حديث إنما الأعمال بالنيات
حديث إنما الأعمال بالنيات
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله عليه السلام: (إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيُبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه)[صحيح البخاري]، وهذا من أهم الأحاديث التي تبيّن أساس قبول العبادات عند الله سبحانه وتعالى، ألا وهي النية والإخلاص في العمل، حيث إنّه يعتبر ثلث العلم في الإسلام، وفي رواية أخرى للحديث: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينْكحُها فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ) [مجموع الفتاوى]، وفي هذا المقال سنقدم لكم شرحاً مفصلاً لهذا الحديث.
شرح حديث إنّما الأعمال بالنيات
تعرف النية في اللغة على أنها الإرادة والمقصد، وأساسها يكون في القلب وليس في اللسان، ويشار إلى أنّ لها فائدتين ألا وهما: تمييز العبادات المختلفة عن بعضها البعض، مثل: الفرق بين الزكاة وسداد الديون، بالإضافة إلى تمييز العادات التي يقوم بها الإنسان عن العبادات، كتمييز غسل الطهارة عن الغسل الناتج عن الحرّ والرغبة في التبريد.
إنما الأعمال بالنيات
هذا يعني أن كافة الأعمال التي يقوم بها الإنسان باختياره وملء إرادته تنبع من نيته، حيث إنه مكلفٌ وليس مجبر، فالله سبحانه وتعالى سيحكم على عمل العبد فيما إذا كان صالحاً، أو طالحاً، مردوداً أو مقبولاً بناءً على نيته، فمن يتجه إلى تأدية الصلاة يجب أن ينوي لها.
وإنما لكل امريءٍ ما نوى
هنا يجب على الإنسان أن يخلص لله سبحانه وتعالى في كافّة الأعمال التي يقوم بها، فمن نوى عمله ابتغاء مرضاة الله والفوز بالدار الآخرة فسوف يثاب ويرزق، أمّا من كانت نيته هي رياء الناس، واكتساب السمعة والصيت فإنّ عمله سيحبط، ويرد، ولن يكسب شيئاً.
فمن كانت هجرته لله
قام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بشرح مبدأ الإخلاص في الدين في هذا المثال، فمعنى قوله: إن العبد إذا كانت هجرته إلى الله ورسوله فستحسب إلى الله والرسول، والهجرة هنا تأتي على ثلاثة أنواع، ألا وهي:
- هجرة المكان: وتعني الانتقال من الكفر إلى الإيمان، أو من الفساد إلى الصلاح.
- هجرة العمل: وهي الابتعاد عن كافة الأعمال التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها، والتي تقود إلى الفساد والمعاصي.
- هجرة العامل: أي الابتعاد عن الذين يمارسون الأعمال المحرمة والبدع.
- هنا تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الهجرة تكون مشروطةٌ بالتوبة، وتغيير النفس نحو الأفضل، فلا فائدة من هجرة مكان الكفر، والذهاب إلى مكان كفرٍ آخر.
ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها
هذاه العبارة تشمل كافة المغريات التي يتعرض لها الإنسان في هذه الدنيا، والتي قد تكون سبباً في تحركه، أو هجرته، ولكن هنا تم التركيز على المرأة تحديداً، وذلك لأنها أعظم وأخطر فتنةٍ على الرجل.
فهجرته إلى ما هاجر إليه
في هذه الجملة لم يذكر رسول الله عليه السلام كلمتي الدنيا، والمرأة، وذلك حتى يدلّ على أنّه يستحقر هذا الأمر، ويستهينه، وفي ذلك تصغيرٌ لفاعله.