ممارسة الرياضة والسكري
سنحدثكم هنا عن تجربة لاعب المارثون البريطاني المشهور اري بلاكي Gary Blakie مع السكري، كيف استطاع التغلب على مرضه وممارسة رياضته التي يحب؟
شُخصت إصابة غاري بلاكي Gary Blakie بمرض السكّري من النمط الأول عند بلوغه 12 عاماً. لم تُشّكل هذه الإصابة عائقاً له من تمثيل المملكة المتحدة في بطولات الماراثون الثلاثي العالمية لفئته العمرية. كيف واجه مرضه واستطاع التاقلم معه؟ كيف نظم غذائه وتدريبه ونشاطه الرياضي؟ اليكم اجاباته على الاسئلة الاتية:
كيف كانت رد فعلك عندما شُخصّت إصابتك بالسكري من النمط الأول؟
“شُخصَت إصابتي بالسكري عندما كان عمري 12 عاماً، في إجازة عائلية في الولايات المتحدة. كنت أشعرُ دائماً بحالة سيئة وأذهب إلى المرحاض كثيراً، ولم أكن على دراية بأي شيء سيء قد أصابني. لقد كان الأمر بمثابة الصدمة، بالرغم من عدم معرفتي لأي شيء حول السكري خلال الأيام القليلة الأولى أو ماذا يعني هذا التشخيص.”
هل تغير موقفك من الرياضة والنشاط البدني؟
ليس هكذا تماماً. لكن أردت فقط المضي قدماً بما كنت أقوم به من قبل، لم أشارك حينها بأي رياضة مجهدة، لكن والدي وأعمامي كانوا دائماً يشاركون بالماراثون الثلاثي ووالدتي تعمل كمعالجة رياضية، وبذلك شكلت الرياضية جزء من حياتي. “عندما كان عمري 13 عاماً، بدأت بتمارين الركض مع والدي. وكنت قد تعلمت عندها كيفية ضبط سكر الدم لديّ، والآن أحاول المحافظة على مستويات ثابتة لسكر الدم سكر أثناء التمرين (يمكن أن يسبب النشاط البدني انخفاضاُ في مُستويات السكر الدموي بشكلٍ كبير أو ارتفاعه بشكل كبير جداً). وليس من المفاجئ أني ارتكبت كثيراً من الأخطاء في البداية، لكنّني أتعلّمَ في كل مرة أخطئ بها.”
هل يزيد السكري حتماً من صعوبة التدريب في الألعاب الرياضية المجهدة؟
“شاركت في الماراثون الثلاثي من خلال الركض. وكان أول سباق لي عام 2001، وبدأت بالتقدم منذ ذلك الحين. “تكمن المشكلة الرئيسية خلال التدريب في التحكم بمستويات سكر الدم مع النظام الغذائي. عندما بدأتُ بممارسة الرياضية، لم يكن هناك كثيراً من المعلومات المُتاحة، لذلك أصبحت أعتمد كثيراً على التكهن والتخمين، قمتُ بتجربة حَقن الأنسولين وتناول الطعام في أوقات مُختلفة من التمرين. وكنت أسعى دائماً للمحافظة على مستويات ثابِتة لسكر الدم طوال فترة التمرين. “لقد تعلَّمت كثيراً حول كيفية استجابة الجسم لمختلف أنواع الأنشطة والأطعمة المتنوعة. على سبيل المثال، فإن السباحة لمدة ساعة واحدة تميل إلى خفض مستويات سكر الدم لديّ بحوالي 3 ميلي مول/الليتر. لذلك إذا بدأت السباحة بمستوى سكر دم يعادل 5.6، أتوقع أننّي بحاجة إلى تناول بعض الأطعمة في منتصف السباحة”. “كحال أي مريض بالسكري، فإنّني أعلم عند ارتفاع مستويات سكر الدم بشكل كبير، فعندها أشعر بالتعب والعطش، وسوف تزداد سرعة ضربات قلبي بشكلٍ كبير. أمّا إذا انخفضت مُستويات السكر بشكلٍ كبير، فإنّني سأشعر بالتعب ونقص الطاقة. لن تكون الأمور على ما يرام في أي من الحالتين عند ممارستي الركض أو السباحة أو ركوب الدراجة بأسرع ما يمكن.”
هل واجهتك مشاكل في السباقات الأولى؟
“نعم، خلال أول مشاركة لي بالماراثون الثلاثي، توّقفت لفتراتٍ متقطعة وبدأت بقياس مُستويات سكر الدم لدي. ومن الواضح أن هذا ليس وضعاً مثالياً: فـ 30 ثانية في الماراثون الثلاثي قد تكلف المتسابق خمس مراتب. “استغرق الأمر ما يقارب الثلاث سنوات لإيجاد نظام غذائي مناسب لحالتي. ولم يشمل ذلك التوقف لإجراء الفحوص أو حقن الأنسولين خلال السباق. على سبيل المثال، في سباق الماراثون الثلاثي السريع أقوم بالسباحة لمسافة 400 متر. ثم أركبُ الدراجة لـ13 ميلاَ، ثم أركض 3 أميال إضافية. وكانت مستويات سكر الدم في بداية السباق تعادل حوالي 5.6، وهو مستوى ممتاز، لكنها أصبحت في نهاية السباق تتجاوز 19 أو 20. “لذلك قرَّرت أخذ مقدار أقل من الأنسولين طويل المفعول (المديد) وعوضاً عن ذلك آخذ جرعة من الأنسولين قصير المفعول قبل السباق مباشرةً. منعَ هذا من ارتفاع مستويات سكر الدم لديّ لدرجات عالية. لكنه بدأت بعد ذلك بالتعرض لهبوط سكر الدم، حيث أصبح سكر الدم لديّ منخفضاّ جداً.”
