“تدريب النوم” يجعل الناس أقل عنصرية وتعصبا للجنس؟
هل يمكن أن يجعل “تدريب النوم” الناس أقل عنصرية وتعصبا للجنس؟ هذا ما توضحه الدراسة الاتية:
ذكر تقرير بي بي سي نيوز” تم تخفيض مستويات العنصرية والتعصب الجنسي اللاواعي من خلال التلاعب في الطريقة التي يدرك بها المخ أثناء النوم”
تبحث هذه الدراسة في التحيز اللاوعي الذي يتعلق بنوع الجنس والعرق / الانتماء العرقي، وعما إذا كان يمكن عكسهم أم لا. وقد قام أربعين طالبا جامعيا أبيض بإجراء “اختبار الارتباط الضمني”.
ومن الصعب وصف الشكل الدقيق لهذا الاختبار في فترة وجيزة، ولكنها تبحث في كيفية إمكانية تصنيف الناس لمجموعة محددة من الكلمات والمفاهيم بسرعة وبدقة، وهل تتطلب هذه التصنيفات إلى الكثير من الوقت لإرشادهم إلى الصواب (أي تصنيف الكلمات التي تتعلق بالإناث وتصنيف الكلمات العلمية). وقد أظهر الاختبار وجود نزعة فطرية لاستسهال ربط الكلمات التي تدل على الإناث والكلمات الفنية خلافا للكلمات العلمية.
ومن الممكن أن يرجع السبب في ذلك إلى تأثير التحيز الثقافي الأصيل الذي مفاده أن النساء “لا تتعلم العلم”. كما يبدو أن الطلاب أيضا قد استسهلوا الربط بين الوجوه السوداء مع كلمات مثل “سيئ” (“سلبي) وكلمات (مثل الفيروسات) بدلا من عبارة “جيد” و (مثل أشعة الشمس).
ومن ثم تم إعطاؤهم تدريبات تستند إلى الحواسب لمواجهة، وقد صاحب التدريب إشارة للصوت. ومن ثم تم اختبارهم مجددا بعد التدريب وقد أظهرت ردودهم انخفاض معدل التحيز.
وعندما أخذ هؤلاء قيلولة لمدة 90 دقيقة مع جديلات الصوت التي تم الرد عليهم بها من خلال سماعات الرأس، كانوا لا يزالون يظهرون انخفاضا في التحيز عند إعادة اختبارهم بعد أن استيقاظوا. وقد استمر ذلك الأثر في الظهور لمدة أسبوع واحد فيما بعد.
وعلى الرغم من أن هذه الدراسة الصغيرة، مثيرة للاهتمام، إلا أنه من الصعب استخلاص أي استنتاجات قاطعة على أساس هذا البحث. ونحن لا نعرف ما إذا كانت نتائج الاختبار الحقيقي تمثل التحيز / التمييز في الحياة اليومية، أو ما إذا كان لتدريب النوم أي تأثير على التفاعلات في الحياة الواقعية أم ليس له تأثير.
من أين نشأت القصة؟
وقد أجرى هذه الدراسة باحثون من أقسام علم النفس في جامعة تكساس وجامعة برينستون في الولايات المتحدة، وبتمويل من المؤسسة الوطنية للعلوم والمعاهد الوطنية للصحة.
وقد تم نشر هذه الدراسة في دورية بصحيفة مراجعة الأقران للعلوم على أساس الوصول المفتوح، ولذلك فإنه يمكن قراءتها على الانترنت وتحميلها في كل بي دي إف بالمجان.
وقد أعطت بي بي سي نيوز وصفا جيدا لهذه الدراسة، بما في ذلك احتراس الباحثون عند أخذ أي نتائج من تدريب النوم وتطبيقه على الحياة الواقعية: “لم نتعرض إلى تفاعل الناس مع غيرهم أو اتخاذ قرارات عن الآخرين، ولذلك يتطلب هذا النوع من التجارب معرفة الآثار الكاملة للطرق التي نستخدمها.
