جيناتك قد تكون جاذبة للباعوض!
لماذا قد يتعرض البعض منا للسعات البعوض بشكل أكبر من غيره؟ دراسة توضح أن جيناتك قد تلعب دور في جذب الباعوض!
ذكرت تقارير بي بي سي نيوز أن ‘جينات رائحة الجسم’ تستقطب البعوض. حيث أجرى الباحثون اختبارات على سلسلة من التوائم المتماثلة وغير المتماثلة، واكتشفوا أن التوائم المتماثلة لديها مستويات متماثلة من الجاذبية للبعوض.
وقد عرف الباحثون منذ فترة طويلة أن بعض الناس أكثر جاذبية للبعوض من غيرهم، وأعتقد البعض أن السبب في ذلك يرجع إلى رائحة الجسم.
ومما هو جدير بالذكر أن رائحة الجسم، هي جزء موروث من خلال جيناتنا، وبالتالي فإن الباحثين الذين يعملون على هذه الدراسة يريدون معرفة ما إذا كان التوائم ذوي الجينات المتماثلة يتشاركون مستوى مماثل من الجاذبية للبعوض أم لا.
وهنا قام الباحثون بكشف وتعريض أيدي مجموعة من التوائم المتماثلة وغير المتماثلة للبعوض لمعرفة أيا من التوائم يفضل البعوض.
وقد أظهرت النتائج أنه من المرجح أن يكون لدى التوائم المتماثلة نفس المستوى من الجاذبية للبعوض، في حين اختلفت النتائج في حالة التوائم غير المتماثلة أكثر من ذلك. ويوحي هذا بشدة أن هناك عنصر وراثي يتحكم في ذلك، كما يوجد بنفس الطريقة عنصر وراثي للطول ولنسبة الذكاء.
ويمكن أن يفسر هذا سبب معاناة نصف الأزواج من البعوض في العطلة، في حين أن النصف الآخر ينعم بالسعادة ولا يعاني من أي لدغات. ويمكن أن يساعد هذا البحث العلماء في نهاية المطاف على تطوير المواد الطاردة للحشرات إلى مستوى أفضل.
من أين نشأت القصة؟
أجرى الدراسة باحثون من كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، وجامعة فلوريدا، وجامعة نوتنجهام وروتامستد للبحث. وقد تم تمويل البحث من قبل السير هالي ستيوارت ترست.
تم نشر الدراسة في المجلة الطبية بلوس ون لاستعراض النظراء، وهي مجلة للوصول المفتوح، مما يعني أن الدراسة يمكن قراءتها مجانا على الانترنت.
عموما، فقد ذكرت وسائل الإعلام الدراسة وقررتها بدقة، ولكنها لم تشكك في مصداقية النتائج التي تتعلق بحجم العينة الصغير نوعا ما (أي ما مجموعه 74 مشاركا).
وقد ذكرت صحيفة ديلي تلغراف أن استخدام المواد الطاردة للحشرات لا تشكل فرقا لذوي البنية الوراثية الجاذبة للدغات البعوض، ولكن الدراسة لم تنظر في طارد الحشرات، لذلك نحن لا نعرف إذا كان ذلك صحيحا أم لا.
ما هو نوع هذا البحث؟
هذا البحث عبارة عن دراسة معملية تقوم على التوائم، وتقوم على مقارنة الجاذبية النسبية للبعوض بين أزواج التوائم.
وقد أراد الباحثون معرفة ما إذا كانت التوائم المتماثلة، التي تتشارك نفس الجينات، أكثر ترجيحا أن يكون لها نفس مستوى الجاذبية للبعوض مثل التوائم غير المتماثلة، التي تحمل جينات مختلفة.