هل حصلت الآن على نظام مناسب؟
“نعم، استطعت في عام 2005 الوصول إلى نظامٍ مُناسب للأنسولين. في تلك السنة، شاركت بحوالي ثمانية سباقات. كان أفضلها حين مَثَّلت فريق المملكة المتحدة في البطولة العالمية في هاواي. كان ذلك شعوراً عظيماً. “النظام الذي أتّبِعهُ مختلف ويعتمد كثيراً على السباق. ففي بطولة الماراثون الثلاثي السريع، آخذ 15 وحدة من الأنسولين طويل المفعول في الليلة التي تسبق السباق. وفي الصباح، آخذ حوالي 15 إلى 20 وحدة إضافية من الأنسولين طويل المفعول قبل ساعتين من السباق، لأن أنسولين الخلفية يحتاج إلى ساعتين ليبدأ بالتأثير. وبهذه الطريقة، إن بدأت السباق بمستوى السكر في الدم يعادل 5.6، سيصبح في النهاية حوالي 6.4. أصبحت الآن أعلم جيداً أن بإمكاني الاعتماد على هذا النظام. “لا آكل الطعام بشراهة قبل السباق، فتناول الطعام بقدر قليل ومتكرر يعد جيداً. أحمل معي غالباً وجبة خفيفة وأتناول كميات قليلة كل 30 دقيقة من السباق للمحافظة على رفع مستوى الغلوكوز الخاص بي. “لكن يحتاج الأشخاص الآخرين المصابين بالسكري لإيجاد ما يناسبهم. الشيء المهم معرفته أنه من الممكن ممارسة الرياضة لدى مرضى السكري، وأن هناك فوائد فيما وراء الرياضة. وبمجرد معرفة المصاب لاستجابة جسمه للنشاط والطعام، فإن هذا يساعده على التحكم بمستويات السكر على مدار اليوم.”
كيف يمكن للأشخاص الآخرين المصابين بالسكري أن يجدوا نظاماً يناسبهم؟
“كانت طريقتي معتمدة على التخمين والتكهن. لكن حالياً أصبح يوجد مصادر جيدة للمعلومات التي يمكن أن تساعد. بامكانك اللجوء الى المختصين، أو الى قراءة بعض المنشورات حيث يوجد فيه الكثير من الأفكار المختصرة والنصائح حول كيفية ضبط السكري خلال جميع أنواع النشاط البدني”.
ما هو يوم التدريب النموذجي الآن؟
“أصبحت أذهب باكراً للسباحة لمدة 30 دقيقة في الساعة 6.30 صباحاً. ولا آكل الطعام قبل السباحة، وكذلك افحص سكر الدم قبل السباحة، لمعرفةِ ما إذا كنت بحاجةٍ لتناول الطعام في منتصف السباحة”. “أذهب بعد العمل لممارسةِ الركض لمدة 90 دقيقة. وكذلك مجدداً يجب أن أختبر سكر الدم مُقدَّماً وضبط ما الذي يجب تناوله وفقاً لذلك. دائماً أحضر معي الطعام خلالَ الركض، في حالِ انخفض سكر الدم لدي بشكلٍ كبير. ومثالياً، يتوجب عليك جلبُ عدة الأنسولين دائماً، ولكن أصبح لدي خبرة كافية لمعرفة أن مُستويات السكر لديّ لن ترتفع بشكل كبير، لذلك لم أعد أحتاج إلى العدة بعد الآن.”
نصائح حول رياضة الجري لمرضى السكري.
هل هناك حاجة للالتزام بنظام غذائي خاص؟
“ليس هكذا تماماً. فأنا لا آكل البرغر أو البطاطا المقلية أو الكاري. وإنما أتناول فقط الطعام الصحّي، لكن دون التقيد بنظام غذائي خاص. مع الإصابة بالسكري، يتوجب على المريض أن يكون على درايةٍ كاملة بالعواقب المحتملة لما يأكل. يمكنك تناول القليل من الشوكولاتة أحياناً، لكن إذا أكثرت من ذلك ستعلم جيداً أن مستويات السكر لديك سترتفع لدرجة كبيرة جداً.” ماذا توجه رسالة إلى الرياضيين الآخرين المصابين بالسكري؟ “أعتبر بذاتي نموذجاً بأن الأشخاص المصابين بالسكري يستطيعون ممارسة الرياضة عالية المستوى. ومع ذلك يجب على المصاب إيجاد النظام المناسب له وبعد ذلك عليه اتباعه والالتزام به جيداً”.
المرجع : webteb.com