ما هو نوع هذا البحث؟
هذه الدراسة عبارة عن دراسة تجريبية تبحث عن وسائل للحد من التحيز للنوع والعرق / الانتماء العرقي.
وقد وصفت هذه التحيزات باللاوعي إلى حد كبير، حيث لم يكن الناس مدركين لهم، فضلا عن الناس الذين يمارسون العنصرية والتعصب الجنسي بفاعلية.
وتهدف هذه الدراسة للبحث في إمكانية تغيير هذه التحيزات من خلال التدريب ومن ثم التعزيز أثناء النوم. النوم هو الوقت المناسب لدمج الذكريات ويتم الاحتفاظ بالمعلومات المكتسبة حديثا.
ويمكن أن تكون هذه البحوث التجريبية مفيدة لاستكشاف النظريات المتعلقة علم الاجتماع وعلم النفس ولكنها ليست سوى مرحلة مبكرة من البحوث، وهناك الكثير بحاجة إلى القيام به لتقييم ما إذا كان النهج يختبر ويجاري الأعمال في مواقف الحياة الحقيقية.
ما الذي تتضمنه الأبحاث؟
وقد شملت هذه الدراسة 40 رجلا وامرأة من إحدى الجامعات، وجميعهم من العرق الأبيض. ومن ثم تم اختبار التحيز القائم على الجنس والعرق أولا وذلك باستخدام اختبار الارتباط الضمني. وينطوي هذا الاختبار على الحصول على الناس لربط الكلمات بالوجوه المختلفة التي تظهر لهم على الشاشة. وقد أظهر هذا الاختبار أن المشاركين لديهم تحيز أصيل / ضمني ضد الجنس والعرق. و في أحد الاختبارات تم الربط في الغالب وبشكل كبير بين صور وجوه الإناث والكلمات الفنية بدلا من الكلمات العلمية، في حين اكتشف العكس بالنسبة لوجوه الرجال. وفي اختبار آخر، تم الربط بشكل كبير غالبا بين الوجوه ذات البشرة السوداء بكلمات سيئة بدلا من الكلمات الحسنة، مع حدوث العكس بالنسبة للوجوه بيضاء اللون.
ومن ثم أعطى الباحثون لهم تدريبا يقوم على الحاسوب للحد من التحيز. ومن ثم تم عرض أنواعا مختلفة من أزواج الوجوه – الكلمات على المشاركين وطلب منهم الرد من خلال التوصيل الأزواج التي تقاوم التحيز النموذجي فقط. وقد لوحظ عز المشاركون لأصوات حيال كل توصيل بين الأزواج التي تعارض التحيز النموذجي كشكل من أشكال “التعزيز” لرسائل “مكافحة التحيز”. وقد أعطي للطلاب اختبار الارتباط الضمني مرة أخرى بعد التدريب لمعرفة ما الأثر الذي ترتب على ذلك.
وبعد ذلك تم النظر عما إذا كان لأخذ قيلولة لمدة 90 دقيقة بينما يتم العزف المتكرر على إشارة الصوت تأثير عندما تم إعطاء الاختبارات لهم مرة أخرى عند استيقاظهم.
ماذا كانت النتائج الأساسية؟
وقد خلص البحث إلى أن التدريب على مكافحة التحيز كان فعالا في تقليل والحد من التحيز الضمني للمشاركين ضد الجنس في اختبار الارتباط الضمني مقارنة بتلك التي ظهرت في بداية الدراسة.
وأظهر اختبار النوم الذي تم عند أخذهم قيلولة حيث تم عزف إشارة الصوت المصاحبة لمكافحة التحيز لهم، وعندما استيقظوا كانوا لا يزالون مستمرين في عدم إظهار التحيز الضمني لكل من الجنس والعرق عندما تم إعادة اختبارهم مرة أخرى. وعلى الرغم من ذلك، لو كان النوم غير مصحوبا بإشارة الصوت، لأظهرت اختباراتهم نفس التحيز الذي كانوا يضطلعون به في بداية الدراسة.
