الغدة الدرقية: صغيرة جدا، لكنها مهمة للغاية!
يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقيةالى فرط التعرق, سرعة النبض, عيون بارزة جدا، وغير ذلك. نقص نشاط الغدة الدرقية يؤدي لزيادة في الوزن، انخفاض النبض وتدني الحالة المزاجية. لماذا يحدث هذا وكيف نعالجه ؟
للوهلة الأولى، يبدو أن كل شيء طبيعي في حياة أ.على الرغم من أنها شعرت ببعض التغيرات في الأشهر الأخيرة من حياتها، ولكن هذه التغييرات، كما كان يبدو لها, كانت تغييرات حسنت حياتها. شعرت بحيوية خاصة. على الرغم من أنها عملت في ورديات ليلية، وعندما كانت تذهب إلى النوم، كانت تستيقظ بعد ثلاث – أربع ساعات فقط, حيوية ومليئة بالطاقة لمواصلة مهام اليوم، كما لو انها نامت ثماني أو عشر ساعات متواصلة. من ناحية أ. لم يشكل ذلك أي مشكلة. على الرغم من أنها شعرت في بعض الأحيان برجفة خفيفة في اليدين وبدا لها أنها كانت تتعرق أكثر قليلا من المعتاد، ولكن هذه الأعراض لم تظهر لها كشيء غريب يجب الاشتباه به. على العكس من ذلك، فقد كان لهذا الوضع ميزة ايجابية: بدأت بخفض وزنها ونجحت في ذلك أكثر بكثير من كل الحميات الغذائية المختلفة التي جربتها خلال حياتها.
الانهيار حصل فجاءه حيث تداعت صحتها في صباح أحد الأيام وشعرت بتعب وضعف عام حاد الى درجة عدم القدرة على الخروج من السرير. وقد لاحظ الطبيب الذي فحصها على الفور التورم في الغدة في العنق وفي عينيها التي بدت بارزة بشكل خاص. نتائج فحص الدم أكدت مخاوفه: فقد تبين أن مستوى هرمون T4 (الثيروكسين) أعلى قليلا وهرمون ال- TSH الذي يفرز من الغدة النخامية ويؤثر على إفراز هرمونات الغدة الدرقية، منخفض – وكان مما لا شك فيه انها تعاني من حالة فرط نشاط الغدة الدرقية.
في هذه الحالة يعمل الجسم كل الوقت بوتيرة عالية. النبض سريع، كل عمليات التمثيل الغذائي في الجسم تكون أسرع، على الرغم من أن المصابين بهذه الحالة يشعرون بحيوية أكثر، ولكن المشكلة هي كم من الوقت يستطيع الجسم أن يعمل بوتيرة عالية – في نهاية المطاف يتعب الجسم ويحدث الانهيار.
الغدة الدرقية: صغيرة – لكنها مهمة
الغدة الدرقية موجودة في الرقبة. وهي غدة صغيرة جدا، وزنها بضعة غرامات فقط، في الفحص العادي والوضع الطبيعي، لا يمكن تقريبا الاحساس بها عند لمسها. الغدة تفرز هرمون يسمى “الثيروكسين”، وهو ضروري للحياة. في الدم يتحول معظم الثيروكسين الى هرمون يدعى “T4” ولمادة نشطة تدعى “T3“. ال- T3 يدخل الى داخل الخلايا، ويرتبط بداخلها بمستقبلات خاصة ويعمل على تحديد وتيرة التمثيل الغذائي في الجسم وبناء البروتينات
أهمية وظيفة الغدة الدرقية في حياتنا اليومية كبيرة جدا. إذا كانت الغدة تعمل بوتيرة سريعة، فإن التمثيل الغذائي في الجسم يكون أسرع، النبض أسرع، مما يؤدي إلى فقدان الوزن . في حالة فرط النشاط يمكن أن يصل النبض الى 100 وحتى 120 نبضة في حالة الراحة، دون أن نلاحظ ذلك. العكس تماما سيحدث إذا عملت الغدة بوتيرة بطيئة، فإن كل الجسم سيعمل بوتيرة منخفضة.
