العلاقة بين حُمَّى القَش أو الرَبو وسَرَطَان البرُوستَاتا

حسب الـ Daily Mirror: “الرِجَال المُصَابون بحُمَّى القَش أكثر عرضةً للإصابة بسَرَطَان البرُوستَات، بينماالمُصَابين بالرَبو هم أكثر اِحتِمالاً للنجاة”

العلاقة بين حُمَّى القَش أو الرَبو وسَرَطَان البرُوستَاتا

درس البَاحِثون البيانات المتضمنة 50,000 رَجُلاً في منتصف العمر وتتبعوهم لمدّة 25 عَاماً، للتأكد من ارتباط الإصابة بالرَبو أو حُمَّى القَش عند بداية الدِرَاسَة بتشخيص الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات أو سَرَطَان البرُوستَات القَاتِل خلال هَذِه المتابعة.

لم تكن النَتَائِج حَاسِمة كما توقّعت العناوين، فوجد البَاحِثون أنَّ حُمَّى القَش كانت مرتبطة مع زيادةٍ صغَيرةٍ (7%) بالإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات. وكان هناك إيحاء بسيط إلى احتمال ارتباط الرَبو بإنقاص خَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات أو سَرَطَان البرُوستَات القَاتِل. إلّا أنَّ أَهميَّة هَذِه الصِلات الإِحصَائِية كانت هَامِشية، مما يعني أنَّ الوصول لتلك النَتِيجَة كان في الأغلب بمحض الصّدفة.

و لم تكن الصّلة بين حُمَّى القَش وسَرَطَان البرُوستَات “القَاتِل” ذات قيمة على الإطلاق، مما يعني عدم وجود دليل على أنَّ الرِجَال المُصَابين بحُمَّى القَش كانوا أكثر عرضةً للموت بسبب هذا المرض (لذلك لا حاجة للقَلق في حَال الإصَابَة به).

تُعدّ اِحتِمالية وجود صلة بين الالتهاب -أو النظام المناعي بشكل عَام- وخَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات مقبولة، لكن تخبرنا هَذِه الدِرَاسَة القليل حول كيفيّة تأثير اختلاف النظام المناعي على خَطَر الإصَابَة بالسَرَطَان.

 

كيف تمت الدِرَاسَة؟

أجريت الدِرَاسَة من قبل بَاحِثين من كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ  للصحة العَامة ومعاهد أخرى في الولايات المتحدة. وموّلت بمنح قدمت من المعهد الوطني للسَرَطَان ومعهد القلب والرئة والدم الوطني. ونشرت في المجلة المحكمة العالمية للسَرَطَان.

أخذت الـ Daily Mirror موقفاً غير نقديٍّ من نَتَائِج البَحث ولم تُبيّن لقرّائها أنَّ النَتَائِج كانت معتمدةً أساساً على نَتَائِج هَامِشيةٍ إِحصَائِياً أو حتى غَير مهمة. وهذا لا يعطي برهاناً جازماً على وجود صِلة بين الإصَابَة بالرَبو أو حُمَّى القَش والإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات أو سَرَطَان البرُوستَات القَاتِل.

 

ما هو نوع هذا البَحث؟

كانت هَذِه دِرَاسَة حشديّة استباقيّة تبَحث في كيفية تأثير الجهاز المناعي على تطوّر سَرَطَان البرُوستَات.

يقول مؤلِفو الدِرَاسَة أنَّ البحث المنبثق يشير إلى احتماليّة تأثير الالتهاب– أو الاستجابة المَنَاعِيَّة عَامةً- على الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات. كما يقولون بأنَّ إحدى الطرق لشرح تلك الصِلة هي بالبَحث في العَلاقَة بين سَرَطَان البرُوستَات وحَالات متأثرة بالمَنَاعَة. ومن هذه الحالات المتواسطة بالمناعة الربو والحساسيّة، مثل حمّى القش.

أعطت دِرَاسَاتٌ سابقةٌ بحثت في الصلة بين الحَالات المذكورة نَتَائِجَ متناقضة. في حين درس هَذا البحث الصلةَ من خلال دراسة حشديّة استباقيّة شملت 50,000 رَجُل غَير مُصَاب بالسَرَطَان، لمعرفة فيما إذا تطوّر لديهم سَرَطَان البرُوستَات والعوامل المرتبطة به. بإمكان مثل تلك الدِرَاسَات الحشديّة توضيح الصلة بين الأمراض، لكنّها لا توضح سببها وتأثيرها، فيمكن أن يدخل فيها العديد من العوامل غَير المقاسة.

