شرخ الشباب أخو الصبا وأليفه – الشاعر البحتري
شَرْخُ الشّبابِ أخو الصّبَا، وأليفُهُ،
والشَّيبُ تَزْجِيَةُ الهَوَى وَخُفُوفُهُ
وأرَاكَ تَعجَبُ مِنْ صَبَابَةِ مُغرَمٍ
أسْيَانَ طَالَ على الدّيارِ وُقُوفُهُ
صَرَفَ المَسَامِعَ عَن مَلامةِ عَاذِلٍ،
لا لَوْمُهُ أجْدَى، وَلاَ تَعْنِيفُهُ
وأَبي الظَّعائنِ يَوْمَ رُحن َلَقَدْ مًضى
فِيهِنَّ مَجْدَولُ القَوَامِ قَضِيفُهُ
شَمْسٌ تألّقُ، والفِرَاقُ غُرُوبُهَا
عَنّا، وَبَدْرٌ، والصّدُودُ كُسُوفُهُ
فإذا تَحَمّلَ مِنْ تِهَامَةَ بَارِقٌ،
لَجِبٌ، تَسيرُ مَعَ الجَنُوبِ زُحُوفُهُ
صَخِبُ العِشِّي، إذا تَهامة ُبْرُقُهُ
ذَعَرَ الأجَادِلَ في السّماءِ حَفيفُهُ
فَسَقَى اللّوَى لا بل سَقَى عَهدَ اللّوَى
أيّامَ تَرْتَبِعُ اللّوَى وَنَصِيفُهُ
حَنّتْ رِكابي بالعِرَاقِ، وَشَاقَها
في نَاجِرٍ، بَرْدُ الشّآمِ وَرِيفُهُ
وَمَدافعُ السّاجُورِ، حَيثُ تَقَابَلَتْ
في ضِفّتَيْهِ تِلاعُهُ وَكُهُوفُهُ
وَيَهيجُني ألاّ يَزَالَ يَزُورُني
مِنْها خَيَالٌ، مَا يَغُبُّ مُطيفُهُ
وَشِفَاءُ ما تجدَُ الضّلُوعِ مِنَ الجَوَى
سَيرٌ يَشُقُّ، على الهِدانِ، وَجِيفُهُ
إنْ لَمْ يُرَيّثْنَا الجَوَازُ عَنِ الّتي
نَهْوَى، وَيَمْنَعْنَا النّفُوذَ رَفيفُهُ
أوْ نَائِلُ الفَتْحِ بنِ خَاقَانَ، الذي
للمَكْرُمَاتِ تَليدُهُ، وَطَرِيفُهُ
مَلِكٌ بِعَالِيَةِ العِرَاقِ قِبَابُهُ،
يَقْرِي البُدُورَ بها، ونحنُ ضُيُوفُهُ
لَمْ ألْقَهُ، حَتّى لَقِيتُ عَطَاءَهُ
جَزْلاً، وَعَرّفَني الغِنَى مَعرُوفُهُ
فَتَفَتّحَتْ بالإذْنِ لي أبْوَابُهُ،
وَتَرَفّعَتْ عَنّي إلَيْهِ سُجُوفُهُ
عَطَفَتْ عَليّ عِنَايَةٌ مِنْ وُدّهِ،
وَتَتَابَعَتْ جُمَلاً إِلَي أُلُوفُهُ
عَالي المَحَلّ، أنَالَني بِنَوَالِهِ
شَرَفاً، أطَلّ عَلَى النّجُومِ مُنيفُهُ
أيُّ اليَدَينِ أجَلُّ عِنْدِيَ نِعْمَةً:
إغْنَاؤهُ إيّايَ، أمْ تَشْرِيفُهُ
غَيْثٌ تَدَفّقَ، واللُّجَينُ رِهَامُهُ،
فينَا، وَلَيْثٌ والرّماحُ غَرِيفُهُ
وَليَ الأُمُورَ بِرأَيهِ فَسَدَادُهُ
إمْضَاؤُهُ بالحَزْمِ، أوْ تَوْقيفُهُ
وَثَنى العُداةَ إلَيْهِ عَفْوٌ، لَوْ وَنَى
لَثَنَتْهُمُ غَصْباً إلَيْهِ سُيُوفُهُ
نِعَمٌ، إذا ابْتَلّ الحَسُودُ بِسَيْبِها
أحْيَتْهُ بالإفْضَالِ، وَهيَ حُتُوفُهُ
قُلْ للأمِيرِ، وأيُّ مَجدٍ ما التَقَتْ
مِن فَوْقِ أبْنِيَةِ الأميرِ سُقُوفُهُ
أمّا السّماحُ، فإنّ أوََّلَ خِلّةٍ
زَائَنْْهُ أنّكَ صِنْوُهُ، وَحَلِيفُهُ
لَمّا لَقِيتُ بكَ الزّمانَ تَصَدّعَتْ
عَنْ سَاحَتي أحْدَاثُهُ، وَصُرُوفُهُ
وأمِنْتُهُ، وَلَوَ أنّ غَيْرَكَ ضَامِنٌ
يَوْمَيْهِ لَمْ يُؤمَنْ عَلَيّ مَخُوفُهُ
فَلَئِنْ جَحَدْتُ عَظيمَ ما أوْلَيْتَني،
إنّي، إذاً، وَاهي الوَفَاءِ ضَعِيفُهُ
لمْ يأتِ جُودُكَ سَابِقاً في سُؤدَدٍ،
إلاّ وَجَاهُكَ للعُفَاةِ رَدِيفُهُ
غَيْثَانِ إنْ جَدْبٌ تَتَابَعَ أقْبَلا،
وَهُمَا رَبيعُ مُؤمِّلٍ، وَخَرِيفُهُ
فَهَلُمّ وَعْدَكَ في الإمَامِ، فإنّهُ
فَضْلٌ إلى جَدْوَى يَدَيْكَ تُضِيفُهُ
وَهْوَ الخَليفَةُ، إنْ أسِرْ، وَعَطَاؤهُ
خَلْفي، فإنّ نَقيصَةً تَخْليفُهُ