يا غاديا والثغر خلف مسائه – الشاعر البحتري
يا غادِياً، وَالثّغرُ خَلفَ مَسائِه،
يَصِلُ السُّرَى بأصِيلِهِ وَضُحَائِهِ
ألْمِمْ بساحةِ يُوسُفَ بنِ محَمّدٍ،
وَانظُرْ إلى أرْضِ النّدَى وَسَمائِهِ
وَاقرَ السّلامَ على السّماحةِ، إنّها
مَحظورَةٌ مِنْ دونِهِ وَوَرَائِهِ
وَأرَى المكَارِمَ أصْبحَتْ أسماؤها
مُشتَقّةً، في النّاسِ، مِن أسمائِهِ
كالغَيثِ مُنَكِباً على إخْوَانِهِ؛
كَالنّارِ مُلْتَهِباً عَلى أعْدائِهِ
فارَقْتُ يوْمَ فِرَاقِهِ الزمَن الذي
لاقَيْتُهُ يَهْتَزُّ، يَوْمَ لِقَائِهِ
وَعَرَفْتُ نَفسِي بَعدَهُ في مَعشَرٍ
ضَاقُوا على بعُقْبِ يوم قَضَائِهِ
ما كُنتُ أفهَمُ نَيْلَهُ في قُرْبِهِ
حتّى نَأى، ففَهِمْتُهُ في نَائِهِ
يفديك راج مادح لم ينقلب
إلا بصدق مديحه ورجائه
وَافاهُ هَوْلُ الرّدّ بَعدَكَ فانثَنَى
يَدعوكَ، وَاللُّكّامُ دون دُعائِهِ
وَمُؤمَّرٍ صَارَعْتُهُ عَنْ عَرْفِهِ،
فوَجَدْتُ قُدْسَ مُعَمَّماً بعَمائِهِ
جِدَةٌ يَذودُ البُخلَ عن أطرَافِها،
كالبَحرِ يَدفَعُ مِلحَهُ عَن مائِهِ
أعطَى القَليلَئ وَذاكَ مَبلغُ قَدرِهِ،
ثمّ استَرَد وَذاكَ مَبلَغُ وَائِهِ
ما كانَ من أخذي غَداةَ رَدَدْتُهُ
في وَجهِهِ إذْ كانَ من إعطائِهِ
وعجبت كل تعجبي من بخله
والجود أجمع ساعة من رائه
وَقَدِ انتَمَى، فانظُرْ إلى أخلاقِهِ
صَفحاً، وَلا تَنظُرْ إلى آبَائِهِ
خطَبَ المَديحَ، فقُلتُ خَلِّ طرِيقَهُ
ليَجوزَ عَنكَ، فلَستَ من أكفائِهِ