هاتان الحالتان – فرط نشاط الغدة الدرقية ونقص نشاط الغدة الدرقية، هما الحالتان المرضيتان الشائعتان والمرتبطان باضطراب نشاط الغدة الدرقية. مثل معظم الأمراض الهرمونية، التي تصيب النساء أكثر من الرجال، أيضا فإن نسبة حدوث أمراض الغدة الدرقية لدى النساء تزيد بأربع مرات منها لدى الرجال. يقدر أن نحو 1٪ – 2٪ من النساء يعانين منها. غالبا ما يكن من المراهقات والشابات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 16-30، ولكن أيضا كبار السن قد يصابون بالمرض وأيضا الأطفال.
يتم التحكم في الغدة الدرقية بواسطة هرمون يسمى TSH والذي يفرز من الغدة النخامية. عندما يصل هرمون ال- TSH الى الغدة يحفزها على افراز هرمون ال- T4 (“الثيروكسين”)، وهو يستخدم أيضا كعامل لنمو الغدة. أي أن ال- TSH يتحكم ويحدد عدد خطوط الإنتاج في الغدة وكمية هرمون ال- T4 التي تنتج في كل واحد منها. ال- T4 بدوره، يؤثر أيضا على افراز ال- TSH، كنوع من رد الفعل السلبي – كلما زاد مستوى ال- T4، كلما قل افراز ال- TSH والعكس صحيح.
فرط نشاط الغدة الدرقية (فرط نشاط الدرق)
هي الحالة التي تفرز الغدة فيها هرمون T4 أكثر من المطلوب, وهذا المرض هو الأكثر شيوعا في الغدة الدرقية، والذي يسمى أيضا المرض على اسم “جريفز” (Graves).
أسباب فرط نشاط الغدة الدرقية والتي تسمى أيضا فرط نشاط الدرق هي: مرض “جريفز” وهو السبب الأكثر شيوعا لفرط نشاط الغدة الدرقية. هو أحد أمراض المناعة الذاتية الذي يحدث بسبب التمييز الخاطئ للجهاز المناعي الذي يميز مستقبلات ال- TSH، والموجود في كل خلية, كعدو ويبدأ في إنتاج أجسام مضادة ضده. لكل هرمون يوجد بصمة فريدة من نوعها تسمح بارتباطه بمستقبلات معينة، ولكن لهذه الأجسام المضادة يوجد بصمة “مزيفة”، والتي تسمح بارتباط الأجسام المضادة بمستقبلات TSH. وجود الأجسام المضادة يحفز المستقبلات ويسبب لها العمل وإنتاج T4 كما لو كان ال- TSH موجودا. في نفس الوقت، بما ان نظام مستقبلات TSH يستخدم أيضا كعامل نمو، فالغدة تنمو. بالمناسبة، للأجسام المضادة أيضا دور في التسبب في جحوظ العينين المميز لهذا المرض.
سبب آخر لفرط نشاط الغدة الدرقية يسمى ” Toxic Goiter” (تضخم الغدة الدرقية السامة) وهو شائع لدى كبار السن (غالبا، لدى النساء فوق سن ال 50). في هذه الحالة تنمو الغدة تدريجيا، وغالبا ما يكون ذلك بسبب تغيير (طفرة) في مبنى مستقبلات ال- TSH، الذي يؤدي إلى عملها دون انقطاع. حالة أخرى تؤدي لفرط نشاط الغدة الدرقية هي الورم الحميد في الغدة الدرقية، الذي يدعى “ورم غدي”، والذي يؤدي الى زيادة كبيرة في انتاج هذا الهرمون. في معظم الحالات، يمكن تمييزه عن طريق لمس الورم في الغدة وملاحظة بقية الأعراض الخارجية لفرط نشاط الدرق.
في بعض الأحيان يحدث فرط نشاط الدرق بسبب العلاج الدوائي، مثل اعطاء الأميودارون (دواء لعلاج عدم انتظام ضربات القلب)، الذي يحتوي على كمية كبيرة من اليود، أو بعد اجراء فحص التصوير (مثل الأشعة المقطعية أو تصوير الأوعية)، وذلك بسبب استخدام مواد التصوير التي تحتوي على كمية عالية من اليود. بما ان 95٪ من أجسامنا تستهلك اليود المستخدم من قبل الغدة الدرقية، ففي حالات معينة، اليود الزائد يتراكم في الغدة، وربما يؤدي لفرط نشاط الغدة الدرقية. السبب الخامس الذي يجدر ذكره، هو مرض يسمى “التهاب النقص الدرقي الحاد” الناجم عن ضرر فيروسي في الغدة. بسبب الضرر لخلايا الغدة فالهرمونات التي في داخلها تتحرر الى الدم وينجم عن ذلك فرط نشاط الدرق. يشكو معظم المرضى من آلام الرقبة و / أو حساسية موضعية في منطقة الغدة، بسبب الالتهاب في الغدة. هذه هي حالة مؤقتة من فرط النشاط الدرقي، وهذه الظاهرة غالبا ما تختفي مع زوال التلوث الفيروسي. الحالة يمكن أن تعود إلى وضعها الطبيعي أو تؤدي الى حالة نقص نشاط الغدة الدرقية، تبعا للضرر في خلايا الغدة وقدرتها على التعافي.
