ما اهانهن الا لئيم
لقد خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى وأعطى كلّاً منهم قدرات تتناسب مع وظيفته في إعمار الأرض فالرجل أعطي جانب القوة وأعطيت المرأة جانب العاطفة وأعطي كلٌّ منهما شطراً من العقل بحيث يستطيع القيام بوظيفته بها، فكان ما يسميه البعض جانب الضعف في المرأة هو مصدر قوتها في تربيتها لأطفالها ورعايتها لهم وللأدوار التي تقوم بها في أيامنا هذه بها في المجتمع وفي مجالات العمل المختلفة والتي لا يستطيع العديد من الرجال القيام بها.
ونرى بعض الناس يستبدون في معاملتهم للمرأة لما يرون فيها من جانب الضعف الجسماني فيقومون بإهانتها وضربها أو كما كان يفعل الناس بالقديم من وأدٍ للبنات بقتلهن أحياء وهن رضع أو أجنة بسبب الجنس، فأتى الإسلام في ذلك الزمان ليعطي المرأة مكانتها الحقيقية في المجتمعة فهي الأم المربية التي تسهر لرعاية أطفالها وتقوم بتعليمهم ورعايتهم في المنزل فلولا المرأة لما عاش الرجال أصحاء متفتحين بنور العلم ولولا رعايتها لغذائهم وإرضاعها لهم في الصغر لما عاشوا أصحاء أقوياء فالقوة التي يفخرون بها على النساء إنما هي تلك الهبة التي قاموا بوهبها لهم عند الصغر، والمرأة هي تلك الزوجة التي يسكن لها الرجل في آخر النهار للاستراحة من أعباء الحياة ومشقاته وهي التي ترعى أبناءه، وهي الأخت التي تحن على إخوانها في الصغر وفي الكبر وتتفقد أحوالهم على الدوام حتى عندما يقوم العالم أجمع بهجرهم، وهي البنت التي ترعى أبويها عند الكبر وتتباهى بهم على الدوام وبحسن تربيتهم لها.
وقد رأينا الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بالنساء منذ بداية دعوته حتى نهايتها فكانت من وصاياه صلى الله عليه وسلم قوله:” استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء” ففي هذا الحديث حث الرسول عليه الصلاة والسلام على حسن معاملة المرأة فمعاملة المرأة على خلقتها التي خلقها الله عز وجل عليها وهو العليم الحكيم فكما خلق الرجل على صورته فقد خلق المرأة على صورته وكلاهما أحسن صورة، فمعاملته لها على تلك الصورة هي قمة العقل والحكمة التي من الممكن أن تراها في الرجال.
وحسن معاملة المرأة في هذه الأيام لا يقتصر في نظري على عدم ضربها ووأدها وسوء معاملتها بالكلمة، بل يتعدى ذلك إلى احترامها من المجتمع وعدم معاملتها كوسيلة للترفيه ووسيلة تجارية في مدن تعبد شهواتها فهي ليست أحد تلك الوسائل التجارية كما نراها في الشوارع وفي المحال وفي التلفاز بل هي تلك المرأة التي ساعدت الرسول في رحلته للدعوة وهي تلك المرأة التي اعتنت بالمسيح عيسى بن مريم عليهما السلام لوحدها حتى أصبح، وهي المرأة التي تحملت صعاب مفارقة موسى عليه السلام لإيمانها بالله عز وجل، وهي المرأة التاشتهرت برجاحة عقلها وحكمتها في كمها لمملكة سبأ للعديد من السنين.