وقد أظهرت الاختبارات التي تمت بعد أسبوع واحد أن انخفاض التحيز الذي تم في اختبار الارتباط الضمني لهؤلاء الذين استمعوا إلى إشارة الصوت المقاوم للتحيز خلال النوم كانت لا تزال موجودة كما هي.
كيف يفسر الباحثون النتائج؟
استنتج الباحثون أن “تنشيط الذاكرة أثناء النوم يعزز التدريب على مكافحة الصور النمطية والحفاظ على الحد من التحيز الذي يعتمد على النوم”.
الخاتمة
وتشير هذه الدراسة التجريبية الصغيرة إلى أن التدريب الذي يتضمن إشارة الصوت لمواجهة التحيز ضد الجنس والعرق – ومن ثم تعزيز هذا عن طريق عزف الأصوات أثناء النوم – يمكن أن يكون لها تأثير في تغيير هذه التحيزات. وقد أثبت استخدام إشارة الصوت لتغيير السلوك فعالية في الماضي، وأشهر تجربة من تلك التجارب على الحيوانات هي تجربة إيفان بافلوف.
وعلى الرغم من ذلك، ينبغي تنفيذ أي تفسير من هذه التفسيرات بحذر شديد في هذه المرحلة، وقد لا تكون هذه التجربة ممثلة لمواقف الحياة الحقيقية.
وتتضمن هذه الدراسة الصغيرة 40 طالبا جامعيا، جميعهم من العرق الأبيض. وقد لا ينطبق كل من تحيزهم، والآثار المترتبة على التدريب، الأشخاص المختلفين. وقد تختلف النتائج أيضا إذا تم اختبار عينة أكبر بكثير من مجموعة طلبة الجامعة البيض المماثلين.
وقد كان هذا محددا جدا باختبار الارتباط صورة – كلمة، مع اختبار للتدريب النوم المصحوب بإشارة الصوت في محاولة لمواجهة التحيز. وعلى الرغم من أن هذا الاختبار قد يظهر انخفاضا في التحيز في الاختبار حتى أسبوع واحد في وقت لاحق، إلا أن هناك العديد من الأمور المجهولة التي لا نعرفها بعد. فنحن لا نعرف كم سيستمر هذا التأثير، أو ما إذا كان التدريب يجب تعزيز التدريب باستمرار أم لا، فعلى سبيل المثال، نحن لا نعرف أيضا ما إذا كان التحيز الواضح في هذا الاختبار يتعلق في الواقع بأي موقف من المواقف التمييزية أو السلوك في مواقف الحياة الحقيقية. وعلاوة على ذلك، نحن لا نعرف ما إذا كان من الممكن ترجمة أثر التدريب لإحداث تغيير في مواقف الحياة الحقيقية. ومن المحتمل أن تكون مواقف الحياة الحقيقية والمفاهيم والسلوكيات متأثرة بعدة عوامل.
وعموما سوف يكون هذا البحث ذو فائدة لمجالات علم النفس وعلم الاجتماع فيما يتعلق بالتحيزات والسبل الممكنة لعكس اتجاهها.
ويعتقد بعض الباحثين أن التقنية يمكن أن تستخدم لتغيير بعض “العادات غير الصحية” الأخرى مثل التدخين والأكل غير الصحي، والتفكير السلبي والأنانية.
وقد يكون هناك قضايا أخلاقية تتعلق بهذه التقنيات. على سبيل المثال، تعريف عادة “غير صحية” أو وجهة نظر قد لا يكون من المتفق عليها عالميا دائما، وقد يفضل بعض الناس أن يكون ذو إرادة حرة للتفكير في الطريقة التي يتصرف بها أو يصنع بها خياراته بنفسه دون أن يتم التلاعب بهم.
وستظل مثل هذه التكهنات حتى يتمكن الباحثون من إثبات أن تقنية تدريب النوم لديها تأثير يمكن قياسه “العالم الحقيقي” التي تظل قائمة مع مرور الوقت.
المرجع : webteb.com