 

ماذا شملت الدِرَاسَة؟

سميت هذه الدِرَاسَة الحشديّة بدِرَاسَة تتبُّع المشتغلين في الصحة. حيث سجِّل في عَام 1986م  47,880 رَجُل غَيرمُصَاب بالسَرَطَان، تراوحت أعمارهم آنذاك بين 40-75 (91% منهم من العِرق الأبِيض)، ثمّ تمّت متابعتهم لمدة 25 عَاماً.

وأكمل الرجال اِستِبيَاناتٍ حول التاريخ الطبيّ ونمط الحياة كل عامين، كما أتمّوا اِستِبيَاناتٍ حول الطعَام كل 4 سنوات.

سُئِل الرِجَال عندَ تسجيلهم في الدِرَاسَة فيما إذا شُخِصت إصابتهم بالرَبو أو حُمَّى القَش أو بحَالة تحسُّسيّة أخرى من قبل، وفي حَال كانت الإجابة بنعم، يُسأَلون في أي سَنَة بدأت تلك الحَالة. في الاِستِبيَانات اللاحقة سُئِلوا فيما إذا شُخِّصَت مؤخراً إصابتهم الرَبو أو صُرِفت لهم أدوية لعلاجه، في حين كان السؤال عن حُمَّى القَش في بداية الدِرَاسَة فقط.

أُكِّدت إصَابَة الرِجَال الذين ادعوا تشخيص إصابتهم بسَرَطَان البرُوستَات في الاستبيانات اللاحقة من خلال سجلاتهم الطبية. واستخدم البَاحِثون أيضاً مَنسَب الوفيات الوطني لتحديد وفيات هذا السَرَطَان.

درس البَاحِثون الصلة بين الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات وحَالات الرَبو أو حُمَّى القَش المسجلة، وبخاصّةٍ الصلة مع سَرَطَان البرُوستَات “المميت”. وحُددَ سَرَطَان البرُوستَات المميت إمّا بتشخيص السَرَطَان في مرحلة متأخرة بعد انتشار السَرَطَان حول الجسم (والذي يتوقع أن يسبب موت المريض)، أو بتسبيبه بالموت فعلاً.

كما عدّلَ البَاحِثون تحليلاتهم وفقاً للعوامل المربكة المحتملة وهي:

  • العمر.
  • مشعر كتلة الجسم(BMI).
  • العِرق.
  • التدخين.
  • النشاط البدني.
  • الداءُ السكريّ.
  • التاريخ العائلي للإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات.

ما هي النَتَائِج الأساسية؟

لدى خمسة بالمئة من عينة الدارسة تاريخ بالإصَابَة بالرَبو في بداية الدِرَاسَة و25% منها كانوا مُصَابين بحُمَّى القَش. وخلال الـ 25 سَنَة التالية كانت هناك 6,294 حَالة للإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات، منها 798 حالة متوقّعٌ أن تكون قَاتِلة، وتضمنت 625 حَالة وفاة مسجلة.

وبعد ضبط العوامل المربكة، اقتُرِحَ وجود صلةٍ بين الإصَابَة بالرَبو في بداية الدِرَاسَة وانخفاض خَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات. واقتُرِحَ كذلك لأنّ حدود الثقة 95% (CI) للنَتِيجَة كانت 1.00. وهذا يجعله بنسبة مخاطر هامشية (RR) 0.89،وحدود ثقة 95% من 0.78 إلى 1.00) مما يعني أنَّ النتيجة يمكن أن تكون تابعةً للمصادفة وحدها.

وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ حُمَّى القَش كانت مرتبطة بزيادة خَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات، حيث وصلت النتيجة لاعتداد إِحصَائِي (نسبة مخاطرRR 1.07، وحدود ثقة 95% من 1.01 إلى 1.13).

وبالنظر لسَرَطَان البرُوستَات المميت، كان هناك اقتراح مجدداً بأنَّ الرَبو ارتبط بإنقاص خَطَر الإصابة به، لكن أبدى هذا اعتداد إِحصَائِي هَامِشي أيضاً (نسبة مخاطر 0.67، وحدود ثقة 95% من 0.45 إلى 1.00). ولم يكن لحُمَّى القَش هَذِه المرة ارتِبَاط مهم مع خَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات القَاتِل.

درس البَاحِثون بعد ذلك تشخيص الإصَابَة بالرَبو، لكن هَذِه المرة ليس فقط بالنظر في الـ 5% المشخّصِين فقط في بداية الدِرَاسَة، لكن أيضاً في الـ 4% الذين أصيبوا بالحَالة خلال الدِرَاسَة. ومرة أخرى وجدوا أنه حتى التشخيص بالرَبو كان مرتبطاً بإنقاص خَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات المميت، إلّا أنه كان ذو اعتدادٍ إِحصَائِي هَامِشي فقط (نسبة مخاطر RR 0.71، وحدود ثقة 95% من 0.51 إلى 1.00).

