أفضل وقت لقراءة القرآن

القرآن الكريم حياةٌ للقلوب

القرآن الكريم هو النور المبين، والذكر الحكيم، وهو طريق هدايةٍ إلى الصّراط المستقيم، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، مُخرج الناس من الظلمات الى النور، قال -سبحانه وتعالى-: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّـهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّـهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)،[١] وخير ما ينتفع به العبد؛ المجالس التي يُجتمع فيها لمدارسة القرآن الكريم، وتدبّره، واتّباع آياته، والعمل بها.[٢]

والقرآن الكريم حياة للقلب والروح، فيه الخير والطمأنينة والسعادة، ومن أعرض عنه؛ حرَم قلبه من دخول النور والهداية إليه، فالمسلم يحرص على تدبّره، والمداومة على قراءته، واستحضاره في جميع حياته؛ امتثالاً لقول الله -تعالى-: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)،[٣][٤][٥] وتنفرج الكربات وتصلح القلوب وتحيا بتأمّل القرآن الكريم والمواظبة على فهمه، فهو شفاءٌ للإنسان من أمراض الشّبهات والشهوات؛ لِما فيه من العِظات والعِبر العظيمة، قال -تعالى-: (يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدورِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ).[٦][٧][٨]

أفضل وقت لقراءة القرآن

لا تنحصر قراءة القرآن الكريم بوقتٍ معيّنٍ، فللمسلم أن يقرأه متى شاء، ولكن هناك عدّة آراءٍ بأفضل وقتٍ لقراءته؛ فقال ابن الصلاح والسيّد قُطُب -رحمهما الله- وغيرهم من العلماء والمفسّرين: إن أحسن الأوقات لقراءة القرآن الكريم وقت الفجر، واستدلّوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا)،[٩] وباستفتاح اليوم بقراءة القرآن وذكر الله -تعالى- تحصل السّكينة والطمأنينة والتوفيق من الله -تعالى- في الأمور كلها.[١٠]

ويرى الإمام النوويّ -رحمه الله- أهميّة الحرص على تلاوة القرآن الكريم بالليل، لقوله -تعالى-: (مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّـهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)،[١١] ولما جاء عن عبد الله ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن قام بعشْرِ آياتٍ لم يُكتَبْ مِن الغافلينَ، ومَن قام بمئةِ آيةٍ كُتِب مِن القانتينَ، ومَن قام بألفِ آيةٍ كُتِب مِن المقنطِرينَ)،[١٢] وقيام الليل يشتمل على الصلاة، وقراءة القرآن الكريم، وذكر الله -تعالى-.[١٣]

ويقول الإمام ابن باز -رحمه الله- إن الأفضل لقراءة القرآن أن يتحرّى المسلم الأوقات التي يكون فيها قلبه وذهنه حاضراً غير مشغول، ووقته فيها أفرغ من غيرها؛ ليستطيع تدبّره وفهم معانيه، فليس لقراءة القرآن وقتٌ محدّدٌ؛ لأن الناس يتباينون ويختلفون في ذلك، فمن كانت جميع أوقاته ميسّرة فوقت الليل أفضل؛ لأنّه أجمع للقلب، قال -تعالى-: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)،[١٤] أو بعد صلاة الفجر قبل الانشغال بأمور الدنيا وهمومها.[١٥]

فضل قراءة القرآن في الفجر

تحظى قراءة القرآن الكريم بوقت الفجر على وجه الخصوص بفضلٍ عظيمٍ ذكره الله -تعالى- في كتابه، قال -تعالى-: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا)،[٩] وقرآن الفجر بالآية الكريمة يعني صلاة الفجر، إذ إن تلاوة القرآن أظهر ما فيها، ولها فضلٌ وشأنٌ عظيم، ويختص هذا الوقت بكثرة تواجد وحضور الملائكة؛ إذ تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في الفجر لتشهد صلاة الفجر وقراءة القرآن،[١٦] فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قُرْآنَ الْفَجْرِ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا، تَشْهَدُهُ ملائكةُ الليلِ وملائكةُ النهارِ)،[١٧][١٨] ومن الفضائل والأجور العظيمة أنه من صلّى الفجر في جماعة، ثم اشتغل بذكر الله -عزّ وجلّ- وقراءة القرآن حتى طلوع الشمس، ثم صلّى ركعتي الضّحى، كان له من الأجر والثواب كمن قام بعمرةٍ وحَجّةٍ تامة، فقد جاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ).[١٩][٢٠]

المراجع

  1. سورة الشورى، آية: 52-53.
  2. ياسر برهامي، القصص القرآني، صفحة 2، جزء 3. بتصرّف.
  3. سورة محمد، آية: 24.
  4. عبد الرحمن السديس، دروس للشيخ عبد الرحمن السديس، صفحة 9، جزء 119. بتصرّف.
  5. عبد العزيز العويد، حياة القلوب، صفحة 66. بتصرّف.
  6. سورة يونس، آية: 57.
  7. سورة الحديد، آية: 16.
  8. “إصلاح القلوب بتدبر القرآن”، www.islamweb.net، 2018-12-6، اطّلع عليه بتاريخ 1-9-2020. بتصرّف.
  9. ^ أ ب سورة الإسراء، آية: 78.
  10. عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 30، جزء 255. بتصرّف.
  11. سورة آل عمران، آية: 113.
  12. رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 639، حسن صحيح.
  13. محيي الدين النووي (1994م)، التبيان في آداب حملة القرآن (الطبعة الثالثة)، لبنان – بيروت : دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 63-65. بتصرّف.
  14. سورة المزمل، آية: 6.
  15. “أفضل وقت لقراءة القرآن”، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 3-9-2020. بتصرّف.
  16. عبد الكريم الخطيب، التفسير القرآني للقرآن، مصر-القاهرة: دار الفكر العربي، صفحة 532-533، جزء 8. بتصرّف.
  17. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3135، حسن صحيح.
  18. “شرح حديث قرآن الفجر”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-9-2020. بتصرّف.
  19. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 6346، صحيح.
  20. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 767، جزء 2. بتصرّف.