السكري في الإمارات: قضية وطنية
تشير الإحصاءات إلى أنتشار السكري بنسبة 8% في إمارة أبو ظبي كما أن نسبة الاستعداد للإصابة بالسكري أو مقدمات السكري في الإمارات تبلغ 27% ،فهل يمكن مكافحة هذه المشكلة على الصعيد الوطني؟
يشكل مرض السكري مشكلة صحية كبيرة في الشرق الأوسط تعيق التنمية البشرية وتكلف أموالا باهظة لمكافحتها، وتتفاقم هذه المشكلة في دول مجلس التعاون الخليجي كالسعودية والكويت والإمارات. والمقلق في الأمر أن مشكلة السكري لا تتواجد في حالة كبح أو تراجع، بمعنى أن السلطات والجهات الطبية المعنية لا تنجح في حصر الظاهرة أو على الأقل منع تفاقمها على الرغم من الجهود المبذولة لذلك، حيث تشير الإحصاءات إلى أنتشار السكري بنسبة 8% في إمارة أبو ظبي كما أن نسبة الاستعداد للإصابة بالسكري أو مقدمات السكري في الإمارات تبلغ 27%، وكما ذكرنا فإنه إضافة الى العواقب الصحية الخطيرة، فإن السكري مرض باهظ التكاليف.
للأسف فإنه وفق معطيات منظمة الصحة العالمية وتحديداً هيئة أبحاث السكري، تحتل الإمارات المراكز العليا عالميا للعام 2013 في نسبة الإصابة بالسكري، حيث وصلت الى نسبة 19% (من نسبة الاشخاص الذين يبلغون 20-79 عاماً) ومن المتوقع ان تستمر بالارتفاع الى ان تصل لنسبة 21.4% في عام 2030.
آليات لمواجهة هذا الارتفاع:
من المفترض أن يشتمل أي برنامج شخصي أو عام لمكافحة السكري على، ممارسة الرياضة، خفض الوزن وحضور البرامج التوعوية وإصدار القرارات التي من شأنها أن تؤدي إلى تجنب الإصابة بالسكري وتعقيداته، إضافة إلى ضرورة التحكم في نسبة الكوليسترول في الجسم وضغط الدم من أجل تجنب مضاعفات السكري، خاصة بسبب تضاعف نسبة السكري في العقد الأخير بنحو 30%، حيث يتسبب السكري في تقرحات في القدمين والعمى والجلطات وتوقف القلب والوفاة في بعض الاحيان. وفق معطيات منظمة الصحة أيضاً، وصل معدل حالات الوفاة جراء مرض السكري في الامارات العربية المتحدة الى 37 حالة لكل مئة ألف شخص عام 2012. أما تكلفة علاج المصاب بالسكري فقد تصل إلى 6 آلاف دولار سنوياً للفرد الواحد، كما يعد متوسط تكلفة علاج الفرد الواحد في الامارات والخليج في إجمالي الناتج القومي، الاعلى عالميا.
وتنبع مشكلة السكري في الامارات وفي منطقة الخليج عامة من مشكلة السمنة الزائدة والتي تبدأ من أجيال صغيرة جدا نظرا لنمط الحياة الإستهلاكي، ونوعية الطعام وقلة النشاط البدني والخمول الذي ينتج عن التربية الخاطئة وعدم تشجيع الأهل لأولادهم وبناتهم على اتباع نمط حياة صحي.
فقد تجاوزت نسبة المصابين بالسمنة 50% من السكان في الإمارات ودول الخليج العربي، حيث تزيد السمنة عند الأطفال من فرصة الاصابة بالسكري من النوع الثاني، كما تتمثل مضاعفات السكري، منذ الطفولة بضعف الاسنان وتكسرها وعدم القدرة على الانجاب مستقبلا والجلطات الدماغية، ومن المعطيات الصادمة بالفعل أن احتمالية الاصابة بالسكري تصل الى 85% بعد عمر الـ 45 في دول الخليج .
ومع ارتفاع نسبة المصابين بمرض السكري داخل دولة الإمارات العربية المتحدة زادت معه أهمية التوعية لمكافحة المرض وذلك من قبل الدولة والمجتمع المدني الاماراتي على حد سواء ، حيث تم انشاء جمعية الإمارات للسكري كجمعية خيرية تطوعية عامة من اجل مكافحة مرض السكري، من حيث العمل على الوقاية منه من ناحية، والعمل على رفع مستوى العناية الصحية المقدمة لمرضى السكري من ناحية أخرى، في تثقيف المريض.
وتعمل الجمعية على تحقيق أهدافها متبعة من أجل ذلك مختلف السبل والوسائل ومنها الندوات الشهرية وورشات العمل في كافة انحاء الإمارات، يشمل ذلك استخدام الوسائل المطبوعة والسمعية والمرئية، والمسيرات الخيرية السنوية، وحملات التوعية واقامة المخيمات التثقيفية التي تصل مختلف امارات الدولة.
يذكر أن نسب الإصابة بالسكري في الإمارات كمثال، ترتفع كلما ارتفع العمر الإفتراضي والتعمير، كما ادى التطور الاقتصادي اضافة الى العصرنة في الامارات الى تغيير دراماتيكي في انماط التغذية في العقود الاربعة الاخيرة، فمن استهلاك طبيعي للتمور، الخضار والفواكه الطازجة والحليب والاسماك وخبز القمح الكامل الى نظام غذائي يتكون في غالبه من الدهون المشبعة والكربوهيدرات المكررة ونسبة قليلة جدا من الالياف الغذائية. وتشير الاحصائيات الى ارتفاع ملحوظ في كمية السعرات الحرارية اليومية للشخص في معظم البلدان العربية وخاصة في الخليج منذ 1990 ولغاية ايامنا هذه. ففي الإمارات مثلا يزداد استهلاك الطعام مع ازدياد التطور الاجتماعي ولكن تزداد مع ذلك نسبة استهلاك الارز واللحوم بينما تتناقص وتكاد تنعدم نسبة استهلاك الخضار الطازجة كمثال.
المرجع : webteb.com