أحكام التجويد في القرآن

علم التجويد

علم التجويد هو علمٌ يهتمّ بتعريف كيفية النطق بالكلمات القرآنية، وهو في اللغة التحسين، وفي الاصطلاح هو قراءة القرآن الكريم مع إعطاء الحرف حقّه وصفاته وأحكامه، هذا من الناحية التطبيقية، وأما من الناحية النظرية فعلم التجويد هو علمٌ يبحث في قواعد تصحيح القراءة، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يقرؤون القرآن من غير أن يحتاجوا إلى قواعد، فقد كانوا يُلِمّون باللغة العربية بجميع أطرافها، ولكن عندما بدأ الأعاجم يدخلون إلى الإسلام؛ بدأ يظهر الخطأ في اللغة العربية، فتفطّن الصحابة لذلك، ولخوفهم على ضياع تلاوة القرآن فقد أمر سيّدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أبا الأسود الدؤلي وهو من كبار التابعين أن يضع قواعد لهذا العلم.[١]

أحكام التجويد في القرآن

أحكام الترقيق والتفخيم

تجمع حروف التفخيم في جملة (خُصّ ضَغْطٍ قِظْ)، وتسمّى أيضاً بحروف الاستعلاء، وتُفخَّم في كافّة مواضعها، بينما تعرف حروف الترقيق فيما تبقّى من أحرف اللغة العربية، وتسمّى بحروف الاستفال، وتُرقّق في كافّة مواضعها، باستثناء الألف، واللام، والراء، حيث إنها تقبل التفخيم والترقيق.[٢]

تُفخَّم الألف إذا وقعت بعد حرفٍ مفخّمٍ، بينما تُرقّق إذا وقعت بعد حرفٍ مرقّقٍ، وتفخّم الراء في حال كانت مضمومة، أو مفتوحة، أو ساكنة وقبلها ضم أو فتح، أو إذا كانت ساكنةً وما بعدها حرفٌ مفخّمٌ وما قبلها كسرٌ أصليٌّ، بينما ترقّق إذا كانت مكسورةً، أو إذا كانت ساكنةً وما بعدها حرفٌ مرقّقٌ وما قبلها كسرٌ أصليٌّ، أو إذا كانت ساكنةً للوقف وما قبلها ياء ساكنة، بينما اللام فهي مرقّقة، ولا تُفخَّم سوى في كلمةٍ واحدةٍ، وهي لفظ الجلالة الله، حيث تفخّم إذا سبقها ضمٌّ أو فتحٌ، كما في قوله تعالى: ( كَذلِكَ يَضرِبُ اللَّـهُ الحَقَّ وَالباطِلَ)،[٣] وتفخّم عند البدء بها كذلك، بينما ترقّق إذا سبقتها كسرة، مثل: بِالله، أو من دينِ الله، أو إذا سبقها تنوين أو ساكن بعد مكسور، مثل: قوماً الله مهلكهم.[٤]

أحكام همزة الوصل

تنطق الهمزة عند البدء بها، وتسقط نطقاً عند الوصل، مثل: اصطفى، استسقى، ادع، عيسى ابن مريم،[٥] وتُحذف نطقاً وكتابةً في (بسم الله الرحمن الرحيم).[٦]

أحكام اللام الساكنة

تعدّ اللام قمريّة إذا وقعت قبل أحد الحروف الأربعة عشر المجموعة في هذه الجملة: (ابغ حجك وخف عقيمه)، مثل: العرش، والإيمان، والقمر، بينما تعد اللام شمسية إذا كانت قبل الأحرف الباقية غير الحروف القمرية، حيث يجب إدغام اللام الشمسية مع تلك الحروف.[٧]

أحكام القلقلة

يتمّ قلقلة الحرف عند خروجه ساكناً، وتعرف حروفها في المجموعة الآتية: (قطب جد)، فإذا كان حرف القلقلة في منتصف الكلمة تكون القلقلة صغرى، بينما وإذا كان في آخر الكلمة تكون القلقلة كبرى وأمكن.[٨]

أحكام النون الساكنة والتنوين

يعتبر حكم النون الساكنة من أيسر الأحكام في التجويد وتنقسم إلى:[٩]

  • الإخفاء الحقيقي: وهو النطق بالنون الساكنة أو التنوين بحيث تكون وسطاً بين الإظهار والإدغام، ويكون الإخفاء مع الغنّة في كلمةٍ أو كلمتين، وحروف الإخفاء هي: (ص، ذ، ث، ك، ج، ش، ق، س، د، ط، ز، ف، ت، ض، ظ)، ومن الأمثلة عليه كلمة: منثور، أنشأ، من صيام، من ثمره، ماءاً ثجاجاً.
  • الإقلاب: وهو قلب النون الساكنة أو التنوين إلى ميمٍ في النطق لا في الكتابة مع الغنة والإخفاء، وعادةً ما يقع الإقلاب في كلمةٍ أو كلمتين، مثل: ينبوعاً، أو خيراً بصيراً.
  • الإدغام: حيث يحدث إذا وقع أي حرف من الحروف الآتية: (ي، ر، م، ل، و، ن) بعد التنوين أو النون الساكنة، حيث تُدغم النون الساكنة أو التنوين بحرف الإدغام للحصول على حرفٍ واحدٍ مشدّدٍ من جنس الحرف الثاني، ويقسم الإدغام إلى نوعين، وهما: الإدغام بغنّةٍ، ويشمل الحروف الموجودة في كلمة (ينمو)، مثل: لمن يخشى، والإدغام بغير غنّةٍ الذي يشمل حرف اللام والراء، مثل: إن لم.
  • الإظهار الحلقي: وهو النطق بالنون الساكنة أو التنوين من غير غنّةٍ ولا تشديدٍ، وحروف الإظهار الحلقي هي: ء، هـ، ع، ح، غ، خ، ومن الأمثلة عليها: عليمٌ خبير، منها.

