حديث شريف عن الام

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أبوك وقال ابن شبرمة ويحيى بن أيوب حدثنا أبو زرعة مثله.

الحاشية رقم: 1

قوله : ( باب من أحق الناس بحسن الصحبة ) الصحبة والصحابة مصدران بمعنى ، وهو المصاحبة أيضا .

قوله : ( حدثنا جرير ) هو ابن عبد الحميد .

قوله : ( عمارة بن القعقاع بن شبرمة ) بضم المعجمة والراء بينهما موحدة كذا للأكثر ووقع عند النسفي وكذا لأبي ذر عن الحموي والمستملي ” عن عمارة بن القعقاع وابن شبرمة ” بزيادة واو والصواب حذفها فإن رواية ابن شبرمة قد علقها المصنف عقب رواية عمارة وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق زهير بن حرب عن جرير عن عمارة حسب .

قوله : ( جاء رجل ) يحتمل أنه معاوية بن حيدة بفتح المهملة وسكون التحتانية ، وهو جد بهز بن حكيم ، فقد أخرج المصنف في ” الأدب المفرد ” من حديثه ” قال قلت : يا رسول الله من أبر ؟ قال : أمك ” الحديث . وأخرجه أبو داود والترمذي .

قوله : ( فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ) ؟ في رواية محمد بن فضيل عن عمارة عند مسلم ” بحسن الصحبة ” وعنده في رواية شريك عن عمارة وابن شبرمة جميعا عن أبي زرعة قال مثل رواية [ ص: 416 ] جرير ، وزاد فقال نعم وأبيك لتنبأن وقد أخرجه ابن ماجه من هذا الوجه مطولا وزاد فيه حديث أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح ” وأخرجه أحمد من طريق شريك فقال في أوله : ” يا رسول الله نبئني بأحق الناس مني صحبة ” ووجدته في النسخة بلفظ ” فقال نعم والله ” بدل ” وأبيك ” فلعلها تصحفت ، وقوله : ” وأبيك ” لم يقصد به القسم وإنما هي كلمة تجري لإرادة تثبيت الكلام ، ويحتمل أن يكون ذلك وقع قبل النهي عن الحلف بالآباء .

قوله : ( قال : أمك . قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك . قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك . قال : ثم من ؟ قال : أبوك ) كذا للجميع بالرفع ووقع عند مسلم من هذا الوجه وعند المصنف في ” الأدب المفرد ” من وجه آخر بالنصب ، وفي آخره ثم أباك والأول ظاهر ويخرج الثاني على إضمار فعل . ووقع صريحا عند المصنف في ” الأدب المفرد ” كما سأنبه عليه ، وهكذا وقع تكرار الأم ثلاثا وذكر الأب في الرابعة ، وصرح بذلك في الرواية يحيى بن أيوب ولفظه ” ثم عاد الرابعة فقال : بر أباك ” وكذا وقع في رواية بهز بن حكيم وزاد في آخره ثم الأقرب فالأقرب وله شاهد من حديث خداش أبي سلامة رفعه أوصي امرأ بأمه ، أوصي امرأ بأمه ، أوصي امرأ بأمه ، أوصي امرأ بأبيه ، أوصي امرأ بمولاه الذي يليه ، وإن كان عليه فيه أذى يؤذيه أخرجه ابن ماجه والحاكم ، قال ابن بطال : مقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر ، قال : وكان ذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاع ، فهذه تنفرد بها الأم وتشقى بها ، ثم تشارك الأب في التربية . وقد وقعت الإشارة إلى ذلك في قوله – تعالى – : ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين فسوى بينهما في الوصاية ، وخص الأم بالأمور الثلاثة . قال القرطبي : المراد أن الأم تستحق على الولد الحظ الأوفر من البر ، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة . وقال عياض : وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البر على الأب ، وقيل يكون برهما سواء ، ونقله بعضهم عن مالك والصواب الأول .