كيف يتم تشخيص فرط نشاط الغدة الدرقية؟
التشخيص الأولي يكون بناء على الشكاوى السريرية للمريض والفحص البدني. بالنسبة لمرض جريفز – يمكن تمييزه من خلال جحوظ العينين وتضخم الغدة الدرقية. بالإضافة إلى ذلك، يجب اجراء اختبارات الدم الهرمونية لتحديد مستويات ال TSH و T4. بالإضافة إلى ذلك، يمكن فحص مستوى الأجسام المضادة ضد مستقبلات TSH. هذه الاختبارات يمكنها تأكيد أو دحض التشخيص الأولي. كجزء من التحقيق أحيانا يتم أيضا اجراء فحص المسح الاشعاعي، مما يسمح برؤية مبنى الغدة وفحص وتيرة استيعاب اليود.
كيف يتم علاج فرط نشاط الغدة الدرقية؟
مرض جريفز نفسه ينبع من انتاج أجسام مضادة ضد مستقبلات TSH، التي تحفز نشاطه. على الرغم من أنه كان من المناسب توجيه العلاج ضدها، إلا ان هذا الخيار يترك للحالات الخاصة فقط. وقف إنتاج الأجسام المضادة يتطلب اعطاء الاستيروئيدات، مثل الكورتيزون. ولكن، مع مرور الوقت، فالاستيروئيدات قد تعيق انتاج الأجسام المضادة الأخرى التي يحتاجها الجسم. لذلك عمليا، نحن نعالج الأعراض، والعمليات المتعلقة بالغدة نفسها.
علاجات فرط نشاط الغدة الدرقية هي:
علاج أعراض النشاط الهرموني . بما ان زيادة انتاج هرمونات T4/T3 تزيد وتيرة ضربات القلب (النبض)، لذلك لإبطاء النبض يتم إعطاء أدوية مثل “دارلين”، الذي يعمل على منع عمل الأدرينالين.
الأدوية التي تعمل على منع دخول اليود الى الغدة، مثل “بروبيل ثيورتسيل” ((PTU أو “مركبتزول”. العلاج لا يؤدي إلى الشفاء، وفي حوالي 50٪ من الحالات قد يعود المرض. بالإضافة إلى ذلك، فإن لهذه الأدوية أيضا آثار جانبية، مثل خفض تعداد الدم، اضطراب وظائف الكبد، الطفح الجلدي والحكة أو تورم المفاصل. لذلك كثيرا ما يوصى بعلاج يؤدي لتدمير الغدة الدرقية.
العلاج ال “نهائي “. اعطاء اليود المشع الذي يدخل الى خلايا الغدة الدرقية، ويؤدي الى التدمير الكامل لخلايا الغدة الدرقية. اليود المشع لا يسبب زيادة نسبة الاصابة بالأورام الخبيثة أو لأضرار على المدى الطويل وهو علاج شائع وفعال جدا. مع ذلك، بما ان العلاج يؤدي إلى نقص نشاط الدرقية، لذا يجب بعده أخذ الهرمون البديل لمدى الحياة.
الاستئصال الجراحي للغدة. نادرا ما يتم تنفيذه وفقط في حالات خاصة.
هل من الممكن العيش من دون الغدة الدرقية؟
لا يمكن العيش من دون هرمون الثيروكسين الذي يفرز من الغدة. لذلك، عندما يتم استئصال الغدة أو تعطيلها، يتم اعادة الهرمون للمريض بواسطة حبوب (Eltroxin) مرة واحدة في اليوم. يجب ضبط الجرعة وأخذ الحبوب مدى الحياة.
هل يمكن أن يشفى فرط نشاط الغدة الدرقية من تلقاء نفسه؟
كمرض من أمراض المناعة الذاتية يوجد لمرض ال”جريفز” صعود وهبوط، والأعراض على ما يبدو يمكن أن تزول من تلقاء نفسها. لكن، نحن نتدخل لمنع الحالات الخطرة، مثل الرجفان الأذيني في القلب، عدم انتظام ضربات القلب، النبض غير السليم، الخ. لا نعرف متى ستزول موجة فرط النشاط – لذا يوصى بأخذ العلاج.
