أين تقع كنعان حالياً
الروايات التاريخيّة عن موقع كنعان
تروي كتب التاريخ القديم، بأنّ أرض كنعان قديماً هي منطقة الشرق الأدنى، وهي كلّ من البلدان المتجاورة لبعضها البعض والتي تعرف أيضاً ببلاد الشّام، وتحديداً فلسطين ولبنان، وسوريا والقسم الغربي فقط من المملكة الأردنية، وتمتّعت هذه الرقعة من الأرض خلال العصر البرونزيّ إلى نزاع بين كلٍّ من الآشوريين والإمبراطوريّة المصريّة، وذلك كان خلال ما يعرف بحقبة العمارنة، إذ كانت هذه المنطقة من أهم المناطق سياسياً، وقد ذُكرت هذه الأرض بكنعان وسكانها أطلق عليهم الكنعانيين، إلاّ أنّه وفي خلال حكمها من قِبَل الإمبراطوريّة الرومانيّة، تمّ إطلاق اسم سوريا على هذه المنطقة.
لم يمض القرن الرابع لما قبل الميلاد، إلاّ وقد امتدّ الكنعانيّون في وقاموا بتوسيع مملكتهم لتصل من المناطق الغربية في البحر الأبيض المتوسّط، لتصل حتّى سواحل المحيط الأطلسي، وكثرت الأقاويل والرسائل القديمة التي تحدّثت عن أصل تسمية كنعان بهذا الاسم، فكان هنالك نظريات عديدة، إذ نجد بأنّ إحدى هذه النظريات هي الأكادية والتي تقوم بأنّ البابليين همّ أوّل من أطلقها عليهم بلفظة كناجي والتي تعني الأرجواني أو الأحمر، واستمدّت هذه النظرية من رسائل وجدت في تل العمارنة في الدولة المصريّة.
نجد نظريّة مصريّة تقول بأنّ المصريين هم من لفظوا كلمة فنخو التي كان يستعملها الإغريق، فاستعملها أهل مصر للدلالة على أرض الشام وشعبها، وتأتي كلمة فنخو تحريف عن كلمة فويفكس أي فينيقيا، وهنالك النظرية الكنعانية حيث وجد بعض النصوص عن الملك أدريمي والذي كان ملكاً على المملكة الأموريّة الكنعانيّة والتي تقول بأنّ الكنعانيوّن هم من أطلقوا هذه التسمية على أنفسهم.
أمّا النظرية العبرية، والتي تعود مصادرها للتوراة، حيث تقول بأنّ الكنعانيون هم نسل حام، وكانت عادة عند اليهود أن ينسبوا أعدائهم دائماً إلى نسل حام، وكلمة كنعان أصلها في السامية من كلمة كنع والتي تعني منخفض، ونجد أنّ النظرية العربية تماشي العبريّة من حيث أصلع من كلمة كنع أو خنع والتي تعني في اللغة العربية الهبوط أو الانخفاض.
نجد الحوريون يؤيّدون بأنّها تعني الأرجوان أو القرمز، إلاّ أنّ هنالك مؤرخين يؤكّدون بأنّ تسمية الهكسوس أطلقها المصريين على الكنعانيين لما قاموا بحكم مصر سنوات.
مع توالي الحقب والسنون، وكثرة الحروب والشتات عبر التاريخ الطويل مما قبل الميلاد وحتّى أيامنا هذه، ونتيجة لنزوح وهجرة أقوام عديدة، فإنّ بعض المؤرخين يرون بأنّ الكنعانيين هم سكان شبه الجزيرة العربيّة، فمنهم من يقرّ بأنّهم سكّان عُمان لكون وجود ساحلٍ في سلطنة عُمان يعرف باسم كنعان، ومنهم من يقول بأنّهم سكان منطقة الخليج العربي، ويعزوا ذلك إلى وجود عدد كبيرٍ من أسماء المناطق التي تتشابه فيما بينها مع التي تقع في بلاد الشّام.
إلاّ أنّه ومهما اختلفت الروايات والقصص والتواريخ في تحديد دقيقٍ لمكان الكنعانيين من القِدم وحتّى اليوم، فإنّه لا مجال للشك أو التشكّك بأنهم سكّان الأرض العربيّة الأوائل، ومهما حصل عبر التاريخ من تهجير وتشريد، فإنّ الكنعانيين باقون حتّى يومنا هذا يسكنون الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.