كيف تعرفين ان كنت تعانين من متلازمة الألم العضلي التليفي؟
في السنوات الأخيرة تزايد الوعي بخصوص متلازمة الألم العضلي التليفي. لذلك, من المهم ان تكوني ملمّة بالأعراض المرافقة لهذه المتلازمة.
هذه المتلازمة, التي لم تكن معروفة للكثيرين قبل عدد من السنوات, يتم تشخيصها أكثر وأكثر, حالياً عدد كبير من الأطباء على إطلاع بالموضوع, مما جعلهم أكثر تيقظاً لتشخيص أعراض المتلازمة في الوقت الفعلي.
تقدر نسبة إنتشار متلازمة الألم الليفي العضلي في البلاد الغربية بـ 2-3% من عامة السكان. يمكن تشخيص هذه المتلازمة في مختلف الأعمار, المواقع الجغرافية والطبقات الإجتماعية. تتراوح أعمار معظم المرضى بين 20-50 سنة.
لذلك, من المهم ان تكوني ملمّة بالأعراض المرافقة لهذه المتلازمة, كي تتلقي العلاج الصحيح وفي الوقت المناسب.
إذن, ما هي متلازمة الألم العضلي التليفي (Fibromyalgia)؟
متلازمة الفيبروميالغيا (والتي تسمى بالعربية متلازمة الألم العضلي التليفي), عبارة عن صورة شائعة لآلام العضلات المتفشية والتعب. المقصود بالمصطلح (Myalgia), هو آلام العضلات. يدل الإسم Fibromyalgia, على وجود آلام في الأنسجة الضامة, العضلات, الأوتار, الأربطة وفي أماكن أخرى. على الرغم من أنه يمكن الشعور بالألم في العضلات والأنسجة الضامة, إتضح بأن مصدر المشكلة في متلازمة الألم العضلي التليفي غير موجود في هذه الأنسجة. في الواقع, يدور الحديث عن زيادة توصيل الألم ومعالجته في جهاز الأعصاب المركزي (الحبل الشوكي والدماغ). تكون النتيجة بأن كل تنبيه, والذي من المفروض أن يسبب ألماً طفيفاً (وحتى التنبيه الذي من المفروض أن لا يسبب الشعور بالألم), تتم معالجته من قبل جهاز الأعصاب المركزي, على أنه تنبيه مؤلم جداً في جسم المريضة المصابة بمتلازمة الألم العضلي التليفي.
لا تعتبر متلازمة الألم العضلي التليفي مرضاً مُعدياً, كما أنها ليست تصاعدية أو تنكسية ولا يُتوقع تدهور حالة المريض مع مرور الزمن (إلا أنه توجد فترات يشعر المريض بها بحالة جيدة, وفترات أخرى تكون حالته سيئة).
المسبب لمتلازمة الألم العضلي التليفي ليس واضحاً بشكل تام. يُفترض وجود علاقة للعوامل الوراثية, إذ أن نسبة إنتشارها تكون كبيرة بين أقرباء العائلة من الدرجة الأولى للمريض المصاب بهذه المتلازمة. إضافة إلى ذلك, تساهم العديد من العوامل في نشوء هذه المتلازمة, بما في ذلك الإصابات الجسدية (خصوصاً في العمود الفقري العنقي), أنواع مختلفة من العدوى الفيروسية, تغييرات هرمونية والضغط النفسي. كما أن متلازمة الألم العضلي التليفي قد تنشأ بشكل ثانوي لدى شخص يعاني من مرض آخر, كإلتهاب المفاصل, مرض إلتهابي مزمن في الأمعاء وغيرها.
نسبة كبيرة من مرضى هذه المتلازمة (نحو 90%) يعانون أيضاً من آلام في جميع أنحاء الجسم, تعب ومن مشاكل في النوم.
قد يعاني بعض المرضى من إضطرابات نفسية كالإكتئاب والقلق, التي قد تنجم عن الألم المزمن وقد تؤثر سلباً على الحالة الجسدية, مما يؤدي لنشوء حلقة مفرغة من الألم والإكتئاب, الأمر الذي يلقي بظلاله على نوعية وجودة حياة هؤلاء المرضى.
كيف تعرفين بأنك تعانين من متلازمة الألم العضلي التليفي؟
ليس من الصعب تشخيص هذه المتلازمة, بشرط أن نكون مطلعين على الأعراض السريرية التي ترافقها. في الواقع, أحياناً تستطيع المريضة نفسها أن تشخص حالتها بناءً على المعلومات التي حصلت عليها عن طريق الإنترنت. عند وجود آلام مزمنة في جميع أنحاء الجسم وتحسساً كبيراً أثناء إجراء الفحص الجسماني, فإن ذلك كافٍ لتشخيص متلازمة الألم العضلي التليفي. على الرغم من ذلك, جزء مهم من عملية التشخيص منوط باستبعاد أمراض أخرى, قد تكون مسؤولة عن حدوث أعراض مماثلة, وقد يكون المريض مصاباً بها, إضافةً لكونه يعاني من متلازمة الألم العضلي التليفي. وظيفة الطبيب إجراء الفحوصات المطلوبة لإستبعاد أمراض أخرى عن طريق فحوصات الدم, فحوصات التصوير وغيرها. من المهم أيضاً تجنب القيام بفحوصات كثيرة لا داعي لها, والتي قد تكون أحياناً غير مريحة, إن لم يكن لهذه الفحوصات مبرر مقنع. يجدر التنويه إلى أنه حتى يومنا هذا, لا يوجد فحص دم أو فحص تصوير يشخص متلازمة الألم العضلي التليفي, ولذلك فإن التشخيص يعتمد أولاً وأخيراً على التاريخ الطبي للمريض وعلى نتائج الفحص الجسماني.