ومما هو جدير بالذكر أن دراسات التوائم تعتبر وسيلة مفيدة لإظهار مدى احتمالية أن تكون صفة معينة موروثة. وعلى الرغم من ذلك، فإنها لا يمكن أن تخبرنا أكثر من ذلك – فعلى سبيل المثال، أي الجينات مشتركة، أو كيف تؤثر الجينات الوراثية على الصفات.
ما الذي يتضمنه البحث؟
أجرى الباحثون الدراسة على 18 زوجا من التوائم المتماثلة و 19 زوجا من التوائم غير المتماثلة. واختبر الباحثون مدى جاذبيتهم للبعوض من خلال تحرير الحشرات في أنبوب على شكل حرف واي من قسمين.
يقوم التوائم بوضع أيديهم على الجزء العلوي من كل قسم من القسمين، بقوم الباحثون بإحصاء أعداد البعوض الذي طار فوق كل جانب من جوانب الأنبوب. ومن ثم يبدأ الباحثون في مقارنة الأعداد ويروا إذا ما كانت متقاربة في حالة التوائم المتماثلة بشكل أكثر أم في حالة التوائم غير المتماثلة.
كما أجرى الباحثون سلسلة من التجارب، مختبرين من خلالها التوائم بشكل فردي في الهواء النقي، ومن ثم إقرانها مقابل بعضها البعض. وقد حاول الباحثون تجنب التحيز في الدراسة عن طريق استخدام من خلال استخدام منهج العشوائية لتقرير أي جانب من الأنبوب تم استخدامه من قبل أيا من التوائم، بالإضافة إلى أي من التوائم تم اختباره أولا.
وقد كانت كل التوائم من النساء التي فوق سن انقطاع الطمث. كما طلب من التوائم تجنب الأطعمة ذات الرائحة القوية مثل الثوم أو الفلفل الحار، بالإضافة إلى تجنب الكحول، فضلا عن غسل أيديهم بالصابون عديم الرائحة قبل إجراء التجربة.
كما فحص الباحثون درجات حرارة التوائم لمعرفة ما إذا كان لدرجة حرارة الجسم أي تأثير على النتائج. وقد استخدم الباحثون بعوض (الزاعجة المصرية)، وهي السلالة التي تحمل حمى الدنك.
وقد قام الباحثون بتحليل البيانات في مجموعتين – أولا، التوائم الأكثر جاذبية للبعوض عند اختبارها في الهواء النقي، ثم التي كانت أكثر جاذبية عند اختبارها مقابل التوائم الأخرى.
بالإضافة إلى ملاحظة أي أنبوب رؤية حلق إليه البعوض (يستخدم ذلك لقياس الجاذبية النسبية)، كما أحصى الباحثون أيضا عدد البعوض الذي طار وحلق على 30 سم على الأقل على الأنبوب الذي على شكل حرف واي (يستخدم ذلك لقياس نشاط الطيران).
وقد أجرى الباحثون ما معدله 10 من القياسات لكل توأم من أجل التوصل إلى تقديرات نسبة الجاذبية التي انتهت إلى الانتقال بالتوريث.
ماذا كانت النتائج الأساسية؟
ووجدت الدراسة أن التوائم المتماثلة أكثر ترجيحا لمشاركة نفس مستوى الجاذبية للبعوض من التوائم غير المتماثلة.
وتقدر الدراسة أن 62٪ (الخطأ القياسي 12.4٪) من الجاذبية النسبية (فرص اختيار البعوض لأنبوب هذا الشخص) تنتهي إلى عوامل وراثية، بالمحاذاة مع 67٪ (خطأ قياسي 35.4٪) من نشاط الطيران (فرصة البعوض للتحليق 30 سم أعلى الأنبوب).
ويقول الباحثون أن هذا من شأنه أن يضع الجاذبية للبعوض في مستوى مماثل للطول ومستوى الذكاء فيما يتعلق بالقدر الموروث به.