نقص نشاط الدرق:
يسمى هذا المرض أيضا “هاشيموتو“، على اسم الباحث الياباني الذي اكتشفه، وهذا هو أحد أمراض المناعة الذاتية التي يميز فيها الجسم جزء معين داخل خلية الغدة الدرقية كعدو. وبالتالي فإن الجهاز المناعي يهاجم الخلايا ويسبب الدمار التدريجي للغدة، دون القدرة على التعافي. بالطبع، في هذه الحالة تنتج الغدة كمية أقل من هرمون ال- T4 ونتيجة لذلك، كل عملية التمثيل الغذائي (الأيض) في الجسم تكون منخفضة.
علاج نقص نشاط الغدة الدرقية (نقص نشاط الدرق)
نعيد للجسم هرمون T4 بواسطة حبوب ال “الكتروسين” , الذي هو الهرمون الاصطناعي والذي يأخذ مرة واحدة يوميا. الآثار الجانبية – تقريبا لا تتواجد ومعظمها يحدث بسبب الجرعة العالية، والتي يعبر عنها بشكاوى حول فرط النشاط – مثل تسارع ضربات القلب، الشعور بالحرارة والتعرق. ظواهر مثل الطفح الجلدي أو الحكة نادرة نسبيا. بعض الناس يكون لديهم خللا في امتصاص الدواء في الجهاز الهضمي. في مثل هذه الحالات الفردية يتم استخدام حبوب الهرمون الاصطناعي (T3)، والذي يجب أن يؤخذ ثلاث مرات في اليوم.
هل من الممكن الشفاء من المرض بشكل عفوي؟
عند بدء التدمير ليس لدينا أدوات لوقف هذه العملية. “هاشيموتو” يأتي على شكل موجات، يمكن أن تكون حالة مؤقتة من فرط نشاط الدرق الطفيف ومن ثم نقص نشاط الدرق، مثل النزول الذي يتخلله بعض الصعود، ولكن المحصلة تكون نحو الهبوط.
من ينبغي أن يخضع لفحص ال- TSH؟
للجميع. لا حاجة للقيام بذلك كل شهر، ولكن يجب اجراء ذلك كفحص دوري. يوصى بشدة طلب اجراء الفحص، لأنه فحص دم بسيط وليس معقد.
العلامات المثيرة للشك للإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية.
زيادة اليقظة أو التعب، العصبية دون أي سبب ملموس، فرط التعرق، النبض السريع جدا, رجفة طفيفة جدا في اليدين، تغييرات غير مفهومة في السلوك، فقدان الوزن دون اتباع أي حمية غذائية، جحوظ العين، تضخم الغدة في الرقبة.
العلامات المثيرة للشك للإصابة بنقص نشاط الغدة الدرقية
التمثيل الغذائي (الأيض) في الجسم منخفض، النبض منخفض، الحالة المزاجية تميل نحو الاكتئاب، الشعور بالبرد بالنسبة للآخرين، زيادة الوزن والسمنة. لدى النساء قد تحدث اضطرابات في الدورة الشهرية الى درجة عدم القدرة على الحمل.
هل هناك بدائل طبيعية للعلاج الدوائي لمشاكل الغدة الدرقية؟
ليس هناك علاجات كهذه. لا أوميغا 3، ولا المعالجة المثلية. بعض المصابين بفرط نشاط الدرق يحكون عن ينابيع طبية في جمهورية التشيك، حيث أن شرب المياه منها أحدث لديهم العجائب وشعروا أفضل بكثير بعد ذلك. وهم محقون في ذلك! فعند فحص محتوى المعادن في المياه هناك، وجد أن بعضها تحتوي على اليود أو الليثيوم – معادن التي تمنع بشكل مؤقت دخول اليود. وعندها من يعاني من فرط نشاط الدرق يشعر حقا بشكل أفضل بعد شرب هذه المياه.، ولكن بعد فترة وجيزة من مغادرته المكان، يختفي التأثير ويعود الشعور السيئ. التأثير سوف يختفي حتى لو استمر في شرب الماء، لأن الجسم يشعر بخدعة اليود الخارجية.
المرجع : webteb.com