بالإضافة إلى الألم, تعاني معظم مريضات متلازمة الألم العضلي التليفي من أعراض أخرى, والتي تشمل مشاكل في النوم, تعب مزمن, إضطرابات في التركيز والذاكرة ومن أعراض ناجمة عن متلازمة القولون المتهيج (irritable bowel syndrome) وغيرها.
إذا كنت تعانين من عدد من الأعراض التي ذكرت أعلاه, وقمت بإجراء الفحوصات المطلوبة, ومع ذلك لم يعرف مصدر آلامك – فمن المعقول (الوارد) أن تكوني مصابة بهذه المتلازمة. في هذه الحالة, ينبغي عليك أن تتوجهي لطبيب المفاصل المتخصص بهذه الأمراض (طب أمراض المفاصل – rheumatology, هو فرع تابع لطب الأمراض الباطنية, يُعنى بالأساس بالأمراض التي تُنسب إلى الأنسجة الضامة – المفاصل, العظام, العضلات وغيرها). بوسع طبيب المفاصل أن يستبعد أو أن يؤكد على وجود المرض, وإذا لزم الأمر سيعرف كيف يعالجه.
تم تشخيص متلازمة الألم العضلي التليفي, ماذا عليّ أن أفعل؟
أولاً عليك أن تتوجهي للطبيب المختص بهذه المتلازمة والملم بمبادئ العلاج. للأسف فإن الإلمام بتشخيص وعلاج متلازمة الألم العضلي التليفي لا يكون دائماً مثالياً, وفي بعض الأحيان قد يؤدي لتأخير التشخيص وتلقي العلاج. من الواضح, أنه كلما تم تشخيص المريض وإعطاء العلاج في مرحلة مبكرة أكثر, يطرأ تحسن أكبر على حالة المريض, ولذلك من المستحسن التوجه لتلقي العلاج الملائم, بعد التشخيص فوراً.
الطرق العلاجية المتوفرة
ينقسم علاج متلازمة الألم العضلي التليفي لعلاج دوائي وعلاج غير دوائي. من المحبذ أن تمارس المريضات الرياضة كالتمارين البدنية, السباحة والتمارين الهوائية التدريجية ويُنصح أيضاً بالمعالجة المائية (Hydrotherapy), الإستحمام في الينابيع الطبية الساخنة والعلاج المعرفي – السلوكي للمساهمة في مواجهة تعكر المزاج والإنخفاض العام في أدائه اليومي. يجدر التنويه إلى مدى أهمية ممارسة الرياضة البدنية بالنسبة لمريضات هذه المتلازمة, أكثر حتى من أهميتها بالنسبة لعامة السكان. في الواقع يجب أن نتعامل مع الرياضة في هذه الحالة, تماماً كما نفعل مع العلاج الدوائي ويجب المواظبة على القيام بنشاط بدني بشكل يومي, منتظم وتدريجي.
تساهم العلاجات المكملة المختلفة كالإرتجاع البيولوجي (Biofeedback) والوخز في تخفيف الضغط, إرخاء العضلات وتقليل الآلام في متلازمة الألم العضلي التليفي, على غرار حالات أخرى يتخللها ألم مزمن.
العلاجات الدوائية
تمت الموافقة على عدد من الأدوية لعلاج هذه المتلازمة, خلال السنوات الأخيرة, الأمر الذي يشكل تقدماً هاماً بالنسبة للمريضات اللواتي يعانين من هذه المتلازمة.
ليريكا (Lyrica), التابعة لشركة فايزر, هو الدواء الأول الذي تمت الموافقة عليه من قبل منظمة الأغذية والأدوية الأميركية (FDA) لعلاج هذه المتلازمة. تم إثبات نجاعة الليريكا في العديد من الأبحاث في علاج هذه المتلازمة, كما أنها آمنة للإستخدام. يؤثر هذا الدواء بشكل مباشر على توصيل الألم في جهاز الأعصاب المركزي, إضافًة إلى تأثيره الإيجابي على مشاكل النوم التي تميز هذه المتلازمة.
سيمبالتا (Cymbalta), دواء يؤدي إلى زيادة مستوى السيروتونين (Serotonin) والنورابينفرين (norepinephrine) في جهاز الأعصاب المركزي, هو دواء إضافي تمت الموافقة عليه لعلاج متلازمة الألم العضلي التليفي. خلافاً لليريكا فإن السيمبالتا هو دواء مضاد للإكتئاب أيضاً.
الأدوية المضادة للإلتهاب, بما في ذلك الستيرويدات, لا تعتبر علاجأً ناجعاً لهذه المتلازمة, إضافةً إلى الأدوية الأفيونية, والتي تعتبر مسكنات قوية للآلام في حالات أخرى, لا تعتبر ناجعة في هذه الحالة, التي تستوجب أدوية معينة تؤثر على معالجة الألم في جهاز الأعصاب المركزي.
قد يؤدي الدمج الحذر والدقيق بين علاج دوائي معين وتقنيات علاجية غير دوائية لتخفيف أعراض المتلازمة بشكل كبير, مما يؤدي لكسر هذه الحلقة المفرغة من الألم والتعب.
المرجع : webteb.com