كيف فسر الباحثون النتائج؟
ويقول الباحثون أن نتائجهم “توضح العنصر الوراثي الكامن الذي يتم كشفه من خلال البعوض عن طريق الشم”. وبعبارة أخرى، تظهر الدراسة الاختلافات الوراثية التي تفسر على الأقل بعض سمات الجاذبية النسبية للبعوض لدى بعض الأشخاص، و الاختلاف الذي يتم شمه من قبل الحشرات.
وقد ذهب الباحثون إلى اقتراح أنه قد يكون من الممكن لبعض الناس تطوير/وضع رائحة للجسم أقل جاذبية للبعوض، والتي يمكن أن تتحول بعد ذلك من خلال الانتقاء الطبيعي إلى جينات مفضلة، لأنها قد تحمي من الإصابة بأمراض مثل حمى الضنك والملاريا.
وعلى الرغم من ذلك، يحذر الباحثون من أن حجم العينة الصغير نسبيا وطبيعة التجربة يعني أنها لا يمكن أن تكون دقيقة فيما يدور حول استنتاجاتهم. حيث إن معدلات الخطأ القياسي في تقديراتهم التي تتعلق بالتوريث مرتفعة جدا، والتي تبين مستوى عدم اليقين.
الخاتمة
وتشير هذه البحوث إلى أن الجينات التي ترثها من والديك قد تحدد فرصك في التعرض للعض من البعوض. وعلى الرغم من ذلك، فإن صغر حجم الدراسة يحد من إمكانية ثقتنا في النتائج.
ويشير الباحثون إلى أن اختلافات رائحة الجسم تحدد مدى جاذبية الشخص للبعوض. ونحن نعلم أن رائحة الجسم ترجع بشكل جزئي إلى العوامل الوراثية الموروثة، ولذلك فمن المنطقي أن رائحة الجسم الموروثة يمكن أن تزيد أو تقلل من الجاذبية للبعوض.
وعلى الرغم من ذلك، لا تخبرنا الدراسة ما إذا كان البعوض ينجذب للناس بسبب رائحة الجسم، أو لأسبب أخرى لم يتم بحثها.
ولا يزال هناك المزيد من الأبحاث التي نحن بحاجة إليها لتحديد مكونات رائحة الجسم التي ترتبط بجاذبية البعوض قبل أن يستخدم العلماء هذه المعلومات لإنتاج أفضل المواد الطاردة للبعوض.
وفي هذه المرحلة، لا نعرف في الغالب ما إذا كان لدى الناس الذين يتعرضون للدغات أقل القليل من المواد الكيميائية الجاذبة للبعوض في رائحة أجسامهم، أو الكثير من المواد الكيميائية الطاردة للبعوض.
وإذا كنت تتعرض للكثير من لدغات البعوض أكثر من الآخرين، وأحد والديك أو كلاهما يتعرض كذلك للدغات البعوض أكثر من الآخرين، فهذا البحث يقترح أن لديك من الجينات الموروثة ما يشير إلى إرثك لقابلية اللدغ.
ولسوء الحظ، فليس في هذه المرحلة، الكثير مما يمكنك القيام به حيال ذلك، باستثناء ارتداء طارد الحشرات. ارتداء الملابس الفاتحة، والسراويل الفضفاضة بدلا من السراويل القصيرة، بالإضافة إلى أن ارتداء القمصان ذات الأكمام الطويلة قد ينفع في ذلك. وجدير بالذكر أن هذا مهم خصيصا خلال وقت مبكر من المساء وفي غضون الليل، حيث تفضل البعوض ذلك الوقت للتغذية.
وإذا كنت مسافرا إلى منطقة من المعروف عنها أن البعوض يحمل الملاريا بها، فمن المهم بالنسبة لك الحصول على المشورة الطبية حول نوع الأدوية المضادة للملاريا التي يجب أن تأخذها. وقد تحتاج إلى بدء تناول الدواء قبل أن تغادر البلاد، لذلك فمن المهم أن تخطط للمستقبل.
المرجع : webteb.com