بحث عن الزجاج

الزجاج

بدأ الإنسان باستخدام الزجاج منذ الألفيّة الثانية قبل الميلاد، وكثرت استخداماته في الأواني والنوافذ والحلي وغيرها، وأكمل الإنسان في العصور اللاحقة ما بدأه غيره قديماً، وبدأ يُطوّر في استخدامات الزجاج وطرق إنتاجه وصناعته ومجالات استخداماته.

يُعرف الزّجاج بأنّه مادة هي مادة صلبة تتوزع الذرات فيها بشكل عشوائي على مسافات متساوية ما يجعل منها مداة لا بلورية، وتنصهر عند درجة حرارة مرتفعة جداً، وتتحوّل إلى الحالة الصلبة عند تبريدها، وتمتاز هذه المادّة بهشاشتها وشفافيتها أيضاً، وتعتبر أيّ مادة لا بلورية ذات صلابة زجاجاً وخاصّةً إذا كانت في تحولاتها زجاجية، ويَستخدم الإنسان في صناعته للزجاج مجموعة من المواد الطبيعية، وهي: الرمل، والحجر الجيري، والصودا، والفلسبار، والسيلنيوم، والكروميت، والجبس، والفحم.

خواص الزجاج

يمتاز الزجاج بثلاثة خواص رئيسيّة، وهي:

  • الشفافية: يتّصف الزجاج بدرجةٍ عالية من الشفافية المتجانسة؛ إذ يسمح بمرور الأشعة الضوئية من فوق البنفسجية إلى تحت الحمراء من خلاله، كما تمنحه هذه الخاصية القدرة عل كسر الضوء وعكسه؛ إذ يمتلك عامل انكسار يتراوح ما بين 1.467 و2.179.
  • القساوة والصلابة: على الرّغم من أن الزجاج جسم شفاف هش ويَسهل كسره إلا أنّه له القدرة على مقاومة الاحتكاك، وتَتفاوت درجة القساوة للزّجاج وفقاً لتركيبته ومكوّناته، وتتحكم نسبة الجير والسيليكا بشكلٍ مباشر في قساوة الزجاج وصلابته.
  • المقاومة للمَواد الكيميائية: يُعتبر الزجاج مادةً مقاومةً للمحاليل الكيميائية، إلا أنّه ليس لديه القدرة على مقاومة حمص الفلوردريك والمصهرات القلوية، وتعمل هذه الأخيرة بدورها بكلّ سهولة على حلّ الزجاج.

إنتاج الزجاج

يَدخل الزّجاج بعدة مراحل حتى يصل إلينا في نهاية المطاف بالأشكال التي نراها، وتكون أولى مراحل صناعته هي صبّ المادة الزجاجية على شكل لوح، ومن ثمّ العمل على درفلته، وبعد ذلك الانتقال لمرحلة صقله، كما يمكن أن يتم أخذ كرة من الزجاج ونفخها، ومن ثم إدخالها في مرحلة دوران ضمن حركة مغزلية بإسنادها باستخدام طرف قضيب، وتكون هذه الكرة مسندةً على سطح ذات برودة وأملس، وحتى يتم تحويلها لشكل إسطواني أو قرص، وحتى يتم تنعيم سطحه وصقله فإنه يتمّ تعريضه لدرجة حرارة عالية بواسطة اللهب، ويعتمد الإنسان على أسلوبين في صناعة الزجاج، وهما:

  • طريقة بيترسبرج: تتشابه طريقة بتسبرج المبتكرة عام 1926م مع طريقة فوركو المبتكرة عام 1904م باعتمادها على طرق تصنيع الزجاج من خلال سحب الشريط الزجاجي من فرن الزجاج بشكل رأسي، وذلك باستخدام الدرافيل المصنوعة من الاسبستوس التي تديرها محرّكات خاصة، ويتم سحب الشريط بعد أن يتمّ مسكه من الناحية العلوية وذلك لتبريده لمستوى معيّن يكون كافياً لمنحه الصلابة، ويكون ذلك ضمن مسافةٍ مُعيّنة بعيدة عن فوهة الفرن، وينتج عن هذه الطريقة المسماه بالتلدين إكساب الزجاج البرودة ضمن معدلات معينة بكل بطء، وتعتبر هذه الخطوة هامّةً جداً لمنع نشوء إجهادات للزجاج التي تنشأ عادةً عن التبريد السطحي السريع، ويمتاز الزجاج المصنوع بهذه الطريقة بالشفافية العالية، ودرجة عالية من صقل السطح، إلّا أنّه لا بد من وجود بعض التشوهات والعيوب.
  • أسلوب الطفو: ابتكرت شركة بيلكنجتون البريطانية أسلوب الطفو لصناعة الزجاج عام 1959م، ولجأ العالم بأسره لاستخدامه في تصنيع الزجاج، وبذلك أصبح عالميّ الاستخدام، وتستند عملية الطفو في صناعة الزجاج على إحداث الحركة على الشريط الزجاجي البالغ من العرض ثلاثة وثلاثين متراً إلى خارج فرن الصهر، وبعد إخراجه يتم تطويفه على مفطس من مصهور القدير، ويتمّ تخزين هذا الشريط الزجاجي ضمن بيئةٍ مناسبة تُحافظ على تركيبته الكيميائية وسط درجة حرارة مرتفعة، ويبقى في هذا الوسط حتى تتساوى المواضع غير المتساوية لضمان تساوي السّطحين وتوازيهما، ويمتاز السطح الزجاجي المُصنّع بهذا الأسلوب بالاستواء التام.

