صحة الامهات العازبات
وجدت دِرَاسَة عالميةٌ كبيرة -تضمنت 25,000 اِمَرأَة صلةً بين الأمَّهَات العَازِبَات اللواتي عمرهن من الـ 16 وال 49 سنة وسوء الصحة في عمر متأخِّر
تخبرنا الـديلي تلغراف (Daily Telegraph) بأنَّ: “الأمَّهَات العازبات في انكِلترَا أكثر عرضةً للمعاناة من الصحّة السيّئة في عُمرهن المُتأخِّر بسَبَب عدم دَعم عائلاتهنَّ لهنَّ “.
تلك هي نصف الحقيقة، حيث وجدت دِرَاسَة عالميةٌ كبيرة – تضمنت 25,000 اِمَرأَة من اِنكِلترَا والوِلَايَات المُتَحِدة بالإضافة لـ 13 بَلَدٍ أوروبيٍ- وبغض النظر عن العنوان الرئيسي، صلةً بين الأمَّهَات العَازِبَات اللواتي عمرهن من الـ 16 والـ 49 سنة وسوء الصِحَة في عمر متأخِّر. لكن لم تجد هّذِه الدِرَاسَة أنَّ السبب هو عدم دَعم عوائلهنَّ لهن.
يبدو أنَّ البَاحِثين دَعموا هذا الادعاء بعد اكتشافهم له أثناء إجراء الدِرَاسَة. ووجدوا أنَّ المخاطر الصِحيَّة كَانَت أكثر وضوحاً في بُلدَان أوروبا الشمالية والوِلَايَات المُتَحِدة. في حين كَانَ الخَطَر في بُلدَان أوروبا الجنوبية أقل.
خَمَن البَاحِثون أنَّ ذلك كَانَ بسَبَب وجود تقاليد خدمات الدَعم الاجتماعيّة غير الرسمية في بُلدَان أوروبا الجنوبية، حيث يقوم الأجداد والعمّات والخالات والأعمام والأخوال وأبنائهم وباقي أفراد العائلة بواجبات رعايةِ الطفل. أو كما تقول الحكمة “يتطلب الأمر قريةً كاملة لتربية طفلٍ”.
مع أنّ هّذِه الفرضية منطقية إلا أنها لم تُثبَت ولم تكن مدعومةً بأيِّ بَيَانَاتٍ معتمدةٍ جديدةٍ حول الدَعم الاِجتِماعِي كجزءٍ من الدارسة.
كَانَت الدِرَاسَة كبيرةً جداً ومتنوعة لذلك كَانَت تبدو صلة صِحَة الأمَّهَات ممثلةً للواقع تماماً. وعلى أيَّ حالٍ، فإنَّ الأسبَاب والمسَبَبات خلفها ما زالت قيد التقصي.
كيف تمت الدِرَاسَة؟
أجريت الدِرَاسَة من قبل بَاحِثين من جامعات الوِلَايَات المُتَحِدة والصِين والمَملَكة المُتَحِدة وألمانيا وموّلَت من قبل المعهد الوطني للشيخوخة في الوِلَايَات المُتَحِدة.
نشرت الدِرَاسَة في مجلة الوبائيات والصِحَة العَامة المحكمة طبياً.
عموماً كَانَ تقرير وسائل الإعلام دقيقاً بشكل جزئي، حيث أخذ النَتيجَة الإجمالية حول الدَعم الاِجتِماعِي في المعنى الظاهري. وكَانَت الصّلة بين الأمومة العازبة والأمراض المتأخرة مدعومةً من قبل هّذِه الدِرَاسَة، لكن لم تجمع الدِرَاسَة أي مَعلُومَاتٍ حول الدَعم الاِجتِماعِي، لذلك فإنَّ هذا الشرح، على الرغم من منطقيته، لم يستند إلى دليلٍ مباشرٍ.
ما نوع هذا البَحث؟
استقصت الدِرَاسَة فيما إذا كَانَت الأُمُومَة العازبة قبل عُمر الـ 50 ترتبط بصِحَة أقل في عمرٍ متأخِّرٍ، وفيما إذا كَانَت صِحَة تلك النِسَاء أسوأ في البُلدَان المصابة بضعف في “لحمة الأمان العائلي الاِجتِماعِي”. وللقيام بهذا التَحلِيل جُمِعت البَيَانَات من دراساتٍ سابقة ومن الدراسات الطولانيّة من 15 بَلَداً.
