تخريج الفروع على الأصول
تعريف التخريج :أما معناه في اللغة ، فالتخريج مشتقٌ من خرج خروجاً، وترجع معنى الخروج اللُّغوية إلى معنيين:
المعنى الأول: الخروج بمعنى الظهور، والبروز ، وخارج كل شيءٍ ظاهره.
يقال: خرجت خوارج فلانٍ إذا ظهرت نجابته، ومنه قوله تعالى: ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) (الفتح:29) ، أي كمثل زرع أبرز وأظهر نباته، و قوله تعالى: ( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا ) ( النازعات:31) أي أظهر ففجر فيها الأنهار، وأنبت فيها النبات.
وجاء في اللسان: ” الخروج ضد الدخول، واستخرجت الأرض أصلحت للزراعة، وخارج كل شيء ظاهره، وخرجت خوارج فلان إذا ظهرت نجابته، وتوجَّه لإبرام الأمور وإحكامها، وعقل مثله، والخروج أول ما ينشأ من السحاب “وذكر الدكتور بكر أبو زيد رحمه الله: ” أنَّ معناه مشتقٌّ من: النفاذ والظهور، والانفصال للشيء من المكان الذي هو فيه إلى غيره سواء في الأعيان أو المعان”.
المعنى الثاني: اختلاف اللونين.
قال في القاموس: ” وخرَّج اللَّوح تخريجاً، كتب بعضاً وترك بعضاً، والعمل جعله ضروباً وألواناً. “ويقال: ” عام فيه تخريج، أي: خصبٌ وجدبٌ، وعام أخرج فيه جدبٌ وخصبٌ، وكذلك أرضٌ خرجاء، وفيها تخريج، وعام فيه تخريج إذا أنبت بعض المواضع ولم ينبت بعض “.
وقال بعضهم” : تخريج الأرض أن يكون نبتها في مكان دون مكان فترى بياض الأرض في خضرة النبات ، ونعجة خرجاء، وهي السوداء البيضاء إحدى الرجلين أو كلتيهما والخاصرتين، وكل هذا فيه اختلاف اللونين “.
وقال ابن فارس” : الخاء والراء والجيم أصلان، وقد يمكن الجمع بينهما إلا أنا سلكنا الطريق الواضح، فالأول: النفاذ عن الشيء، والثاني: اختلاف اللونين.”
قال في الفائق: ” كل ما خرج من شيء من نفعه فهو خراجه، فخراج الشجر ثمرة، وخراج الحيوان نسله ودرّه ” .
وقال الراغب في المفردات: ” والتخريج أكثر ما يقال في العلوم والصناعات”.
ومنه قيل لبعض الفنون “: تخريج، ومن هنا يظهر لنا مناسبة المعنى اللغوي للمعنى الاصطلاحي عند العلماء”.
أما التَّخريج عند المحدِّثين فيطلق بإطلاقات منها:
– الدِّلالة على موضوع الحديث في مصادره الأصلية التي أخرجته، و بيان درجته، و صحةً أو ضعف الحديث .
إبراز المحدِّث و إظهاره بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وروايته للناس، قال الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه: (ثم إِنَّا إن شاء الله مبتدئون في تخريج ما سألت ) .
الانتقاء، أي: انتقاء المحدِّث الأحاديث المشتملة من كتب الفوائد، والأجزاء، وغيرها، ومنها تخاريج الخطيب البغدادي -رحمه الله- لعدد من الكتب.
وعرَّفه الدكتور بكر أبو زيد -رحمه الله- بقوله: (هو معرفة حال الرَّاوي والمروي، ومَخْرَجِهِ، وحكمه صحَّةً وضعفاً بمجموع طرقه وألفاظه)
المفردة الثانية: الفروع:
الفروع في اللُّغة: جمع فرع. و قال في لسان العرب: ” فرع كل شيء أعلاه، والجمع فروع”.
وقال في التعريفات: ” الفرع من كل شيء أعلاه، وهو ما يتفرَّع من أصله، ومنه يقال: فرَّعت من هذا الأصل مسائل فتفرَّعت، أي: استخرجت فخرجت، والفرع عرفاً: ما اندرج تحت أصل كلِّي) والفرع عند الأصوليين بمعناه اللُّغوي.
- قيل: هو ما يتفرَّع عن غيره.
- وقيل: ما ينبني على غيره.
- وقيل: ما يستند وجوده إلى غيره.
- وقيل: ما ينشأ من غيره.
- وقيل: ما يؤخذ من غيره
والمراد بالفروع في العلم الذي ندرسه: الأحكام الفقهية.
قال الشيخ الأمين –رحمه الله” الفرع هو حكم الشرع المتعلِّق بصفة فعل المكلَّف من كونه واجباً، أو مندوباً، أو حراماً، أو مكروهاً، أو مباحاً، أو خلاف الأولى”.
وقال الشيخ الشثري: ” أولى تعريفٍ للفروع أن يُقال هي: الأحكام الشرعية المتعلِّقة بأفعال المكلَّفين ”
وهذا المعنى يُطلق عليه بعض العلماء: مصطلح الفقه.
قال الزركشي –رحمه الله ” ونقل الفقه إلى علم الفروع بغلبة الاستعمال “.
المفردة الثالثة: الأصول.
الأصول: “جمع أصل، والأصل في اللُّغة: أسفل كلِّ شيءٍ، يُقال: قعد في أصل الجبل، أي: أسفله”.
قال الله تعالى: ( أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء ) (إبراهيم:24)والمراد بالأصول هنا: أصول الفقه.