صناعة الزجاج

تعتمد صناعة الزجاج بشكل رئيسي على وجود عامل الحرارة العالية، وذلك بسبب صناعته بطريقة التسخين، وعند تعرض الزجاج لدرجات حرارة عالية فإنه يتحول إلى مادة سهلة التشكيل من خلال عملية القولبة أي وضعها في القالب المراد للزّجاج اتخاذ شكله، ويراعي صانع الزجاج مجموعةً من العوامل أثناء عملية صناعة الزجاج ومن أهمها الكميّات المحدّدة من مكونات الزجاج؛ كالرمل، والجير، والصودا التي تمنح الزجاج خواصه التي يمتاز بها.

ومن الممكن أيضاً أن يدخل كلٌّ من أكسيد الزرنيخ الأبيض والألمنيوم ضمن مكونات الزجاج، ويتم تعريض الخليط الناتج لدرجة حرارة عالية ضمن فرن حراري لتسخين المكونات المخلوطة مع بعضها البعض لتصبح بعد ذلك عبارة عن كتلة ذات لزوجة عالية أقرب للسيولة الكثيفة، ويصبح بذلك تشكيل هذه الكتلة اللزجة سهلاً تحت تأثير درجات الحرارة العالية، وعندما يتمّ إخراجها من الفرن وتعريضها لدرجة حرارة منخفضة فإنها تتّخذ الشكل الذي تمّ قولبتها عليه.

أنواع الزجاج

تصنف أنواع الزجاج وفقاً لعدة تصنيفات، وهي:

  • حسب التركيب الكيميائي: يقسم الزجاج إلى عدة أنواع وفقاً لتركيبته الكيميائية، وهي:
    • زجاج الصودا والجير: يعتبر هذا النوع من الزجاج الأكثر استخداماً، ويدخل في صناعة الأواني والألواح الزجاجية، وخاصّةً في أواني حفظ المشروبات، وتبلغ نسبة استخدامه ما يقارب 90%، ويمتاز بانخفاض تكاليفه، وقوّته ومتانته، وهو ثابت كيميائياً، وقابل لإعادة التدوير والصهر أكثر من مرة، ويتم تحضيره بخلط كربونات الصوديوم والجير والدولوميت والسيلكا وأكسيد الألمنيوم لتُشكّل في مجموعها كبريتات الصوديوم وكلوريد الصوديوم، وتدخل بعدها إلى الفرن لتُصهر عند درجة حرارة ألف وستمائة وخمس وسبعين درجة.
  • الزجاج الرصاصي الكريستال: يمتاز هذا النوع من الزجاج بعلوّ معامل الانكسار الخاص به للضوء، ويُعدّ ذا كثافة عالية، ويدخل في صناعة الإكسسوار والتحف والثريا، وانتشر استخدامه قديماً كثيراً في صناعة الأواني الحافظة للطعام والشراب، إلا أنّه تم حظر استخدامه نظراً لما يلحقه من خطر على الصحة.
  • زجاج السيليكا: ويُسمّى أيضاً بالكوارتز، وتشكل مادة السيليكا نسبةً كبيرة من مكونات هذا النوع من الزجاج لتصل إلى 96% من مكوناته، لذلك حتى يتم تصنيعه يجب تعريضه لدرجات حرارة مرتفعة جداً، ويمتاز بقدرته العالية على مقاومة درجات الحرارة. يُستخدم في صناعة موازين الحرارة والأفران.
  • حسب المعالجة الفيزيائية، ويصنف إلى عدة أنواع، وهي:
    • الزجاج الملدن.
    • الزجاج المقسى.
  • أنواع أخرى: ويضم هذا الصنف جميع أنواع الزجاج غير المصنّفة وفقاً للتركيب الكيميائي والمعالجة الفيزيائية، ومنها:
    • البرسبكـس.
    • زجاج الأمان.
    • الزجاج المسطح.

اكتشاف الزجاج

بدأ اكتشاف وجود الزجاج لأوّل مرة على يد مجموعة من البحّارة؛ إذ لاحظوا بعد أن أضرموا النار على أحد الشواطئ الرملية التي تحتوي رمالها على مادة السيليكا بأن هناك مادة سائلة شفافة لامعة، لم تكن سائلة قبل وجود الحرارة، وبعد إخماد النار عادت هذه المادة لطبيعتها الصلبة، وكانت هذه الخطوة الأولى في مسيرة اكتشاف الزجاج.

عمل الإنسان منذ تلك الحقبة على إدخال الزجاج بعدّة استخدامات مختلفة في حياته، وكان من أكثر الاستخدامات انتشاراً للزجاج قديماً هو صناعة الخزف المزخرف؛ إذ كان الإنسان يُعرّض أسطح الحبيبات الرملية الممزوجة مع الصودا والبوتاس لدرجة حرارة عالية، واستخدم أيضاً هذا الخزف في مجالات صناعة الخرز والنقوش والحلي، ومع حلول الألفية الثانية قبل الميلاد بدأ الانسان باستخدام الزجاج كأوعية حقيقية، إذ لجأ الرومان إلى استخدامه في صناعة النوافذ على الرّغم من عدم نقائه وصفائه؛ إذ كان يصبّ على شكل لوح مسطح، وظهر استخدامه في القرن السابع في بعض الكنائس القديمة.