استوقفا الركب في أطلالهم وقفا – الشاعر البحتري
اسْتَوقِفا الرَّكبَ في أَطْلالِهم، وقِفا
وإِنْ أَمَحَّ بِلىً مأَثُورها وعَفَا
تأَبى المنَزلُ أَنْ آبى الأَسى ،فَمَتى
أَبْللْتُ مِنْهُ سُلُوَّا هِضْننِي كَلَفَا
يَستَشرِفُ الناسُ إِعوالي وقَدْ جزَعتْ
أَحداجُهُمْ هضبَاتِ الجزعِ من شَرفا
وَفي الخُدور بُدُورٌ فَلَّما طَلعتْ
إِلاَّ تصرَّمَ ضَوءُ البدْرِ أَوْ كُسِفَا
مَقْسُومةٌ بينَ أَردافٍ مبتَّلةٍ
تَدعوا الهَوَى، وخُصُورٍ أَرهِفتْ هيَفا
قَدْ كُنتُ أَشكوُ تَمادِي حُبّها حدثاً
فالآنَ أَطْمعُ في إِنصافِها نَصفا
ولي فُؤادٌ إذا نهنَهْتُ صَبْوتًهُ
أَبى، ودمعٌ إِذا كفْكفْتُهُ وكَفَا
أَكادُ مِنْ كلَفٍ أُعْطِي الحمام يَداً
إِذا الحَمَامُ عَلَى أَغصَانِهِ هتَفا
مَا بَاشَرَ النَّارَ مَشْبُوباً تضَرُّمُها
مَنْ لم يُضِفْ تحت أَحْناءِ الحشَا كلَفَا
أَراجع ٌمِنْ شَبابي قيضُ مُبتَذَلٍ
أَنفقْتُهُ في لُبانَاتِ الهَوَى سَرفا
للهِ أِيَّامُنا ما كان أَحسَنَها
لَوْ أَنَّ دَهراً تَوَلَّى ذِهِباً وقَفَا
لا تَكذبِنّّ فَمَا الدُّنيا بِراجعةٍ
ما فات من لذَّةِ الدَّنيا وما سَلفا
لَوْلاَ الأَميرُ ابْنُ صفْوانٍ وأَنغُمُهُ
ما لانَ مَا لانَ مِنْ أَيامِنا وصفا
غَمْرٌ يَمدُّ إِلى العَليَاءِ مِنْهُ يَداً
تُعْطِيهِ عادَتُها الممْنُوعَ والسَّعَفَا
إِنْ أَخلفَ القَطرُ أَوكدتْ مَخِيلَتُهُ
كاَنَتْ يَدَاهُ لنا من صَوْبِهِ خَلَفَا
ماضِي الحُسامِ إِذا حَدُّالحُسَامِ نَبَا
ثَبْتُ الجَنَانِ إِذا قَلْبُ الجَنانِ هَفَا
رَبُّ العزَائِمِ لَوْ رَادى بأَصغرِها
ذوائبُ الهضْبِ مِنْ رضْوى لَقَدْ رَجفَا
سائِلُ سُليْماً بهِ إِذْ ماقَ جَاهلُها
حَيناً، فأَدْركَهُ مَكرُوهُ ما اقْترفا
مِنْ حَيْنِهمْ أَنْ غلوْا بَغْياً ،فغَادَرَهُمْ
فَرطُ الغُلُوِّ لأِطرافِ القَنا هَدَفا
أَتةكَ يُزْجِيهُمُ للحَينِ جاهِلهُمْ
مُستَقْدِماً بِهمُ للبَغْيِ مُزْدَلِقَا
في كلِّ يومٍ صُدُورُ السُّمْرِ مُشرَعةً
تَمْرى نجيعاً على أَعجازهِمْ نُطَفَا
أَمطرت َ أَرؤُسَهُمْ ضَرباً ترْكتَ بهِ
مأَثورَةَ السُّمرِ مُنآداً ومُنقصِفا
يَسْتنزلُ القوْنَسَ المَحبُوكَ مُنْبتِراً
مِنْ وَقْعِهِ ويخُوضُ النَّثرَةَ الزَّغَفا
كأَنَّ وَقَعَ سُيوفِ الهِنْدِ سابِحةً
في هامِهمُ حَشُّ نَار تَحتَها سعفا
كَمْ مُقْعِصٍ مِنْهُمُ تدمى تَرائِبُهُ
ولاحِجٍ في وثاقِ الأَسرِ قد رسفا
أَولى لَهُمْ لَوْ بِغيرِ الطَّاعةِ اعْتصموا
