مراحل تطور القانون الدولي العام

القانون الدولي العام

تعددت تعريفات القانون الدولي العام، ويمكن تعريفه بشكلٍ عام على أنّه مجموعة القواعد القانونية التي تتكون من القواعد والمبادئ التي تحكم سلوك الدولة، وبالتالي فإنّ تلك المبادئ والقواعد تنطبق على العلاقات بين عناصر المجتمع الدولي. ولم يظهر تنظيم للعلاقات الدولية إلّا بعد القرن السابع عشر، أي بعد معاهدة وستفاليا، وعلى الرغم من ذلك فإنّ المجتمع الدولي لم يكن خالياً قبل ذلك من القوانين، حيث إنّ الجماعات المتحضرة خلال التاريخ الإنساني ساهمت في تكوين قواعد القوانين الدولية، وبالتالي فإن تطور القانون الدولي مستمر منذ ظهور التجمعات الإنسانية.

مراحل تطور القانون الدولي العام

العلاقات الدولية في العصور القديمة

لم يظهر القانون الدولي إلّا مع ظهور الدول، وقد شهدت العصور القديمة الكثير من الصور المتعددة للعلاقات الدولية، أهمها معاهدات الصلح والصداقة والتحالف وإنهاء الحروب، ومثال ذلك قانون مانو الهندي، الذي نظم قواعد إبرام المعاهدات وشن الحروب والتمثيل الدبلوماسي، ولكن من منظور آخر فإنّ أكثر العلاقات كان يحكمها القانون الإلهي.

العلاقات الدولية في عصر الإغريق

إنّ علاقة المدن الإغريقية ببعضها كانت مبنية على أساس المصلحة المشتركة والاستقرار والتعاون، ويعود ذلك إلى وحدة الدين والجنس واللغة، كما كان يوجد قواعد تنظيمية في علاقات الإغريق السلمية والعدائية، مثل: قواعد شن الحروب، وقواعد التمثيل الدبلوماسي، أما بالنسبة لعلاقة الإغريق مع غيرهم من الشعوب، فإنّ الشعب الإغريقي كان يعتقد بأنّه مميز عن باقي الشعوب الأخرى، وأنّه من حقه إخضاع أي شعب آخر والسيطرة عليه، وبالتالي فإن علاقة الإغريق مع الشعوب الأخرى كانت تقوم على أساس العدائية، وكانت حروبهم معها تحكمية، حيث إنّّها كانت لا تخضع لأي قواعد قانونية، وكان يميزها عدم مراعاة الاعتبارات الإنسانية والقسوة.

العلاقات الدولية في عصر الرومان

كان الرومان مثل الإغريق يعتقدون بتفوقهم على باقي الشعوب، ويحق لهم السيطرة على الشعوب التي تعاديهم، لذا كانت علاقتهم مبنية على الحرب مع باقي الشعوب الأخرى، ولذلك فإنّ الإمبراطورية الرومانية سيطرت على معظم أرجاء العالم، وتميز الرومان بعبقريتهم القانونية، لذلك فقد ظهرت بعض القواعد القانونية بين الرومان ورعايات الشعوب التي تتبع لها، أو التي ترتبط معها بمعاهدات صداقة أو تحالف، وقد أُطلق عليها اسم قانون الشعوب، والذي كان ينظم العلاقات بين أفراد الشعب الروماني وأفراد الشعوب الأخرى، كما كان يحمي أفراد تلك الشعوب أثناء وجودهم في روما أو تنقلهم فيها، ولكن الشعوب التي لا ترتبط بروما بأي معاهدة تحالف أو صداقة، فإن مواطني وممتلكات تلك الدول لا يتم حمايتهم بل ويجوز قتلهم.

يشكل عام فإنّ القانون التشريعي قد ازدهر كثيراً في عصر الرومان، ولكن المسائل المتعلقة بالقانون الدولي العام لم تكن بارزة في المجتمعات القديمة، لأنّه لم يكن هناك أي مساواة بين الشعوب، كما لم يكن يوجد دول مستقلة بسبب تسلط شعب معين على الشعوب الأخرى.

العلاقات الدولية في العصور الوسطى

في هذه المرحلة ظهرت الممالك الإقطاعية، وكان كل أمير إقطاعي يحاول الحفاظ على إقطاعه وتوسيعه، ممّا أدى إلى نشوب حروب متتالية بين الأمراء الإقطاعيين، وكنتيجة لانتشار الدين المسيحي بين الدول الأوروبية وظهور الإسلام والخوف من انتشاره، فقد ظهر تسلط الكنيسة والذي يتنافى مع وجود الدولة المستقلة التي تنظم علاقاتها فيما بينها حسب ظروفها، وبالتالي فإنّ ذلك يشكل عقبة في تطور القانون الدولي العام، لأنّ إسناد العلاقات الدولية إلى الروابط الدينية فقط، سيجعل تلك العلاقات تقتصر على الدول المسيحية فقط دون الدول غير المسيحية.
وبعد تخلُّص الدولة من سلطان البابا ظهرت الحركة الفكرية العلمية المعروفة بعصر النهضة، وما رافقها من حركة الإصلاح الديني.

القانون الدولي في العصور الحديثة

بعد التطور الذي طرأ على القوانين في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، انقسمت أوروبا إلى فريقين، الأول يدعم الولاء للكنيسة، والثاني ينادي بالاستقلال عن الكنيسة، وبالتالي فقد نشبت حرب الثلاثين عاماً، والتي نتج عنها معاهدات وستفاليا سنة 1648، والتي كانت سبباً لظهور الدول التي تتمتع بالسيادة ولا تخضع لأي سلطة عليا.

أهم مبادئ معاهدة وستفاليا

*المساواة بين جميع الدول المسيحية بغض النظر عن عقائدهم الدينية وزوال السلطة البابوية.
  • تطبيق قانون التوازن الدولي للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
  • ظهور فكرة المؤتمر الأوروبي والذي يتألف من الدول الأوروبية المختلفة، والذي كان بهدف تنظيم شؤونهم وبحث مشاكلهم.
  • الميل نحو تدوين القواعد القانونية الدولية التي كانت قد اتفقت عليها الدول في تنظيم علاقاتها المتبادلة.