تعريف سورة آل عمران
التعريف بسورة آل عمران
سورة آل عمران سورةٌ مدنيةٌ يبلغ عدد آياتها مئتَي آيةً، وتُعدّ من السور الطِّوال في القرآن، وحسب ترتيب السُّور في المصحف فهي السورة الثالثة في الجزء الرابع، وتحديداً الأحزاب: السابع، والثامن، والتاسع، أمّا من حيث ترتيب النزول، فقد نزلت بعد نزول سورة الأنفال، وتبدأ السورة بالحروف المُقطَّعة: “الم”.[١]
سبب تسمية سورة آل عمران
سُمِّيت سورة آل عمران بهذا الاسم؛ لأنّ الله -تعالى- ذكر فيها عمران وأهله، والتسمية توقيفيّةٌ؛ أيّ أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أشار على الصحابة -رضي الله عنهم- بتسميتها، وتجدر الإشارة إلى أنّ تسمية بعض سُور القرآن كانت بالنظر إلى ما ورد فيها من قصصٍ وأحداثٍ، كتسمية سورة البقرة؛ إذ سُمِّيت بذلك لورود قصة البقرة فيها،[٢] امّا عمران فهو والد مريم أمّ عيسى -عليهما السلام-، وقد ذكر الله في سورة آل عمران قدرة الله -سبحانه- في ولادة مريم، وابنها عيسى،[١] ومن الأسماء التي سُمِّيت بها سورة آل عمران الزهراء؛ إذ ثبت في الصحيح أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال فيها: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ)،[٣] كما نُقِل عن الإمام القرطبيّ أنّها تُسمّى بتاج القرآن، إلّا أنّه لم يُذكَر أيّ مستندٍ لسبب ذلك الاسم.[٤]
سبب نزول سورة آل عمران
ذكر الإمام الواحديّ في أسباب نزول سورة آل عمران أنّ أوّلها إلى قول الله -تعالى-: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)،[٥] نزل بسبب وَفْد قبيلة نَجْران، وكان ذلك في السنة الثانية للهجرة، وقال آخرون من أهل العلم إنّ سورة آل عمران نزلت بعد سورة الأنفال؛ أي في شهر شوّال من السنة الثالثة للهجرة؛ بسبب غزوة أُحد، وتجدر الإشارة إلى أنّ المُفسّرين اتّفقوا على أنّ كلّاً من قول الله -عزّ وجلّ-: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ…)،[٦] وقوله أيضاً: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ…)،[٧] نزلَ في غزوة أُحد، ونُقِل عن الإمام القرطبيّ أنّ أوّل سورة آل عمران نزل في الحديث عن وَفْد نجران إلى قوله -تعالى-: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ…).[٦][٨]
أهمّ موضوعات سورة آل عمران
ركّزت سورة آل عمران على ذِكْر رُكنَين أساسيَّين؛ الأوّل: العقيدة، مع ذِكْر وتفصيل الأدلّة والبراهين على وحدانيّة الله -تعالى-، والثاني: التشريع، والحديث عن الغزوات، والقتال، والجهاد في سبيل الله،[١] ومن أبرز الموضوعات التي تناولتها السورة: تقرير توحيد الله بأنواعه؛ توحيد الألوهيّة، والربوبيّة، والأسماء والصفات، بالإضافة إلى بيان أنّ مصدر الديانات كلّها واحدٌ؛ فهي من عند الله، وبيّنت أنواع الناس بالنظر إلى مواقفهم، وتعاملهم مع المُحكَم والمُتشابه من آيات القرآن، مع الإشارة إلى أحداث غزوة بدر الكبرى، وتفاصيل غزوة أُحد، وبيان ما أعدّه الله من جنّات الخُلد والمُفضَّل على أحبّ شهوات للإنسان، والحديث عن أهميّة دِين الإسلام، وبيان مظاهر محبّة الله -تعالى-، وما يترتّب على ذلك من ثمراتٍ، والحديث عن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، وذِكْر منزلتهم، بالإضافة إلى ذِكْر مجموعةٍ من الآداب التربويّة، كالتقوى، والتمسُّك بدِين الله، والحَثّ على الأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكر.[٩]
كما أبطلت سورة آل عمران ادّعاء الذين اتّخذوا آلهةً من دون الله، والذين ادّعوا أنّ له أبناء، وأثنت السورة على عيسى -عليه السلام-، وأهله، وتحدّثت عن مُعجزته، وإبطال ألوهيّته، وحَثَّ الله في السورة المسلمين على وحدة الصف، والاعتزاز بأنفسهم، ودِينهم، والتحلّي بالصبر عند المصائب والبلاء، والوعد بالنصر والتمكين، والأمر بالأعمال الحَسنة، كإنفاق المال، والإحسان، واختُتِمت السورة بالتأكيد على التفكُّر بما خلق الله.[٨]
