أشرق أم أغرب يا سعيد – الشاعر البحتري

أُشَرّقُ أمْ أُغَرّبُ يا سَعيدُ،
وَأُنْقِصُ مِنْ زَماعي، أمْ أزِيدُ
عدَتني، عن نَصِيبينَ، العَوَادي،
فنجحي أبْلَهٌ فيهَا، بَليدُ
أرَى الحِرْمَانَ أبْعَدُهُ قَرِيبٌ
بهَا، وَالنُّجْحَ أقْرَبُهُ بَعِيدُ
تَقَاذَفُ بي بِلادٌ عَنْ بِلادي،
كَأنّي بَيْنَهَا خبر شَرُودُ
وَبالسّاجورِ، من ثُعَلِ بنِ عَمروٍ،
صَنَاديدٌ مِنَ الفِتْيَانِ صِيدُ
إذا سَجَعَ الحَمامُ هُناكَ قالوا،
لفَرْطِ الشّوْقِ، أينَ ثوَى الوَليدُ
وَأينَ يَكونُ مُرتهن بِدَهْرٍ،
شَرِيدٌ في حَوَادِثِهِ، طَرِيدُ
وَخَلّفَني الزّمَانُ عَلى أُنَاسٍ،
وُجُوهُهُمُ وَأيْديهِمْ حَدِيدُ
لَهُمْ حُلَلٌ حَسُنّ، فهُنّ بِيضٌ،
وَأفعال سَمُجنَ، فهُنّ سُودُ
وَأخْلاقُ البِغالِ، فكُلَّ يَوْمٍ
يَعِنُّ لبَعضِهِمْ خُلُقٌ جَدِيدُ
وَأكثرُ مَا لسائِلِهِمْ لَدَيْهِمْ،
إذا ما جَاءَ، قَوْلُهُم: تَعُودُ
وَوَعدٌ ليسَ يُعرَفُ من عبوسِ انْـ
ـقِباضِهِمِ، أوَعْدٌ أمْ وَعِيدُ
أُنَاسٌ، لَوْ تَأمّلَهُمْ لَبيدٌ،
بكَى الخَلَفَ الذي يشكو لَبيدُ
ألا لَيتَ المَقادِرَ لمْ تُقَدِّرْ،
وَلمْ تكُنِ الأحاظي وَالجُدُودُ
فأنْظُرَ أيُّنَا يُضْحي، وَيُمْسِي
لَهُ هَذي المَوَاكبُ، وَالعَبيدُ
فَلَوْ كانَ الغِنَى حَظّاً كَرِيماً،
لأخْطأهُ النّصَارَى وَاليَهُودُ
وَلَكِنّ الزّمَانَ زَمانُ سُوءٍ،
سِجالُ الأمْرِ يَفعَلُ ما يُرِيدُ
فأسْعَدُهُ عَلى قَوْمٍ نُحُوسُ،
وَأنْحَسُهُ عَلى قَومٍ سُعُودُ