قال البَاحِثون بأنَّه من المعروف إصابة الأمَّهَات العَازِبَات بضعفٍ أكبر في الصِحَة، لكن من غير المعروف فيما إذا كَانَ ذلك مشتركاً بين البُلدَان.
يعتبر تَحلِيل البَيَانَات المجموعة مسبقاً طريقةً عمليّةً وشرعيّةً للدارسة. المعوق هو أنَّ المَعلُومَات الأصلية كَانَت مجموعةً لأسبَاب معيّنة والتي عادة تختلف عن أهداف البَحث الذي ستستخدم به لاحقاً. قد يعني ذلك أن بعض المَعلُومَاتِ التي يجب أن تُحلل بشكل مثالي غير موجودة في تلك الدراسات. فلم يحصل البَاحِثون في هّذِه الدِرَاسَة على مَعلُومَاتٍ حول شَبَكَات الدَعم الاِجتِماعِي، والتي يعتقدون أنَّها قد تشرح بعض نَتَائِجهم.
ماذا تضمّن البَحث؟
حلّل فريق البَحث مَعلُومَاتِ الصِحَة ونمط الحَيَاة للأمَّهَات العَازِبَات لـ 50 مجموعة من مسوحاتٍ صِحيَّة كبيرة موجودةً مسبقاً. وثِّقت فيها صِحَة الأمَّهَات العَازِبَات في عُمر متأخرٍ وقورِنت بين 15 بَلَدٍ.
توافرت بَيَانَات عن 25,125 اِمَرأَة مسَنَة تجاوز عُمرهنّ الـ 50 واللواتي شاركنَ في دِرَاسَة الصِحَة والتقاعد الأمريكية؛ أو الدِرَاسَة الإنكليزية الطولانيّة للشيخوخة؛ أو مسح الصِحَة والشيخوخة والتقاعد في أوروبا (SHARE). ومُثِّل في هّذِه الدِرَاسَة13 بَلَد من أصل 21 أوروبي (الدنمارك والسويد وأستراليا وفرنسا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا وإسبانيا واليونان وبولندا وجمهورية التشيك) جُمِعت منهم مَعلُومَاتٍ ذات صلة.
وبإضافة الوِلَايَات المُتَحِدة والمَملَكة المُتَحِدة يصبح عددها 15 بَلَداً مشاركاً في هّذِه الدِرَاسَة.
استخدم البَاحِثون بَيَانَاتٍ عن عددِ الأطفال، والحَالَة الزوجية ووجود أيّ قيودٍ على قيام النِسَاء بنشاطات الحَيَاة اليومية (ADL)، مثل النظافة الشخصية وارتداء الملابس، والنشاطاتِ اليوميّةِ الحركيّةِ (IADL)، كالقيادة والتسوق. كما صَنَّفت النِسَاء صحتهنَّ شخصيَّاً.
عُرِّفَت الأُمُومَة العَازِبَة بتربية المَرأَة لطفلٍ تحت عُمر الـ 18 مع كونها غير متزوجةً بدلاً من الحياة مع شريك.
ما هي النَتَائِج الأساسيّة للبَحث؟
ارتبطت الأُمُومَة العَازِبَة بين عُمر 16 و 49 بصِحَة أقل وعجزٍ في عمر متأخِّرٍ في عديدٍ من الأقطار. وكَانَت المخاطر هي الأعظم في كل من اِنكِلترَا والوِلَايَات المُتَحِدة والدنمارك والسويد.
عموماً فإن 22% من الأمَّهَات الانكليزيات واجهنَّ أُمُومَة عَازِبَةً قبل عُمر الـ 50، مقارنةً مع 33% في الوِلَايَات المُتَحِدة، و38% في إسكندنافيا، و22% في أوروبا الغربية و10% في أوروبا الجنوبية.
وفي حين تملك الأمَّهَات العَازِبَات خَطَراً عالياً للإصابة بضعف الصِحَة والعجز في عمر متأخِّرٍ مقارنةً مع الأمَّهَات المتزوجات، فإنَّ ارتباط ذلك ببعضه يختلف بين البُلدَان.
على سبيل المثال، كانت معدلات الخَطَر لحدوث موانع القيام بنشاطات الحياة اليومية ADL مهمةً في اِنكِلترَا وإسكندنافيا والوِلَايَات المُتَحِدة لكن لم تكن مهمةً في أوروبا الغربية، والجنوبية والشرقية.