كما اهتم البَاحِثون بوقت التشخيص. فسجلوا أنَّ بداية حُمَّى القَش في الماضي البعيد (أكثر من 30 عَاماً) “جعلت إيجابية اِحتِمال ارتِبَاطه بخَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات المميت ضعيفة جداً”. وعلى أيَّة حَال، لم يكن هذا الرابِط مُعتدّاً إِحصَائِياً (نسبة مخاطر RR 1.10، وحدود ثقة 95% من 0.92 إلى 1.33).

كيف فسر البَاحِثون النَتَائِج؟

استنتج البَاحِثون أنّ: “الرِجَال الذين شُخِّصت إصابتهم بالرَبو خلال حياتهم كانوا أقل عرضةً للإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات المميت”. كما أضافوا: “يمكن أن تقود نَتَائِجنا لفرضياتٍ قابلةٍ للاختبار حول مظاهر مَنَاعِيَّة محدّدة لنشوء سَرَطَان البرُوستَات المميت”.

المزيد جول البروستاتا

الخلاصة

اقتراح البَاحِثون أنَّ تسمية هذا البَحث بـ “المولِّد للفرضيّات” هي الأكثر ملائمة. حيث أظهر عَلاقَةً بين الحَالة المَنَاعِيَّة وسَرَطَان البرُوستَات، لكنه لم يثبتها أو يشرح الأسباب الكامنة وراء أي رابِط بينها.

ولم تعطي هَذِه الدِرَاسَة أيّ دليلٍ حاسمٍ بأنَّ للرَبو أو حُمَّى القَش أيّ تأثيرٍ على خَطَر إصَابَة الرَجُل بسَرَطَان البرُوستَات أو الموت منه، وخصوصاً عند الأخذ بالاعتبار الاعتداد الإحصائي المشكوك فيه لعدد من النتائج.

وكانت جميع الصلات المقترح وجودها بين الرَبو وانخفاض خَطَر بالإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات الكامل أو المميت ذات اعتداد إحصائي هامشي، مما يُضعِف ثقتنا بأنّها صلات حقيقية.

وكانت الصِلة مع حُمَّى القَش بشكلٍ مشابه بعيدة عن الإقناع. ومع ذلك وجد البَاحِثون زيادة تقدر بـ 7% لخَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات عند الإصَابَة بحُمَّى القَش، وتوصلّوا لذلك فقط باعتداد إحصائي (حدود ثقة CI 95% من 1.01 إلى 1.13 ). ولم تكن الصِلة بين حُمَّى القَش وخَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات المميت المذكورة في العناوين مهمةً على الإطلاق، لذلك فهي لا تدعم أيَّ دليلٍ على وجود الصِلة.

وحتى لو وجدت صِلة بين الرَبو والتحسُّس وخَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات، فيمكن أن تكون متأثرة بالعديد من عوامل الصحة ونمط الحياة غير المقاسة التي لم تؤخذ بالحسبان في الدارسة.

ومن المآخذ الأخرى التي أخذت على هَذِه الدِرَاسَة الحشدية أنَّها اهتمت بالرِجَال من العِرق الأبِيض فقط، وخاصةً أنَّ سَرَطَان البرُوستَات شائعٌ أكثر عند الأفارقة السود والكاريبيين السود.

قد لا تكون هَذِه النَتَائِج قابلةً للتطبيق على هذه الأعراق ذات الخَطَر الأعلى للإصَابَة. ومع ذلك فقد أُثبتت إصابات سَرَطَان البرُوستَات من خلال السجلات الطبيّة وشهادات الوفاة أيضاً، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى تصنيفٍ غَير دقيقٍ للرَبو أو حَالات الحَساسِيّة ناتجٍ عن التسجيل الذاتي.

إنّ إمكانيّة ارتباط الالتهاب، أو النظام المناعي بشكل عَام، بخَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات معقولة جداً. على سبيل المثال، من المعروف أنّ التهاب غدة البرُوستَات يرتبط بإمكانيّة زيادة خَطَر الإصَابَة بسَرَطَان البرُوستَات. لذلك، تُعِدُّ الدِرَاسَة التي تبحث في كيفيّة تأثير اختلاف النظام المناعي على تغيرات خَطَر الإصَابَة بالسَرَطَان زاويةً جيدةً للبَحث فيما يتعلق بسَرَطَان البرُوستَات.

وعلى أيَّة حَال، يجب ألّا تكون نتائج هذه الدراسة الحشدية الوحيدة مدعاٍة للقَلق عند الرِجَال المُصَابين بحُمَّى القَش أو –بالمقابل- مُشيرةً إلى أنّ الرِجَال المُصَابين بالرَبو أقلُّ عرضةً للإصَابَة بهذا الداء.


من قبل
ويب طب –
الأحد 20 كانون الأول 2015


المرجع : webteb.com