لاسْتَمطُروا عارضاً مِنْ سَطوَةٍ قَصَفَا
أَبوك أَطْفَا نارَ الحربِ إِذْ كَشَرتْ
شَنْعاءَ مَذْرُوبةً أَنيابُها عَضََفَا
عَمَّ الجَزيرةَ عَدْلاً شائِعاً، ونَدْى
غمْراً ، أَماطَا ظَلامَ الظُّلْم فانْكشَفَا
فأَصْبحَتْ بَعْدَ أَنْ غاضَتْ بَشَاشَتُها
بِعدْلِهِ ونداه ُرَوْضَةً أَنُفَا
لَمْ يَتَّرِكْ وسَطاً مِنها على وَجَلٍ
إِلا عَلَى الأَمنِ مُطوِيًّا،ولا طرفا
يا ناصِرَ الدَّينِ كَافا اللهُ سَعْيَكَ عن
مَعاشِر شارَفُوا أَنْ يَنْفَدُوا تَلَفَا
سلَلْتَ دُونَ بني الإِسلامِ سيفَ وغىً
أبْرَا الجَوانِحَ مَنْ أَوْغامِها وشفَى
أَطفَاْتَ نارَ العِدى عنْهُمْ وقد ذَكُوتْ
وذُدْتَ نَابَ الرَّدى عنْهُمْ وقَدْ صَرَفَا
حَتَّى إِذا مَا الهُدى مَالتْ دَعائِمُهُ
واسْترْجفَ العَدْلُ مِنْ أَقطارِهِ فهَفَا
دَلَفْتَ مُستَنْصِرا باللهِ مُنتصِرا
للهِ غيْرانَ تَحْمي دينَه أَنِفا
لَمَّا تَراءَاك في دَيجُورِ قَسْطَلِهِ
تُزْجِي من الموْت فِيها عارِضا قَصَفَا
وَلَّى وخَيْلكَ تَحْت اللَّيل تنْشُدُهُ
مُسْتَعْصِما بحبالِ الرُّوم مُعْتَسِفَا
إِنْ يَنْجُ مُنهَزِماً رَكْضاً فقَدْ وطِئتْ
مِنْهُ الرِّماحُ صَليفيْ كاهِلٍ وَقَفَا
لَئِنْ أَقَمتَ قَناةَ ا لدِّين واعْتدَلَتْ
فَمَا تَرى أَوَداً فيها ولا جَنَفا
فلَمْ يزَل مِنْكُم حِصْنٌ يُلاَذُ بهِ
إِذا عجاجُ الردَى في فِتْيةٍ عَصَفَا
إِليكَ أَلقَتْ نِزَارٌ ثِنْيَ مِقْودِها
طَوْعاً مِنها الشَّمْلُ مُؤْتَلفَا
لَوْلا دِفاعُكَ كانَ المُلْك مُهْتَضَما،
والشَّعْبُ مُنفَرجاً ،والأَمْرُ مُخْتَلِفَا
لِلهِ أَنْتَ رحى هَيْجاءَ مُشْعَلةٍ
إِذا القَنَا مِنْ صُباباتِ الطُّلَى رَعَفَا
لَمَّا تَمَادتْ شَكاةُ الدَّينِ أَعجزَهُ
إِلاَّ بِسَيْفِكَ مِنْ تِلْكَ الشَّكاةِ شِفَا
أَمّ العُفَاةُ فقدْ أَلقَوْا عِصِيَّهُمُ
حيتُ العطايا بَدراً والنَّدى سَرقا
رَأَوْكَ أَندَى الوَرَى كَفَّا، وأَمْنعَهمْ
كَهْفاً، وأَوْطأََهُمْ للمُعْتفي كَنَفَا
ما كان مِنْكَ الفنَاءُ الرَّحبُ إِذْ نَزُلوا
ضَنْكَ المَحَلِّ، ولا كَانَ النَّوالُ لفَا
إِذا الرِّجالُ تَعَاطَوا ذِكْرَمَكْرُمَةٍ
غَمرْتهم سُؤْدُداً اَو طُلْتَهمْ شَرَفَا
أَمْسَى بِكَ المُصرَمُ المحْرومُ مُغْتبِطاً
مُعْدًى على الدَّهر ، والمظْلومُ مُنتصَفَا
بِطَولكَ انْحازَتِ الأَيامُ رَاجِعَةً
عن سَاحَتي ،وصُرُوفُ الدَّهرِ مُنْصَرفَا
حَسْبِي بِجودِك فَذَّا أَستَعينُ بِهِ
عَلَى الخُطًوبِ إِذا ما اعْصوْصَبَتْ وكَفَى