إنّ النساء اللواتي كُنَّ أمّهاتٍ عازباتٍ قبل عُمر العشرين، أو كُنَّ كذلك لأكثر من 8 سنواتٍ، أو مطلقات أو حملنَ بطفل من غير زواجٍ، لديهنَّ خَطَر أعلى لسوءِ الصِحَة.
كيف فسر البَاحِثون النَتَائِج؟
استنتج البَاحِثون: “أنّ الأُمُومَة العَازِبَة خلال البلوغ المبكر أو خلال منتصِف سِنِّ الرُشد ترتبط مع ضعفٍ في الصِحَة في عمر متأخِّر. وكَانَت الأخطار الناتجةُ عن ذلك هي الأعظمُ في اِنكِلترَا والوِلَايَات المُتَحِدة وإسكندنافيا”.
وعلى الرغم من عدم امتلاك بَيَانَاتٍ جيدةٍ لتأييد تلك النَتيجَة، فقد اقترح البَاحِثون أنَّ الدَعم الاِجتِماعِي والشَبَكَات الاِجتِماعِيَّة يُمكِن أن تشرح جزئياً تلك النَتَائِج. فعلى سبيل المثال، لم ترتبط بعض المناطق مثل أوروبا الجنوبية – التي يقول عنها البَاحِثون أنَّ فيها تأكيد ثقافي قوي على الروابط العائلية- بأخطارٍ أكبرَ على الصِحَة.
كما أضافوا: “تحدّد نَتَائِجنا جمهرة الأمّهات المعرَّضات لذلك. فالنِسَاء اللواتي عانين من أُمُومَة عَازِبَةٍ طويلةٍ واللواتي نتجت أمومتهن العَازِبَة عن الطلاق واللواتي أصبحن أمَّهَات عَازِبَات في عُمر مبكرٍ والأمَّهَات العَازِبَات اللواتي لديهن طفلان أو أكثر، كنَّ بخَطَر محدقٍ أكثر من غيرهنّ.”
الخلاصة:
تربط هّذِه الدِرَاسَة الاستعاديّة على 25,000 اِمَرأَة بين الأُمُومَة العَازِبَة في أعمار بين 16 والـ 49 وزيادةِ سوء الصِحَة في عمر متأخِّر. ولا يعتبر ذلك نَتيجَة جديدة. الجديد هو تغير هذه الصلة بين بُلدَانٍ مختلفةٍ. وقيّمت المخاطر فكَانَت الأعظم على سبيل المثال في اِنكِلترَا والوِلَايَات المُتَحِدة وإسكندنافيا، وكَانَت أقل ثباتاً في مناطق أوروبا الأخرى.
اعتقد فريق البَحث أن ذلك قد يكون ناتجاً عن اختلاف دَعم الشَبَكَات الاِجتِماعِية للأمَّهَات العَازِبَات في تلك البُلدَان المختلفة، مثل قدرة الاعتماد على العوائل الضخمة. لكن لم يكن لديهم بَيَانَات لدَعم ذلك الشك مباشرةً. كما لم يكن لديهم مَعلُومَات حول ذلك، كالحَالَة الاِجتِماعِيَّة الاقتصادية والدَعم الاِجتِماعِي -أو شَبَكَات الدَعم الاِجتِماعِي-خلال فَترَة الأُمُومَة، لذلك لم يتمكنوا من تَحلِيل فيما إذا كَانَت تلك أسبَاباً مهمةً. كما لم يعلموا حالة النِسَاء المصنفات كعَازِبَات، والذي يُمكِن أن يؤثر على النَتَائِج.
من المحتمل أن ترتبط الحَالَة الصِحيَّة في عمر متأخِّرٍ بعددٍ معقدٍ من العوامل المترابطة. فكون المَرأَة أُمّاً عَازِبَةً شيء، وشَبَكَات الدَعم الاِجتِماعِي شيءٌ آخر. لكن اعتماداً على هّذِه الدِرَاسَة لا نعلم ذلك يقيناً حتى الآن، ولا نعلم الآليات الكامنة وراء ذلك والتي تجعل الصِحَة أسوأ.
يُمكِن أن تكون الدراسات التي تجمع مَعلُومَاتٍ على مستوياتِ الدَعم الاِجتِماعِي بجانب نَتَائِج الصِحَة للأمَّهَات العَازِبَات قادرةً على إخبارنا فيما إذا كَانَ هذا محتمل الحدوث، لكن الحصول على هّذِه البَيَانَات قد لا يكون سهلاً.
المرجع : webteb.com