تاثير مرض الربو على الطفل وعائلته
كيف تتكيف العائلة مع إصابة ابنها بالربو وتفهم طبيعة المرض والعوامل المثيرة للنوبة الربوية وتتعاون مع الطبيب
ما هـو الربـو؟
هو مرض تنفسي التهابي مزمن يصيب الطرق الهوائية التي تصبح أثناء نوبة الربو ملتهبة، متورمة ومتشنجة مما يجعل دخول الهواء وخروجه صعباً.
كيف يحدث التنفس الطبيعي؟
عندما يتنفس الطفل السليم فإن الهواء يدخل من الأنف أو الفم إلى الرغامى ومنها إلى القصبات الرئيسية ثم القصبات الأصغر فالأصغر (الشجرة القصبية) حيث ينتهي إلى الأسناخ الرئوية وهي الأكياس الهوائية التي تقع في نهاية أصغر القصيبات، وفيها يتم تبادل الغاز بين الرئة والدورة الدموية حيث يمر الأكسجين من الأسناخ إلى الأوعية الشعرية المحيطة بها ويمر غاز ثاني أكسيد الكربون من الأوعية الشعرية إلى الأسناخ ليتم نقله بالطريق العكسي ليطرح خارج الجسم عن طريق الزفير.
ما هي القصبات الهوائية؟
هي أنابيب تنقل الهواء من الرغامى إلى الرئة حيث تتشعب الرغامى إلى القصبتين الرئيسيتين اليمنى واليسرى وكل قصبة رئيسية تتشعب إلى قصبات أصغر قطراً، ويستمر هذا التفرع حتى تصبح القصبات صغيرة القطر جداً. وندعو مجموع القصبات المتفرعة بالشجرة القصبية وتتكون القصبة من جدار غضروفي خارجي وطبقة من العضلات الملساء، البطانة المخاطية وغدد تفرز المخاط.
من يصاب بالربو؟
يمكن أن يصاب أي شخص بالربو فهو مرض منتشر في كل أنحاء العالم بغض النظر عن العرق، الثقافة، العمر أو الجنس.
متى يحدث الربو عند الأطفال؟
يحدث الربو عند 10-15% من الذكور و 7-10% من الإناث، وإن 80-90% من الأطفال المصابين بالربو تبدأ أعراضهم قبل عمر 4-5 سنوات.
ما هي أنواع الربو؟
هناك نوعان رئيسيان للربو هما:
- الربو خارجي المنشأ: الذي له علاقة مع الحساسية لذلك يدعى الربو التحسسي.
- الربو داخلي المنشأ: الذي لا يثار بالحساسية.
ما هو الربو التحسسي؟
ينتشر هذا الشكل من الربو عند الأطفال والمراهقين وهو يختفي عادة مع الوقت ومع تفادي العوامل المثيرة للحساسية.
يكون لدى الأطفال المصابين بهذا النوع من الربو حساسية غير عادية تجاه عدد من العوامل البيئية تدعى العوامل المثيرة للحساسية أو العوامل المهيجة. ومن هذه العوامل غبار الطلع (اللقاح)، الريش وشعر الحيوانات. وعندما يتعرض الطفل لغبار الطلع لأول مرة فإنها تدخل إلى الجسم عن طريق أنفه أو فمه، حيث تنبه الجهاز المناعي وتحرضه على تشكيل أضداد مناعية من نوع IgE، وهذه الأضداد تتوضع على سطوح أنواع معينة من الخلايا ندعوها الخلايا البدينة التي تكون ممتلئة بمواد كيماوية خاصة. وعندما يتعرض الطفل مرة ثانية للعامل المثير للحساسية فإن الأضداد IgE تكون جاهزة وتحرض الخلايا البدينة على تحرير المواد الكيماوية الموجودة في داخلها. وتقوم هذه المواد الكيماوية بإحداث تشنج القصبات وزيادة إنتاج المخاط فيها والوذمة، الالتهاب وحدوث النوبة الربوية.
ما هو الربو الداخلي المنشأ؟
يحدث الربو داخلي المنشأ بشكل خاص عند الأطفال دون عمر 3 سنوات وعند البالغين فوق عمر 30 عاماً، ويكون سببه بشكل رئيسي الالتهابات التنفسية الفيروسية. ولا يبدو أن للعوامل المهيجة البيئية دوراً في هذا النوع من الربو لكن هناك مهيجات أخرى قد تسببه مثل التعرض للهواء البارد أو التعرض لدخان السجائر.