أحكام النون والميم المشددتين

يجب إظهار الشدّة والغنّة في النون والميم المشدّدتين، ويكون مقدارها حركتين، مثل: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا)،[١٠] أو مثل: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ).[١١][١٢]

أحكام الميم الساكنة

تنقسم أحكام الميم الساكنة إلى ثلاثة أقسامٍ وهي:[١٣]

  • الإخفاء الشفوي: إذا وقع بعد حرف الميم الساكن حرف الباء، حيث تكون الميم مخفاة بغنّةٍ، مثل: (إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ)،[١٤] حيث تُخفى الميم الساكنة عند تلاوة حرف الباء، وتعرف هذه الحالة باسم الإخفاء الشفوي.
  • الإدغام الشفوي: إذا وقع حرف الميم بعد حرف الميم الساكنة تُدغم الميم الأولى بالثانية للحصول على حرفٍ واحدٍ مشدّدٍ مع الغنة، مثل قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا).[١٥]
  • الإظهار الشفوي: إذا وقع أحد حروف اللغة العربية ما عدا الباء والميم بعد حرف الميم الساكنة يتم إظهار الميم دون غنّةٍ، مثل: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا).[١٦]

حكم قراءة القرآن بالتجويد

قراءة القرآن الكريم واجبةٌ على كل مسلمٍ، حيث يقول الله عز وجل: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)،[١٧] ولكن قراءة القرآن الكريم بالتجويد تقسّم إلى جانبين: الجانب النظري والجانب العملي، أما بما يتعلق بالجانب النظري فلا خلاف بين أهل العلم أنَّ تعلّم أحكام التجويد هو فرض كفاية لا فرض عين؛ أما الجانب العملي فقد وقف العلماء على قولين:[١٨]

  • القول الأول: واجب على كل مسلمٍ ومسلمةٍ، وهو رأي علماء التجويد، وقد أخذوا بظواهر الأدلة.
  • القول الثاني: ليس واجباً بل مستحب، وهو رأي الفقهاء الذين يرون أن قراءة القرآن الكريم بمراعاة أحكام التجويد سنّةٌ وأدبٌ من آداب تلاوة القرآن الكريم.

فضل تلاوة القرآن الكريم

قراءة القرآن الكريم مشروعة في أيّ وقتٍ، ولكن يجب على من يقرأ القرآن أن يتدبّر ويخشع في الآيات، ولتلاوة القرآن الكريم فضائل كثيرة أهمّها:[١٩]

  • القرآن الكريم يشفع لصاحبه يوم القيامة، يقول عليه الصلاة والسلام: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ).[٢٠]
  • الله -عز وجل- يعطي كل من يقرأ حرفاً من القرآن الكريم حسنة، كما صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ حرفًا من القرآنِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها).[٢١]
  • خيار الناس من يعلّم القرآن ويتعلّمه.

المراجع

  1. هشام المحجوبي (4-2-2016)، “تعريف علم التجويد”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-5-2019. بتصرّف.
  2. محمد الشوبكي (15-8-2015)، “التفخيم والترقيق في أحكام التجويد”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2019. بتصرّف.
  3. سورة الرعد، آية: 17.
  4. سامح البلاح (8-5-2014)، “مراتب التفخيم في التلاوة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2019. بتصرّف.
  5. سامح البلاح (29-5-2014)، “أحكام همزتي الوصل والقطع”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2019. بتصرّف.
  6. محمود ربايعة (31-8-2015)، “أسرار البسملة الدلالية وخصائصها الدينية”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-6-2019. بتصرّف.
  7. عبد العزيز القارئ، قواعد التجويد على رواية حفص عن عاصم بن أبي النجود، لبنان: مؤسسة الرسالة، صفحة 82-83. بتصرّف.
  8. خالد الجريسي، كتاب معلم التجويد، صفحة 70. بتصرّف.
  9. محمد إسماعيل، الموجز المفيد في أحكام التجويد، صفحة 23-27. بتصرّف.
  10. سورة النبأ، آية: 31.
  11. سورة الليل ، آية: 5.
  12. محمد إسماعيل، الموجز المفيد في أحكام التجويد، صفحة 28. بتصرّف.
  13. محمد إسماعيل، الموجز المفيد في أحكام التجويد، صفحة 29-30.
  14. سورة العاديات، آية: 11.
  15. سورة البقرة، آية: 268.
  16. سورة النور، آية: 43.
  17. سورة المزمل ، آية: 4.
  18. “حكم قراءة القرآن بالتجويد”، www.islamweb.net، 24-4-2016، اطّلع عليه بتاريخ 18-5-2019. بتصرّف.
  19. “فضل تلاوة القرآن الكريم وآدابه”، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2019. بتصرّف.
  20. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 804، صحيح.
  21. رواه ابن باز، في مجموع فتاوى ابن باز، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 356 /24، إسناده صحيح.