هذا كتابك فيه الجهل والعنف – الشاعر البحتري
هذا كتابُكَ، فيهِ الجَهلُ وَالعُنُفُ،
قَد جاءَنَا، فَفَهِمنا كلَّ ما تَصِفُ
أمَا تَخافُ القَوَافي أنْ تُزِيلَكَ عَنْ
ذاكَ المَقامِ، فتَمضِي ثمّ لا تَقِف
وَشاعراً لا يَكُفُّ النّصْفُ غَضْبَتَهُ
إنْ هُزّ، وَاللّيثُ يَرْضَى حينَ يُنتَصَف
تَعيبُني بِهَنَاتٍ لَسْتُ أعْرِفُهَا
منّي، وَأنْتَ بهَا جَذْلانُ مُعترِفُ
لا تَجْمَعَنّ عَلَيْنَا رَدّةً وَبَذا
قَوْلٍ، فذلكَ سوءُ الكَيلِ وَالحَشَفُ
مَا لي وَللرّاحِ تَدْعُوني لأشْرَبَهَا،
وَلي فُؤادٌ بشيءٍ غَيرِها كَلِفُ
إنّ التّزَاوُرَ فيمَا بَيْنَنا خَطَرٌ،
وَالأرْضُ من وَطأةِ البِرْذَوْنِ تنخسِفُ
إذا اجتَمَعْنَا عَلى يَوْمِ الشّتَاءِ، فلي
هَمٌّ بِما أنَا لاقٍ، حينَ أنْصَرِفُ
أبِالغَديرِ، إذا ضَاقَ الطّرِيقُ بِهِ،
أمْ بالطّرِيقِ المُعَمّى، حينَ يَنعطِفُ
وَقُلْتُ دَجْنٌ يُرِيقُ العْينَ رَيّقُهُ،
مِنْ كلّ غادِيَةٍ أجْفَانُها وُطُفُ
فَكَيفَ يَطرَبُ للدَّجنِ المُقيمِ، إذا
سَحّتْ سَحائِبُهُ مَنْ بَيْتُهُ يَكِفُ
لا أقرَبُ الرّاحَ أوْ تَجْلُو السّماءُ لَنَا
شمسَ الرّبيعِ وَتَبهَى الرّوْضَةُ الأُنُفُ
وَيَفْتُقُ الوَرْدُ خُضْراً عَن مُعَصْفَرَة،
وَيكتَسِي نَوْرَهُ القاطُولُ وَالنَّجَفُ
هُنَاكَ تَجميعُ شَمْلٍ كانَ مُفترِقاً
مِنّا، وَتأليفُ رَأيٍ كَانَ يَختَلِفُ