غلس الشيب أو تعجل ورده – الشاعر البحتري

غلّسَ الشّيبُ، أوْ تَعجّلَ وِرْدُهْ،
وَاستَعَارَ الشّبَابَ مَنْ لا يَرُدُّهْ
لا تَسَلْني عَنِ الصّبَا، بعدما صَوّ
حَ رَوْضُ الصّبَا، وَأَنهجَ بُرْدُهْ
وَمُعاضُ المَشيبِ يَغدو فيَستَخْـ
ـلِقُ مِنْ عَيشِنا الذي نَستَجدّهْ
قَاتَلَ الله قَاتِلاتِ الغَوَاني،
بالغَرَامِ المُنْبي عَنِ الغَيّ رُشْدُهْ
وَالعُيُونَ المِرَاضَ يُوقَدُ عَنهُنّ
جَوًى يُمرِضُ الجَوَانحَ وَقْدُهْ
وَالخُدودَ الحِسانَ يَبهَى علَيها
جُلَّنَارُ الرّبيعِ، طَلْقاً، وَوَرْدُهْ
يَتَخَلّى السّالي مِنَ الحُبّ بالشّغْـ
ـلِ، وَيَغلو بصَاحبِ الوَجدِ وَجدُهْ
وَمن الضّيمِ في هوَى البِيضِ عندي،
أنْ يَوَدّ المَتبولُ مَنْ لا يَوَدّهْ
لي صَديقٌ أعدَدْتُهُ لصُرُوفٍ
مِنْ زَمانٍ، يُرْبي على مَن يَعُدّهْ
سَيّدٌ مِنْ بني الحُسَينِ بنِ سَعدٍ،
شَادَ بُنْيَانَهُ الحُسَينُ وَسَعْدُهْ
وَهوَ المَجدُ لَيسَ يَحوِيهِ مَن لمْ
يَتَقَدّمْ فيهِ أبُوهُ وَجَدّهْ
مَا نُبَالي أيُّ الحُظُوظِ فَقَدْنَا،
ما تَرَاخَى عَنّا، فأُمهِلَ فَقْدُهْ
لا تَقيسَنّ حاتمَ الجُودِ في الجُو
دِ إلَيهِ، فَحاتمٌ فيهِ عَبدُهْ
هَزْلُهُ للسّمَاحِ شيمَتُهُ وَالـ
ـبَذْلُ، وَالحزْمُ، وَالكِفايةُ جِدّهْ
تَتَكافَا الحَالانِ منهُ، وَمَتنُ الـ
ـسّيفِ، سِيّانِ في الغَنَاءِ وَحَدّهْ
لا يَزَلْ يُفتَدَى بقَوْمٍ أَرَاهُمْ
غاضَ مَعرُوفُهُمْ وَأُترِعَ رِفدُهْ
ما تَجارَى الأجوَادُ، إلاّ شَآهمْ
سابقاً، وَاحدُ التّطَوّلِ فَرْدُهْ
خَيرُ مَا للطّالبينَ لَدَيْهِ،
رَاحةُ اليأاسِ من جَداهمُ، وَبَرْدُهْ
مَنْ يَشِنْ وَعدَهُ المِطالُ يُناجَزْ
مُنجِحاً أوْ يُزَانُ بالنُّجحِ وَعدُهْ
وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُناكدُ، حتّى
إنّ فَنّاً مِنَ النّسيئَةِ نَقْدُهْ
حادَ عَنْهُ المُساجِلُونَ، وَهَابُوا
حَفلَةَ البَحرِ، وَالبِحارُ تُمِدّهُ