مقومات الخدمة الاجتماعية

الخدمة الاجتماعية

جاءت الخدمة الاجتماعية بناءً على حاجات الإنسان المتنوّعة، والمتكاثرة، كالحاجات الحياتية، والنفسيّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة، والاقتصاديّة، والسياسية، وهذه الحاجات تتفاقم وتزداد مع تطّور، ونموّ الحياة الاجتماعيّة، وبسبب القدرة المحدودة عند الإنسان، وعدم قدرته على إشباع حاجاته بنفسه.

جاءت فكرة الخدمة الاجتماعية، التي تحققت بتوفّر جهود، ونشاط مجموعة من الأفراد، الذين نظّموا أنفسهم حسب قواعد، ومعايير اجتماعيّة، وعملوا توظيف جهودهم، واستثمارها في إشباع تلك الحاجات.

مع بدايات القرن العشرين، بدأ العمل المهني أكثر تنظيماً، وتأثيراً، وظهر بعده مفهوم البحث العلميّ، والاجتماعيّ، ودراسة الحالة الاجتماعيّة، وبرز مع تلك المفاهيم رواد أثّروا في العمل الاجتماعيّ، ونهضوا به، أمثال: جانا آدامز، وماري ريشموند والتي تُعتبر المُؤسسة الحقيقية لمفهوم الخدمة الاجتماعيّة.

مقوّمات الخدمة الاجتماعيّة

المؤسسة الاجتماعية

عرّف عالم الاجتماع الأمريكيّ جورج ليند المؤسسة الاجتماعية على أنها: أنماط سلوكية تمتد من جيل إلى آخر، وتنشأ هذه الأنماط من تكرار تجمعات الأشخاص الذين يتفاعلون مع بعضهم البعض عند استجاباتهم لظروف الحياة المعقدة، والتي يحددون موقعهم منها.

أذن فالمؤسسة الاجتماعية هي ليست فقط جهات رسميّة، أو هيئات خاصّة تُقدّم الخدمة الاجتماعيّة للأفراد المحتاجين لها فحسب، إنما هي نمط سلوكي مُعمّم بين المجتمعات، ومتوارث كذلك، وهذا يبرز دورها، وأهميتها البالغة في تعزيز، وإسناد مهمات الخدمة الاجتماعية، وتسهيلها.

لقد نشأت المؤسسة الاجتماعيّة، وبدأت كوسيلة اجتماعية تحقق مصالح الأفراد المشتركة، وتجبرهم على الانصياع لظروف المجتمع التقدميّ، والمتطوّر، ليكونوا بذلك أعضاء مثمرين، ومنتجين في شتّى مجالات الحياة.

المنتفع

تقدم الخدمة الاجتماعية خدماتها إلى شخص واحد يُسمّى المنتفع، أو العميل، أو تُقدّم خدماتها إلى مجموعةٍ من الأشخاص يُطلق عليهم مجتمع الخدمة، ويتلقوّن كافة الخدمات التي تُقدّمها مؤسسات الخدمة الاجتماعية في كافّة المجالات الإنسانيّة، والتي يندرج تحت مظلتها المشردون واللاجئون بفعل الحروب، والاضطهادات السياسيّة، أو الكوارث الطبيعية، والأيتام، والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والأحداث، والسجناء، والأرامل، والمطلقات، والمسنون، والعجزة، وغيرهم من الفئات التي تعيش تحت وطأة الظلم، والحرمان، والعوز.

لقد دأبت الخدمة الاجتماعيّة التعامل مع المنتفع، أو طالب المساعدة كحالةٍ فردية، وسعت إلى حلّ مشكلته بخصوصيّة تامّة، لكي تتمكّن في النهاية من إعادة علاقته بالبيئة التي نشأ فيها، لأنّها بذلك تُحرّضه على أن يكون عنصراً فاعلاً، ومُنتجاً فيها، بعد أن كان ينظر لها وكأنها منفاه، أو سجنه الأكبر، كما تسعى إلى تمكين المجتمعات المنتفعة كذلك من إعادة هيكلة أوضاعها القديمة، واستبدالها بنمطٍ مجتمعيّ جديد، بعيد عن أيّ انتهاكات، أو اضطرابات، أو أيّ نوع من التسلّط، والحرمان من أي جهة كانت.

الأخصائي الاجتماعي

هو ذلك الشخص المدرّب، والمؤهّل في كافّة مجالات الخدمة الاجتماعيّة، والذي يتواصل بشكلٍ مباشر مع الفئات المُستهدفة لتقديم الدعم النفسيّ، والمعنويّ لها، في مختلف البيئات، والمجتمعات المعنيّة بالخدمة.

يجب أن تتوفّر في الأخصائي الاجتماعي مجموعةٌ من المهارات، والقدرات التي تُمكّنه في العمل بالخدمة الاجتماعية، في كافة قطاعاتها، وأن يتحمّل كلّ الظروف، ويتجاوز كلّ المعوّقات التي من الممكن أن تحدّ من وصول الخدمة الاجتماعيّة للفئات المستهدفة، أو تُقلّل منها.