أفضل طريقة لحفظ ومراجعة وتثبيت القرآن العظيم
القرآن الكريم
ذكر أهل العلم أن كلمة قرآن مأخوذة من قرأ بمعنى جمع الشيء وضمّ بعضه إلى بعضٍ، ويُعرّف القرآن لغةً بالجمع والضمّ، حيث تقول العرب ما قرأت هذه الناقة في بطنها سلى قط، أو ما قرأت جنيناً، بمعنى أنها لم تضمّ في رحمها ولداً قط، وذكر أبو عبيدة -رحمه الله- أن سبب تسمية القرآن بهذا الاسم يرجع إلى أنه يجمع السور ويضمّها، كما ورد في قول الله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)،[١] وقيل إن سبب تسمية القرآن الكريم بهذا الاسم يرجع إلى أنه جمع الأمر والنهي، والقصص، والوعد والوعيد، وذهب الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- إلى أن القرآن اسم علمٍ لكتاب الله، وأنه غير مشتقٍّ كالتوراة والإنجيل،[٢] أما اصطلاحاً فيُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على نبيّه محمد -عليه الصلاة والسلام- عن طريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلام، المحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، وهو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وينقسم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره مئة وأربع عشرة سورة.[٣]
أفضل طريقة لحفظ ومراجعة وتثبيت القرآن
سعى أهل العلم جاهدين لإيجاد أفضل طريقة للحفظ والتثبيت، وبحثوا في كتب المتقدّمين والمتأخّرين حتى خلصوا إلى أن السبيل إلى ذلك يكمن في تكرار المحفوظ عند حفظه، ثم تكرار المراجعة بمقدارٍ يوميٍّ ثابتٍ، وهو ما عبّر عنه الإمام البخاري -رحمه الله- الذي كان من أدقّ الناس حفظاً لمّا سُئل عن أفضل طريقة للحفظ، حيث أجاب قائلاً: “إدمان النظر”، ولحفظ القرآن الكريم وتثبيه يمكن اتّباع الخطوات الآتية:[٤]
- السماع: حيث يعدّ سماع الآيات القرآنية المراد حفظها من قارئٍ متقنٍ من أفضل الوسائل للتأكّد من ضبط الألفاظ المحفوظة، وتهيئة الذاكرة للحفظ، لا سيّما أن الحفظ عن طريق التقاط الأذن للقرآن الكريم، أفضل من التقاط العين لها، ولذلك يُنصح الالتحاق بأحد التحفيظ عن طريق التلقين.
- الحفظ: من أفضل الطرق للحفظ الطريقة التراكمية، ويمكن بينها فيما يأتي:
- تقسيم الصفحة إلى خمسة أقسامٍ في كل قسمٍ ثلاثة سطور.
- تكرار قراءة القسم الأول من الصفحة المراد حفظها من خمسةٍ إلى إحدى عشرة مرة، وذلك لرسم صورة ثابتة في الذهن، واستحضارها عند الحاجة إليها.
- إعادة الأسطر الثلاثة التي تم حفظها من خمسةٍ إلى إحدى عشرة مرة.
- في حال العثور على خطأٍ في حفظ كلمةٍ أو حرفٍ لا ينبغي إعادة الأسطر كلها، وإنما يجب إعادة الكلمة الخاطئة، والكلمة التي قبلها والتي بعدها من خمسةٍ إلى إحدى عشرة مرة حتى يتعوّد اللسان على موضع الضعف في الحفظ.
- حفظ القسم الثاني من الصفحة المراد حفظها بنفس الطريقة، ثم قراءة القسم الأول والثاني معاً ثلاث مراتٍ حتى يتمّ ربط المحفوظ ببعضه البعض.
- حفظ الأقسام المتبقّية من الصفحة بنفس الطريقة، وربط كل قسمٍ منها بالذي قبله إلى أن يتم حفظ الصفحة كاملة.
- النسخ: تعدّ مرحلة النسخ من أهم المراحل لتثبيت الحفظ، بالإضافة إلى دورها الفعّال في حفظ أرقام الصفحات والآيات، ويمكن القيام بهذه المرحلة من خلال نسخ الصفحة التي تمّ حفظها على دفترٍ خارجٍ من غير النظر إلى المصحف، ثم مقارنتها مع المصحف.
- التكرار: بعد الانتهاء من حفظ الصفحة كاملة، ينبغي تكرارها من واحد وعشرين إلى أربعين مرة، ويُنصح بأن لا يكون التكرار في نفس اليوم، إلا في حال كان التكرار في مجالس متفرّقة، وأوقات متباعدة.
- المراجعة: تُعدّ الطريقة التراكمية من أسرع وأحسن الطرق للمراجعة، حيث تسير المراجعة في خطّين متوازيين، الخط الأول مراجعة الحفظ القديم، والخط الثاني مراجعة الحفظ الجديد وهو الذي تمّ خلال الأسبوع نفسه، ولمراجعة الحفظ القديم وهو كل ما تمّ حفظه مسبقاً ينبغي تخصيص يوم أو يومين كل أسبوعٍ للتوقّف عن الحفظ والتفرّغ للمراجعة، أما مراجعة الحفظ الجديد فينبغي مراجعة الصفحة التي حُفظت في الأمس قبل البدء بحفظ صفحة اليوم.
فضل حفظ القرآن الكريم
وردت العديد من النصوص التي تدلّ على أن حفظ القرآن الكريم من أفضل الأعمال وأجلّ القربات، ويمكن بيان بعض فضائل حفظ القرآن الكريم فيما يأتي:[٥][٦]
- التفاضل في درجات الجنة: ورد ما يدلّ على أن التفاضل في درجات الجنة يوم القيامة يكون بمقدار الحفظ من القرآن الكريم، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها)،[٧] وقد أكّد الشيخ الألباني -رحمه الله- أن المقصود بقول: (صاحب القرآن) هو حافظ القرآن الكريم.
- نور العقل وحياة القلب: حفظ القرآن الكريم نورٌ للعقل وحياةٌ للقلب، حيث رُوي عن كعب -رضي الله عنه- أنه قال: “عليكم بالقرآن فإنه فهم العقل، ونور الحكمة، وينابيع العلم، وأحدث الكتب بالرحمن عهداً، وقال في التوراة: يا محمد، إني منزل عليك توراة حديثة تفتح بها أعيناً عمياً وآذاناً صمّاً وقلوباً غلفاً”، ورُوي عن قتادة -رحمه الله- أنه قال: “أعمروا به قلوبكم، وأعروا به بيوتكم”.
- خيرٌ من الدنيا وما فيها: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن حفظ القرآن الكريم وتعلّمه خيرٌ من الدنيا وما فيها، حيث قال: (أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ).[٨]
المراجع
- ↑ سورة القيامة، آية: 17-18.
- ↑ ” معنى القرآن في اللغة”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
- ↑ “تعريف و معنى القرآن في معجم المعاني الجامع”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد الأسطل (8-9-2019)، “الطريقة المقترحة لحفظ القرآن الكريم وضبطه”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
- ↑ ” فضل حفظ القرآن الكريم”، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019.
- ↑ “فضل حفظ القرآن الكريم “، www.ar.islamway.net، 2006-06-04، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1464، حسن صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 803، صحيح.