فؤاد ملاه الحزن حتى تصدعا – الشاعر البحتري

فُؤَادٌ مَلاهُ الحُزنُ حتَّى تَصدَّعا
وعَينانِ قال الشَّوقُ جُودَا معاً مَعَا
لِمن طَللٌ جرَّتْ به الريحُ `ذَيْلهاَ
وحنَّتْ عِشارُ المُزنِ فيهِ فأَمرعا
لِليْلاكَ إِذ ليْلى تُعِلُّكَ رِيقها
وتَسقيكَ من فيها الرَّحيقَ المُشَعشعا
كأن بهِ التُّفَّاح غَضَّا جنيْتهُ
ونشْرَ الخُزامَى في الصبَّاح تَضَوَّعا
وهَيجَ شوقِي سَاق حُرٍّ أَجابَهُ
هديلٌ علَى غُضْنٍ مِنْ الْباَنِ أفْرَغَا
يُقلِّبُ عَيْنَيْهِ ويوحِي بطَرْفِهِ
إِلى بلحْنٍ يَتْركُ القَلبَ موجعَا
إِذا ما الغَضا يوْماً ترَنَّمَ فرْعُهُ
وجَنَّتْ له الأَرواحُ غَنَّى فأّسمعا
طوتْنِي بَنَاتُ الدَّهر من كُلٍّ جَانِبٍ
وللدَّهر وَقعٌ يترُكُ الرَّأَسَ بلْقَعا
وَقَد كُنتُ وقَّاد الشَّعيلَةِ شارِخاً
أَحدَّ مِن العَضْبِ الحُسام وأَقْطَعا
فأَصْبَحْتُ كالرَّيْحانِ أَذْبلهُ الظَّما
وودَّعْتُ رَيعانَ الشَّبابِ فودَّعا
خَليليَّ هُبَّا طَالَ ما قَدْهَجَعتُمَا
إِلي مُصعبٍ يمطُو الجَزِيلَ تَبوٌُّعَا
يمورُ كَمَورِ الرَّيح في عَصفاتِها
أَو الماءِ وافَي مهْبطاً فَتَدفَّعا
هِجانٍ كَلَونٍ القُبْطريَّة ِلَونُهُ
إِذا نَطَق العُصفُورُظَل مُروَّعَا
يُلاعبُ أَثناءَالزِّمَامِ كأَنَّهُ
على الأَرضِ أَيمٌ خَافَ شيئاً فأَسْرعا
أَيا ابنَ أُنوفِ العُزَّ من الِ هاشِمٍ
وأَكرمِهمْ في الخَيرِ والشَّرِّ موْقَعَا
ومَنْ قَدْ حَوى مجْداً طرِيفا وتالِداً
وسامي نُجومَ الأَفقِ حينَ ترَفَّعا
ويَومٍ مِنَ الْهَيجَاء ِزَادَ سَعيرُها
تَساقَي بهِ أَبطالُها السُّمَّ مَنْقعا
شهِدتَ عَلَى عَبْلٍ الجُزَازَةِ سَابِحٍ
كَساهُ دُقَاقُ التَّربِ جُلاًّ وبُرقُعَا
كَأَن لهُ في أَيطَليْهِ كِلَيهِما
جَنَاحَينِ خفَّاقَينِ لمْ يَتَصوَّعا