عدد المسلمين في معركة اليرموك

معركة اليرموك

تعدُّ معركة اليرموك من المَعارك الفاصلة في التَّاريخ؛ فقد أدَّت هذه المعركة إلى انسحاب الرُّوم بالكامل من الشَّام، وقد وقعت هذه المعركة في عام 13هـ بين المسلمين بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه والرُّوم البيزنطيين بقيادة ماهان، وسُمِّيت بهذا الاسم نسبةً إلى الوادي الذي وقعت فيه وهو وادي اليرموك المُحاط بالجبال الشَّاهقة من جهاته الثَّلاث.

كان عدد المسلمين في معركة اليرموك حوالي 36 ألف مقاتل، والروم حوالي 240 ألف مقاتل، وقد لَقي فيها جيش الرّوم هزيمةً قاسيةً، وترتَّب عليها مغادرة هرقل عظيم الرُّوم بلاد الشَّام، واستقرار المسلمين فيها، وأَذِنت مَعركة اليرموك للإسلام بالتَّقدُّم السَّريع في بلاد الشَّام والعراق، واستكمال فتح مدنها، ثمّ الانطلاق لفتح الشَّمال الإفريقي.

أسباب معركة اليرموك

بدأ الفتح الإسلاميُّ لبلاد الشَّام في عهد الخليفة أبي بكر الصِدّيق، فبعد الانتهاء من حروب الرِّدة وتسيير خالد من اليمامة إلى العراق في سنة 13هـ جهَّز الصِدّيق الجيوش إلى الشَّام، فوجَّه عدة جيوش إلى أجزاء مختلفة من بلاد الشَّام؛ فوجَّه شُرَحبيل بن حسنة إلى الأردن، ويزيد بن أبي سفيان إلى دمشق، وأبي عبيدة بن الجرَّاح إلى حمص، وعَمرو بن العاص إلى فلسطين.

سار الأمراء إلى أهدافهم، فبلغ الرُّوم ذلك فكتبوا إلى هرقل، الذي جمع الجموع، وأعدَّ الجُند، وأراد أن يُحارب المسلمين متفرِّقين للقضاء عليهم؛ فأرسل جيشاً إلى شرحبيل وآخر إلى عمرو وآخر إلى يزيد وآخر إلى أبي عبيدة، وكان عدد كل جيش منفرداً يساوي أضعاف الجيش الذي سيقابله، فبلغ ذلك عمرو فأشار على المسلمين بالاجتماع والاتِّحاد لقتال الرُّوم.

عندما بلغ هرقل ذلك أرسل إلى جنوده أن اجتمعوا، فاجتمع الرَّوم بجيشٍ قوامه 240 ألف مقاتل، واختاروا وادي اليرموك للتجمِّع ليتَّسع لجيشهم العظيم، ولم يكن لهذا الوادي سوى منفذ واحد اتَّخذه المسلمون معسكراً لهم، وعندما علم أبو بكر بالخبر كتب إلى خالد بن الوليد ليلحق بهم من العراق ويأتيهم بالمدد، وقد قال في ذلك: خالد لها، والله لأُنسِيَنَّ الرُّوم وساوس الشَّيطان بخالد بن الوليد.

أحداث معركة اليرموك

قطع خالد بن الوليد المسافة بين العراق والشَّام في خمسة أيَّام، وفي الطريق فتح عدّة مدنٍ كانت خاضعة للروم مثل: تدمر، وبهراء، وقراقر، وبصرى، فاستبشر المسلمون بذلك وفرحوا بوصوله فرحاً عظيماً، وتوفَّي في أثناء ذلك الخليفة أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه. عندما وصل خالد بن الوليد إلى الشَّام تولَّى القيادة العامَّة للجيش، وقسّمه إلى كتاتيب، وجعل على رأس كل كتَّاب قائداً من أبطال المسلمين، ثمَّ نشب القتال بين المسلمين والرُّوم، ودامت معركة اليرموك ستَّة أيَّام، وقاتلت نساء المسلمين الرُّوم خلف الجيوش، وكنَّ يضربن من أراد الهروب من المعركة من المسلمين بالحجارة والسُّيوف حسب أوامر قائدهم خالد بن الوليد.

أبلى المسلمون في معركة اليرموك بلاءً حسناً، واعورَّ من المسلمين من كثرة السِّهام في اليوم الأوَّل 700 فارس وسُمِّي هذا اليوم بيوم التعوير، وكان الهجوم الأخير في المعركة عامَّاً على الرُّوم، واقتحم فيه خالد خندق الرُّوم فتهافت منهم في الوادي ثمانون ألفاً، تبع خالد بن الوليد فلول الرُّوم بعد خسارتهم إلى أن لقيهم وقتل قائدهم ماهان، وقد قُتل في معركة اليرموك 120 ألفاً من الرُّوم، واستشهد فيها ثلاثة آلاف من المسلمين، وارتحل هرقل من حمص قائلاً: سلام عليك يا سورية سلاماً لا لقاء بعده.

مواقف من معركة اليرموك

طلب قائد الروم ماهان من خالد بن الوليد أن يبرز إليه قبل أن يبدأ القتال في معركة اليرموك، وقال قائد الروم له: (قد علمنا أنَّه لم يخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع فإن شئتم أَعطيت كلَّ واحد منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاماً، وترجعون إلى بلادكم، وفي العام القادم أبعث إليكم بمثلها). أدرك خالد سوء الأدب في ردِّ القائد وردَّ عليه قائلاً: (إنَّه لم يخرجنا من بلادنا الجوع كما ذَكَرت، ولكنَّنا قوم نشرب الدِّماء، وقد علمنا أنَّه لا دَمَ أشهى ولا أطيب من دَم الروم، فجئنا لذلك).

من المواقف التي حدثت أيضاً سقوط قلنسوة خالد بن الوليد، فأمضى الوقت وهو يبحث عنها فلمَّا سُئل عن السَّبب، قال: (إنَّ فيها بعضاً من شعر ناصية رسول الله، وإني أتفاءل بها وأستنصر).