ألما فات من تلاق تلاف – الشاعر البحتري

ألِمَا فَاتَ مِنْ تَلاقٍ تَلافِ،
أمْ لشاكٍ مِنَ الصّبَابَةِ شَافِ
أمْ هوَ الدّمعُ عن جوَى الحبّ بادٍ،
وَالجوَى في جَوَانِحِ الصّدْرِ خافِ
وَوُقُوفٍ على الدّيارِ، فمِنْ مُرْ
تَبَعٍ شائِقٍ، وَمِنْ مُصْطَافِ
عوَضٌ منهُمُ خَسيسٌ، وَقَد حلّوا
اللّوَى، مَنزِلٌ، بوَجرَةَ، عافِ
لمْ تَدَعْ فيهِ مُبْلِيَاتُ اللّيَالِي
غَيرَ نؤْي تَسفي عَلَيهِ السّوافي
وأثَافٍ، أتَتْ لَهَا حُجُجٌ، دونَ
لَظَى النّارِ، مُثَّلٌ كالأثَافي
قَمَرٌ في دُجُنّةِ اللّيْلِ يُوفي،
أمْ خَيالٌ، من عندِ سُعْدَى، يُوَافي
مُسْعِفٌ بالذي مَتَى سُئِلَتْهُ،
عَدِمَتْ حَظَّهَا مِنَ الإسْعَافِ
ألِشَيْءٍ تَسَخّطَتْهُ فأسْتَفْـ
ـرِغَ قَصرِي عن سُخطِها وانصِرَافي
واعترَافي بما اقتَرَفْتُ، فَكَمْ قَدْ
ذَهَبَ الإعْتِرَافُ بالإقْتِرَافِ
عَجِبَ النّاسُ لاعتِزَالي وَفي الأطْـ
ـرافِ تُغشَى مَنازلُُ الأشْرَافِ
وَجُلُوسي عَنِ التّصَرّفِ، والأرْ
ضُ لمِثْلي رَحيبَةُ الأكْنَافِ
لَيسَ عَنْ ثَرْوَةٍ بَلَغْتُ مَداها،
غَيرَ أنّي امرُؤٌ كَفَاني كَفَافي
قَد رَأى الأصْيَدُ المُنَكِّبُ عَنّي
صَيَدي عَنْ فِنَائِهِ، وانحِرَافي
وَغَبيُّ الأقْوَامِ مَنْ بَاتَ يَرْجُو
فَضْلَ مَنْ لا يَجُودُ بالإنْصَافِ
إنْ تَنَلْ قُدْرَةً، فَقَد نِلْتَ صَوْناً،
والتّغَاني، بَينَ الرّجالِ، تَكافي
صَافِ أمْثَالَ أحْمَدَ بنِ عَليٍّ،
تَعتَرِفْ فَضْلَهُ على مَنْ تُصَافي
أرْيَحيٌّ، إمّا يُوَافِقُ ما تَهْـ
ـوَى، وإمّا يكفيكَ حرْبَ الخِلافِ
أيُّ بَادي أُكْرُومَةٍ، أو مُرَوٍّ
بَينَ رأيَينِ، أوْ حَصَاةٍ قِذافِ
إنْ أخَفَّ الكُتّابَ في الوَزْنِ غدرٌ،
رَجَحَتْ كِفّةُ الوَفيّ الوَافي
نِعْمَ مَوْلى كِفَايَةٍ مِنْ أمِينٍ،
أوْ مُؤدّي أمَانَةٍ مِنْ كَافِ
ما تَرَاهُ، وَعَفَّ في زَمَنِ الخَوْ
نِ، يُرَى منهُ في زَمَانِ العَفافِ
هِمّةٌ تَرْذُلُ الدّنَايَا، وَنَفْسٌ
شَرُفَتْ إنْ تَهُمّ بالإشْرافِ
وَعُلًى في الصَّهْبَذَينِ، وَدِدْنَا
أنّهَا في الزُّيُودِ والأعْوَافِ
قَدّمَتْهُ قَوَادِمُ الرّيشِ مِنهُمْ،
حينَ خَاسَتْ بآخَرِينَ الخَوَافي
رَهْطُ سابُورَ ذي الجُنُودِ، وَطُلاّ
بُ مَساعي سَابُورَ ذي الأكْتَافِ
عُمّرُوا، يُخلِفُونَ باطلَ ما ظَنّ الـ
ـعِدَى بالوِقَافِ ثمّ الثِّقَافِ
يا أبَا عَبدِ الله مَدّ لَكَ الله
بِنَاءَ العَلْيَاءِ مَدَّ الطِّرَافِ
لَنْ يَفُوتَ الرّبيعُ إسكافَ ما أبْـ
ـنَنتَ، والنّهْرَوَانَ في إسكافِ
وَلِيَتْ مِنْكُمَا بنَيْلٍ دِرَاكٍ،
مُغدِقٍ وَبْلُهُ، وَسَيْلٍ جُحَافِ
إنْ بَلَوْنَاكَ كُنْتَ وَاحدَ أوْحَا
دٍ، لَهُمْ كثرَةٌ على الآلافِ
بِتَقَصِّي الغَايَاتِ لا تُنْصِفُ الرِّيـ
ـحُ مَسَافَاتِها مِنَ الإزْحَافِ
واجتِماع الأضْدادِ فيمَا تُوَالي
مِنْ أيَادٍ فِينَا ثِقَالٍ خِفَافِ
شُهِرَتْ شُهْرَةَ النّجومِ وَسَارَ الـ
ـذّكْرُ منها في النّاسِ سَيرَ القَوَافي