قلت : إلى الثاني ذهب بعض الشافعية ، لكن نقل الحارث المحاسبي الإجماع على تفضيل الأم في البر وفيه نظر ، والمنقول عن مالك ليس صريحا في ذلك فقد ذكره ابن بطال قال : سئل مالك طلبني أبي فمنعتني أمي ، قال : أطع أباك ولا تعص أمك قال ابن بطال : هذا يدل على أنه يرى برهما سواء ، كذا قال . وليست الدلالة على ذلك بواضحة ، قال : وسئل الليث يعني عن المسألة بعينها فقال : أطع أمك فإن لها ثلثي البر ، وهذا يشير إلى الطريق التي لم يتكرر ذكر الأم فيه إلا مرتين . وقد وقع كذلك في رواية محمد بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عند مسلم في الباب ، ووقع كذلك في حديث المقدام بن معدي كرب فيما أخرجه المصنف في ” الأدب المفرد ” وأحمد وابن ماجه وصححه الحاكم ولفظه إن الله يوصيكم بأمهاتكم ، ثم يوصيكم بأمهاتكم ، ثم يوصيكم بأمهاتكم ، ثم يوصيكم بآبائكم ، ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب وكذا وقع في حديث بهز بن حكيم كما تقدم ، وكذا في آخر رواية محمد بن فضيل المذكورة عند مسلم بلفظ ثم أدناك فأدناك وفي حديث أبي رمثة بكسر الراء وسكون الميم بعدها مثلثة ” انتهيت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فسمعته يقول : أمك وأباك ، ثم أختك وأخاك ، ثم أدناك أدناك ” أخرجه الحاكم هكذا ، وأصله عند أصحاب السنن الثلاثة وأحمد وابن حبان ، والمراد بالدنو القرب إلى البار . قال عياض : تردد بعض العلماء في الجد والأخ ، والأكثر على تقديم الجد . قلت : وبه جزم الشافعية ، قالوا : يقدم الجد ثم الأخ ، ثم يقدم من أدلى بأبوين على من أدلى بواحد ، ثم تقدم القرابة من ذوي الرحم ، ويقدم منهم المحارم على من ليس بمحرم ، ثم سائر العصبات ، ثم المصاهرة ثم الولاء ، ثم الجار . وسيأتي الكلام على حكمه بعد . وأشار ابن بطال إلى أن الترتيب حيث لا يمكن إيصال البر دفعة واحدة وهو واضح ، [ ص: 417 ] وجاء ما يدل على تقديم الأم في البر مطلقا ، وهو ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه الحاكم من حديث عائشة ” سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال : زوجها . قلت : فعلى الرجل ؟ قال : أمه ” ومؤيد تقديم الأم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ” أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إن ابني هذا كان بطني له وعاء ، وثديي له سقاء ، وحجري له حواء ، وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني ، فقال : أنت أحق به ما لم تنكحي ” كذا أخرجه الحاكم وأبو داود . فتوصلت لاختصاصها به وباختصاصه بها في الأمور الثلاثة .

قوله : ( وقال ابن شبرمة ويحيى بن أيوب حدثنا أبو زرعة مثله ) أما ابن شبرمة فهو عبد الله الفقيه المشهور الكوفي ، وهو ابن عم عمارة بن القعقاع المذكور قبل ، وطريقه هذه وصلها المؤلف في ” الأدب المفرد ” قال : ” حدثنا سليمان بن حرب حدثنا وهيب بن خالد عن ابن شبرمة سمعت أبا زرعة ” فذكر بلفظ ” قيل : يا رسول الله من أبر ” والباقي مثل رواية جرير سواء لكن على سياق مسلم ، وأما يحيى بن أيوب فهو حفيد أبي زرعة بن عمرو بن جرير شيخه في هذا الحديث ولهذا يقال له الجريري ، وطريقه هذه وصلها المؤلف أيضا في ” الأدب المفرد ” وأحمد كلاهما من طريق عبد الله هو ابن المبارك ” أنبأنا يحيى بن أيوب حدثنا أبو زرعة ” فذكره بلفظ ” أتى رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : ما تأمرني ؟ فقال : بر أمك ثم عاد ” الحديث وكذا هو في ” كتاب البر والصلة لابن المبارك ” ونقل المحاسبي الإجماع على أن الأم مقدمة في البر على الأب .