سفاها تمادى لومها ولجاجها – الشاعر البحتري
سَفَاهَاً تَمَادَى لَوْمُهَا وَلَجاجُها،
وإكْثَارُها فيمّا رأتْ، وَضِجَاجُها
وَنَبْوَتُها، إنْ عَادَ كَفّيَ عِيدُها،
وإنْ هَاجَ نَفسِي للسّماحِ هَياجُها
هَلِ الدّهرُ إلاّ كربَةٌ وانجِلاؤها،
وَشيكاً، وإلاّ ضِيقَةٌ وانفِرَاجُهَا
تَقَضّى الهُمُومُ لمْ يُلَبِّثْ طُرُوقُها
زَماعي، ولمْ يُغلَقْ عَليّ رِتَاجُها
وإنّي لأُمْضي العَزْمَ، حتّى أرُدَّهُ
إلى حَيثُ لا يَلوي الشّكُوكَ خِلاجُها
إلى لَيْلَةٍ، إمّا سُرَاهَا مُبَلِّغي
أجاوِدَ إخْوَاني، وإمّا ادّلاجُها
وَمعا زَالَتِ العِيسُ المَرَاسِيلُ تَنبري،
فتُقْضَى لَدَى آلِ المُدَبِّرِ حَاجُهَا
أُنَاسٌ، قَديمُ المَكرُمَاتِ وَحَدْثُها
لَهُمْ، وَسَرِيرُ العُجْمِ فيهمْ وَتَاجُها
إذا خَيّمُوا في الدّارِ ضَاقَتْ رِبَاعُها،
وإنْ رَكبوا في الأرْضِ ثارَ عَجاجُها
مَلِيُّونَ أنْ تُسْقَى البِلادُ غِيَاثَهَا
بأوْجُهِهِمْ حتّى تَسيلَ فِجَاجُهَا
كأنّ، على بَغدادَ، ظِلَّ غَمَامَةٍ
بجُودِ أبي إسحاقَ يَهمي انْثِجاجُها
تَرَبّعْتَهَا، فازْدادَ ظاهرُ حُسْنِها،
وأُضْعِفَ في لحظِ العُيُونِ ابتِهَاجُها
فَلا أمَلٌ إلاّ عَلَيْكَ طَرِيقُهُ،
وَلاَ رُفْقَةٌ إلاّ إلَيْكَ مَعاجُها
يَدٌ لكَ عِنْدِي قَد أبَرَّ ضِيَاؤُها
عَلى الشّمسِ حتّى كادَ يَخبُو سرَاجُها
هيَ الرّاحُ تَمّتْ في صَفَاءٍ وَرِقّةٍ،
فلَمْ يَبقَ للمَصْبُوحِ إلاّ مِزَاجُهَا
فإنْ تُلحِقِ النُّعْمَى بنُعْمَى، فإنّهُ
يَزِينُ اللآلي، في النّظامِ، ازْدِوَاجُها
وَكنتُ إذا مارَسْتُ عندَكَ حاجَةً،
على نَكَدِ الأيّامِ، هَانَ عِلاَجُها
وَلِمْ لا أُغَالي بالضِّيَاعِ، وَقَدْ دَنَا
عَليّ مَداها، واستَقَامَ اعوِجاجُها
إذا كانَ لي تَرْييعُها واغْتِلاَلُها،
وَكَانَ عَلَيْكَ كلَّ عامٍ خَرَاجُها