ما هي العوامل الشائعة المهيجة للربو؟
- المواد المثيرة للحساسية: مثل ريش أو شعر الحيوانات، عث الغبار، غبار الطلع، بعض الأطعمة كالفول السوداني، البيض أو السمك.
- التلوث: مثل دخان السجائر، دخان المعامل أو السيارات.
- الالتهابات التنفسية: خاصة الزكام حيث تعتبر السبب الرئيسي لنوبة الربو الحادة عند الأطفال، ومما يثير العجب أن الالتهابات الجرثومية (عدا التهاب الجيوب) لا تثير نوبة ربو عادة.
- عوامل الطقس: مثل الهواء البارد والجاف، الرطوبة العالية أو الرياح التي تثير الغبار أو تنقل المواد المثيرة للحساسية مثل غبار الطلع.
- المواد الكيماوية: مثل الدهانات وأبخرة منتجات التنظيف، رائحة العطور ومبيدات الحشرات.
- التغيرات العاطفية: مثل الضحك الشديد، البكاء، الصراخ أو الخوف فكل ذلك قد يحدث نوبة ربوية.
- التمارين الرياضية: تعتبر التمارين الرياضية العنيفة مثل الجري وكرة القدم عوامل مثيرة لنوبة الربو التي يمكن أن تحدث بعد 5 دقائق من الجهد العنيف ويدعى هذا الربو عادة الربو المحرض بالجهد.
ما هي نوبة الربو؟
عندما يسبب الربو أعراضاً تنفسية مثل السعال، ضيق التنفس والوزيز فإن هذه الأعراض تدعى نوبة الربو. قد تكون نوبة الربو خفيفة وقد تكون متوسطة الشدة أو شديدة مهددة للحياة.
ما الذي يحدث خلال نوبة الربو؟
عند تعرض الطفل المصاب بالربو لأحد المواد المهيجة أو المثيرة لنوبة الربو فإن العمليات التالية تحدث:
1. يزداد إفراز المخاط في القصبات ويكون هذا المخاط لزجاً ويؤدي لانسداد القصبات.
2. تتوذم الطبقة المخاطية وتلتهب ويؤدي ذلـــك إلى تضيــــق لمعـــة القصبة.
3. تتقلص العضلات الملساء المحيطة بالقصبة.
تؤدي التبدلات السابقة إلى تضيق القصبات مما يجعل دخول الهواء عبرها صعباً وهذا ما يجعل الطفل يشعر بضيق التنفس.
ما هي أعراض نوبة الربو؟
قد تكون الأعراض خفيفة جداً وتقتصر أحياناً على السعال وقد تكون شديدة تحتاج للمعالجة في المشفى وأهم الأعراض والعلامات هي:
1. السعال.
2. صعوبة التنفس.
3. الشعور بالضغط على الصدر.
4. الوزيز وهو صوت يشبهه صوت الصفير ينجم عن مرور الهواء في القصبات المتضيقة، قد يكون مسموعاً دون سماعة وقد لا يكشف إلا عند فحص الصدر بالسماعة.
5. زيادة عدد مرات التنفس أو ما ندعوه الزلة التنفسية.
6. من الأعراض الأخرى اضطرابات النوم والتعب (توقف الطفل عن اللعب) وقد يذكر الطفل أن هناك ألماً في صدره وقد يحدث في الحالات الشديدة نقص الأكسجين في الدم مما يؤدي إلى زرقة الشفاه وهي حالة خطيرة تحتاج للإسعاف الفوري.
يشبه العديد من المصابين بالربو نوبة الربو بمحاولة التنفس عبر القش لأنهم يشعرون بصعوبة كبيرة في دخول وخروج الهواء.
قد تدوم نوبة الربو عدة ساعات أو أكثر إذا لم تستخدم أدوية الربو، وعند شفاء النوبة تعود الطرق الهوائية لحالتها الطبيعية ويكون تنفس الطفل بين النوبات طبيعياً وقد تستمر بعض الأعراض لديه مثل السعال.
ما هي العوامل التي تزيد احتمال الإصابة بالربو؟
1. وجود تاريخ عائلي للربو أو الحساسية:
حيث تزداد نسبة إصابة الطفل بالربو إذا كان أحد الوالدين مصاباً وتصل إلى 25%، أما إذا كان الأبوان مصابين فإن النسبة تصل إلى 50%.
