المعروف ب”مريض برلين”، وتيموثي هو الشخص الأول والوحيد الذي شفي تماماً من الفيروس في العالم. بدأ الأمر عندما اكتشف تيموثي إصابته عام 2006 بابيضاض الدم النقوي الحاد (Acute myeloid leukemia)، كان تيموثي في ذلك الوقت يعلم بأنه مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV)، بل إنه كان قد بدأ بالفعل بعلاج الفيروس قبل ذلك بسنوات. ونظراً لأن المعالجة الكيميائية (Chemotherapy) (تغذية مرضى السرطان والعلاج الكيماوي) لم تساعد في علاج مرضه كما كان الأطباء يأملون، قرر تيموثي أن يقصد برلين، وهناك أجريت له عملية زراعة لنخاع عظم تم أخذه من شخص يقاوم جسده الفيروس بطبيعته. ومع أن تيموثي لم يكن المصاب الوحيد الذي خضع لهذه العملية الجراحية، إلا أنه كان الشخص الوحيد الذي شفي على إثرها تماماً من ابيضاض الدم وفيروس نقص المناعة، وهي حالة حيرت الأطباء والمختصين إلى اليوم دون الوصول إلى تفسير منطقي!
بصيص أمل لعلاج من الأطفال الرضع!
في العادة، يتم منح الأطفال الرضع -الذين على الأرجح ستعود نتيجة فحص فيروس نقص المناعة المكتسبة لديهم إيجابية –علاجات وأدوية وقائية لإيقاف الفيروس قبل حدوثه وبعد ولادتهم بفترة قصيرة جداً. ولا يتم استبدال الأدوية الوقائية بأدوية فعلية تصارع الفيروس إلا بعد أن تعود نتيجة اختبار الفحص إيجابية ولمرتين. ومع حلول هذا الوقت، قد يكون الطفل أصبح بعمر الأسبوعين. (تعرف على أغذية تقوي جهاز مناعة الأطفال!)
ولكن أحياناً يلجأ الأطباء لاتباع طرق علاج ووقاية مختلفة. حيث حصلت طفلة في كاليفورنيا على العلاج بمضادات الفيروسات القهرية (Antiretroviral therapy – ART) عندما كانت تبلغ فقط 4 ساعات من العمر. وفي عام 2014 وعندما أصبح عمر الطفلة تسعة أشهر كانت نتائج الاختبار تعود سلبية لتدل على صحة الطفلة وخلو جسدها من الفيروس مع استمرار مواظبتها على العلاج.
وهنالك حالة أخرى كذلك وصلت عناوين الأخبار الرئيسية، حيث قام الأطباء بإعطاء طفلة من الميسيسيبي علاجاً لفيروس نقص المناعة المكتسبة بعد ثلاثين ساعة فقط من ولادتها لأم كانت مصابة بالفيروس. وطوال سنتين تم إجراء الكثير من الفحوصات للطفلة، لتعود جميعها سلبية دلالة على سلامة الطفلة وخلو جسدها من الفيروس. ولكن وعندما بلغت الطفلة عامها الرابع، ظهر الفيروس في دمها، وبعد البحث في السبب، وجد الأطباء أن أم الطفلة كانت قد توقفت عن إعطائها العلاج المخصص (العلاج بمضادات الفيروسات القهرية) عندما كان عمر الطفلة 18 شهراً، دون استشارة الأطباء لتكون بذلك قد فعلت عكس ما قالوا لها أن تفعله تماماً. الطفلة أو كما يحلو للأطباء تسميتها “طفلة الميسيسيبي”، والتي لم يعلن عن اسمها للعامة، عادت لأخذ العلاج المقرر بانتظام، ومع حلول عام 2016 كانت الطفلة قد أنهت الحضانة ويقال أنها “بحالة جيدة للغاية”، وذلك تبعاً للمختصة المتابعة لحالتها، الدكتورة والباحثة هانا جاي (Hannah Gay)، والتي عالجت الطفلة في المركز الطبي التابع لجامعة الميسيسيبي (The University of Mississippi Medical Center).
الفيروس يختبئ في الجسد
يأمل العلماء أن يساعد إعطاء المواليد الجدد (شاهد بالفيديو: ما هي المشاكل الصحية لدى المواليد الجدد؟ ) لدواء قوي في مقاومة الفيروس منذ بداياته، إما للتخلص من الفيروس تقريباً بشكل كلي أو من أجل التحكم به والسيطرة عليه على الأقل لمنعه من الانتشار أو إحداث الضرر.
حقيقة أن الفيروس عاد ليظهر في طفلة الميسيسيبي لم يكن أمراً غير متوقع، تبعاً لما قاله الدكتور روبرت سيليتشيانو(Robert Siliciano)، البروفيسور في قسم الأمراض المعدية في كلية جون هوبكنز (John Hopkins UniversitySchool of Medicine). وهذا بالتحديد يدعم النظرية القائلة أن خلايا الفيروس تبقى في الجسد، ولكن بشكل خفي بعيداً عن الأعين ونتائج الاختبارات في “مخزن خفي”. لذا فإن تطوير علاج نهائي وناجع للفيروس يستدعي تطوير استراتيجيات تدمر المخزن الخفي للفيروس أولاً!
ابدأ العلاج مبكراً
الأشخاص المصابين بالفيروس عليهم أن يباشروا بأخذ العلاج مبكراً حال معرفتهم أنهم مصابون، ومن الجدير بالذكر أن هذا الأمر سهل في حالة الأطفال، إذ يتم فحصهم ويباشر الأطباء بعلاجهم حال تشخيصهم بالفيروس، أما الكبار والبالغين فنادراً ما يستطيع الأطباء تحديد متى أصيبوا بالمرض وقد يبدأوا بالعلاج متأخرين.
إذا كنت تشعر أنك عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة (زيارة عيادة الأمراض المنقولة جنسياً)، فإن قيامك بفحص مبكر حال شكك بالأمر قد يقودك إلى علاج يتدارك الفيروس بسرعة ويقلل من إضراره بالجسم عامة، فكما يقول أحد الباحثون”إن المنطق يقول أن الفحص الذي يعود بنتائج إيجابية تدل على وجود الفيروس في جسد المصاب، غالباً ما سيدفع الطبيب للبدء فوراً بالعلاج وطرح الأسئلة”.
وإلى أن يستطيع العلماء إيجاد “المخزن الخفي” للفيروس، لن يتمكن أي منهم من التصريح وبشكل رسمي أن شخصاً ما قد أصبح جسده خالياً تماماً من فيروس نقص المناعة المكتسبة! فلننتظر ونرى!
المرجع : webteb.com