فَضْل سورة آل عمران
بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَضْل سورة آل عمران؛ فقال: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما)،[٣] وقال الإمام النووّي -رحمه الله-: “سميَتا بذلك؛ لنورهما، وهدايتهما، وعظيم أمرهما”، و”غَيايَتانِ” مفرد غياية؛ أي كلّ ما يُظِلّ، ويحجز حرّ الشمس، ولفظ “فِرْقانِ”؛ أي قطعتان، ويُقصَد بذلك: أنّ ثواب سورتَي البقرة وآل عمران يُظِلّ العبد يوم القيامة،[١٠] كما أنّ الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يُعظّمون سورة آل عمران، يروي في ذلك الصحابيّ أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كان رجُلٌ يكتُبُ بين يدَيْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قد قرَأَ البقرةَ وآلَ عِمرانَ، وكان الرجُلُ إذا قرَأَ البقرةَ وآلَ عِمرانَ يُعَدُّ فينا عظيمًا).[١١][٩]
مناسبة سورة آل عمران للسورة التي قبلها
تناسبت مواضيع سورة آل عمران مع مواضيع السورة التي سبقتها؛ وهي سورة البقرة؛ فقد نَفَت سورة البقرة الريب والشكّ في القرآن، وذلك ما أكّدته سورة آل عمران، كما ذكرت سورة البقرة إنزال القرآن مُجمَلاً، وفُرِّعت آياته إلى مُحكمةٍ ومُتشابهةٍ في آل عمران، وكذلك ورد القتال في سورة البقرة بشكلٍ مُجمَلٍ، وفُصِّل في آل عمران؛ بالحديث عن غزوة أُحد، كما تناولت سورة البقرة الحديث عن المقتولين في سبيل الله بإيجازٍ واختصارٍ، وفُصِّل ذلك في آل عمران، وحذّر الله من الرِّبا في سورة البقرة باختصارٍ أيضاً، بخِلاف التفصيل في سورة آل عمران، وورد الحديث عن الحجّ والعُمرة بإجمالٍ في سورة البقرة، وفُصِّل في آل عمران.[١٢]
مناسبة سورة آل عمران للسورة التي بعدها
يتّضح التناسب بين سورة آل عمران، والسورة التي بعدها؛ وهي سورة النِّساء؛ إذ خُتِمت سورة آل عمران بأمر الله للعباد بالتقوى، وهو الأمر الذي افتُتِحت به سورة النِّساء، والتي كانت قد ذُكِرت فيها نهاية أحداث غزوة أُحد، التي فُصِّلت في سورة آل عمران، وقد تحدّثت السورتان عن الغزوة التي وقعت بعد غزوة أُحد، وعن الراسخين في العلم، وذُكِرت في سورة آل عمران الشهوات بصورةٍ مُجمَلةٍ، وفُصِّل الحديث عنها في سورة النِّساء.[١٢]
المراجع
- ^ أ ب ت “سورة آل عمران”، www.e-quran.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2020. بتصرّف.
- ↑ صالح بن عواد المغامسي، تأملات قرآنية، صفحة 2، جزء 4. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 804، صحيح.
- ↑ “مقاصد سورة آل عمران”، www.islamweb.net، 20-12-2012، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 84.
- ^ أ ب سورة آل عمران، آية: 121.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 144.
- ^ أ ب محمد بن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس: الدار التونسية للنشر، صفحة 144-145، جزء 3. بتصرّف.
- ^ أ ب “سورة آل عمران”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-3-2020. بتصرّف.
- ↑ محمد آل عبدالعزيز، محمود الملاح (2010)، فتح الرحمن في بيان هجر القرآن (الطبعة الأولى)، الرياض: دار ابن خزيمة، صفحة 83، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 12216، إسناده صحيح على شرط الشيخين.
- ^ أ ب عمر الدويك (2008)، المناسبة بين الفاصلة القرآنية وآياتها (دراسة تطبيقية لسورة آل عمران)، صفحة 46-52. بتصرّف.