2. الإصابة بالحساسية:
لأن العلاقة بين الحساسية والربو قوية جداً فإصابة الطفل بالتهاب الأنف التحسسي مثلاً يزيد من احتمال إصابته بالربو.
3. الرضع والأطفال الصغار:
الذين يحدث لديهم الوزيز مرافقاً للأخماج التنفسية العلوية.
4. التعرض في فترة ما حول الولادة لبعض المواد المحسسة أو لدخان السجائر.
كيف تتم معالجة نوبة الربو؟
قد تكون نوبة الربو خفيفة تعالج في المنزل عن طريق الأدوية التي وصفها الطبيب وقد تكون شديدة تحتاج للمعالجة في المشفى.
وأهم أسس المعالجة هي:
- إعطاء الأكسجين:
إذا كانت النوبة متوسطة أو شديدة وهذا ما يقرره الطبيب. - إعطاء موسعات القصبات:
هي أدوية تعمل على توسيع القصبات المتضيقة، وتعطى عادة عن طريق الاستنشاق (إما مع الأكسجين في المشفى أو عن طريق البخاخ) وبالتالي تصل مباشرة للقصبات ويكون تأثيرها سريعاً. - إعطاء الكورتيزون:
يعمل الكورتيزون ومشتقاته على التخفيف من وذمة المخاطية في القصبات وإنقاص تحرر المواد الكيماوية المسببة لنوبة الربو. - إعطاء السوائل:
تعطى السوائل بكميات كافية إما عن طريق الفم أو عن طريق الوريد. - إعطاء المضادات الحيوية إذا وجد أي التهاب مرافق.
- قد يصف الطبيب أحياناً:
دواء مقشعاً يساعد على إخراج المفرزات المخاطية من الرئة ويخفف من لزوجتها.
كيف تتم الوقاية من الربو؟
1. الابتعاد عن المواد المهيجة أو المثيرة لنوبة الربو قدر الإمكان ومحاولة إصلاح البيئة التي يعيش بها الطفل خاصة داخل المنزل ويتم ذلك بالخطوات التالية:
- الامتناع عن التدخين داخل المنزل وعدم تعريض الطفل لدخان التبغ.
- عدم تربية الحيوانات داخل المنزل (القطط – الكلاب).
- التخلص من عث الغبار أو الإقلال منه عن طريق غسيل الفرش والوسائد بالماء الحار أسبوعياً والتخلص من السجاد أو الموكيت إن أمكن واستخدام بعض المستحضرات التجارية القاتلة للعث.
- تجنب الأشياء الأخرى التي قد تسبب نوبة الربو مثل بعض أنواع الطعام أو الروائح (ملطفات الجو- مبيدات الحشرات.. الخ).
2. التعاون التام بين أهل الطفل المصاب والطبيب المعالج لمعرفة ما الذي يسبب الأعراض ومتى تحدث ومدى سرعة حدوثها وشدتها لأن الأمور السابقة تساعد على وضع خطة تدبير مناسبة للطفل.
3. هناك بعض الأدوية التي تقي من حدوث النوبة قد يصفها الطبيب ويجب الالتزام التام بتعليمات الطبيب حول طريقة ومدة استخدامها.
4. يمكن استخدام مقياس الجريان الأعظمي (Peak flow meter) وهو أداة بسيطة سهلة الاستخدام تستخدم لتحديد قدرة الطفل على نفخ الهواء من رئتيه وحسب النتيجة يتم تحديد مدى الحاجة للدواء.
كلمة أخيرة:
الربو مرض مزمن له تأثيرات كبيرة على حياة الطفل وعائلته وهو ليس مرضاً معدياً لكنه مرض تتفاعل فيه عوامل بيئية مع عوامل وراثية، وتدل الدراسات أن 50% من الأطفال المصابين بالربو يتخلصون من المرض بعد 10-20 سنة.
يجب أن تتكيف العائلة مع إصابة ابنها بالربو وتفهم طبيعة المرض والعوامل المثيرة للنوبة الربوية وتتعاون بشكل تام مع الطبيب وتستفسر منه عن كل ما يهمها معرفته لأن المعرفة الجيدة والتعاون التام وتنفيذ التعليمات بدقة هي أسس نجاح تدبير الربو عند الطفل.
المرجع : webteb.com