تعريف سورة النمل
سورة النمل
تعتبر سورة النمل من السور التي حوت منظومة من قصص القرآن، حيث جاءت فيها قصة نبي الله سليمان عليه السلام وما جرى بينه وبين بلقيس ملكة سبأ، بالإضافة إلى قصة موسى عليه السلام وغير ذلك من المواعظ والقصص، حيث إنّ كتاب الله سبحانه وتعالى في جميع سوره جاء إما شارحاً لقصص ووقائع حدثت في الماضي، وإما مُبيناً لأحكام شرعية على وجه التفصيل، وإما ذاكراً لها على سبيل الإيراد، وتعتبر سورة النمل من طوال السور في كتاب الله سبحانه وتعالى فهي مكوّنة من عدة صفحات، لذا سنتحدث في هذه المقالة عن جميع تفاصيل سورة النمل وبيان سبب تسميتها، والقصص التي احتوت عليها ومكانتها بين باقي سور القرآن الكريم وغير ذلك من الأمور المتعلقة بها حسب ما تكلم به علماء القرآن وعلومه.
التعريف بسورة النمل
سورة النمل من السور المكية، ويبلغ عدد آياتها ثلاث وتسعون آية، كما أنّ ترتيبها من حيث النزول ومن حيث الترتيب في كتاب الله يأتي بعد سورة الشعراء، وسمّيت سورة النمل بهذا الاسم لأنّ قصة وادي النمل قد ذُكرت في ثناياها، حيث وردت فيها نصيحة نملةٍ في سربٍ من النمل لمن معها بدخول الجحور الخاصة بهنَّ خشية أن يدهسهنّ سليمان وجنوده وهم لا يعلمون بوجودهن ولا يرونهن لصغر حجمهن.[١][٢]
إنّ موضوع سورة النمل ومحورها الرئيسي هو كبقية سور القرآن الكريم المكية حيث تناولت سورة النمل موضوع العقيدة من حيث الإيمان بالله سبحانه وتعالى وحده وتوحيده وإفراده بالعبادة وعبادته حق العبادة، والإيمان باليوم الآخر وما فيه من ثواب للمؤمنين وعقاب للكافرين، والإيمان بالوحي الذي جاء من عند الله إلى أنبيائه ورسله والإيمان بالغيب، والإيمان بأنّ الله وحده الخالق الرازق.[١][٢]
تناولت سورة النمل العديد من القصص التي جاء ذكرها بغرض تثبيت أهداف وغايات السورة، وتصوير عاقبة المكذبين، وبيان عاقبة المؤمنين؛ فذكرت السورة حلقةً من قصة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام مع قومه، وتحديداً موضع رؤيته للنار بعد عودته من مدين ومناداته من الملأ الأعلى وتكليم الله له، حيث كانت من تلك النقطة بدأ تكليفه بالرسالة لتبليغها إلى فرعون وملأه، وتناولت السورة كذلك قصة أنبياء الله داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام، وبيّنت النعم التي أنعم الله بها عليهما، وذكرت قصة سليمان عليه الصلاة والسلام مع النملة وقصته مع الهدهد وقصته مع ملكة سبأ بلقيس، وتحدثت السورة أيضاً عن قصة نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام ومكر قومه، وعن نبي الله لوط عليه الصلاة والسلام، وارتكاب قومه للفواحش، ومحاولته تقديم النصيحة لهم وما عاناه في سبيل دعوتهم إلى الله للإيمان به وحده وترك ما كانوا يعبدون من آلهة من دون الله، غير أنّهم قابلوه بالتهديد فأهلكهم الله بما عملوا في قصة معلومة التفاصيل حيث جاء بيانها في العديد من سور القرآن الكريم.[١][٢]
تناولت سورة النمل في نهايتها بعد إيراد القصص السابقة وبيانها بعض الأدلة التي تُشير إلى وجود الله سبحانه وتعالى، وعظيم قدرته من خلق السماوات والأرض، والأنهار والجبال مما يُبرهن على وحدانيته واستحقاقه للعبادة لانفراده بالخلق والإيجاد.[١][٢]
مناسبة سورة النمل لسورة الشعراء
تتناسب سورة النمل مع السورة التي تسبقها (سورة الشعراء) من عدة وجوه، وبيانها فيما يأتي:[١]
- تعتبر سورة النمل في ذكرها لقصة أنبياء الله داود وسليمان وصالح وموسى عليهم الصلاة والسلام، كالتتمة لما جاء في سورة الشعراء في بيانها لقصص الأنبياء وإيراد بعض قصصهم، وفي ذلك ترابطٌ واضحٌ بين السورتين.
- تحمل سورة النمل في ثنايها تفصيلاً لما جاء مجملاً في سورة الشعراء من حيث بيان جزيئاته وتفصيل مجمله.
- تتشابه سورة النمل مع سورة الشعراء تشابهاً موضوعياً في وصف القرآن الكريم وبيان أنّه من عند الله سبحانه وتعالى وأنّه وحده المنفرد بالخلق وهو وحده المستحق للعبادة.
- كان نزول سورة الشعراء وسورة النمل وسورة القصص متتالياً من حيث التاريخ، وكذلك الأمر بالنسبة لترتيبها في المصحف حيث جاءت السور الثلاثة السابقة متعاقبةً في الترتيب، وفي ذلك إشارةٌ واضحةٌ للترابط بينهن.
- تلتقي سورة النمل وسورة الشعراء في وحدة القصد والغاية من القصص القرآني وهو تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتخفيف عنه مما كان يلاقيه في تلك الفترة تحديداً من قومه وإعراضهم وأذاهم له وتكذيبهم لما جاء به من الرسالة، وعدم إيمانهم بالله سبحانه وتعالى.
فقه الأحكام في سورة النمل
تناولت سورة النمل الكثير من الأحكام لتنوع الموضوعات فيها، ومن تلك الأحكام ما يأتي:[٣][٤][٥]
- جاءت آيات القرآن الكريم هادية ومبشرة للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويصدّقون بالآخرة تصديقاً لا شك فيه، وجاءت منذرة للذين لا يصدّقون البعث بالعقاب المعنوي كالحيرة والضلالة، والعقاب المادي في الدنيا والآخرة.
- تكررت قصة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام في العديد من سور القرآن الكريم؛ لما تضمنته من موعظة وعبرة من قوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى وعظمة النبوة.
- تعدّ نعمة العلم من أعظم النعم وأشرفها وأرفعها منزلة تقتضي شكر المنعم على فضله وإحسانه.
- يعتبر أدب الخطاب مهماً خصوصاً في مجال الدعوة إلى الله.
- يعتبر من آثار الرسالة النبوية انقسام الناس إلى فريقين مؤمنين وكافرين.
- لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله؛ لذلك كانت عاقبة قوم ثمود الهلاك بسبب كفرهم ومكرهم.
- لا يُعذّب الله تعالى قوماً إلا بعد إنذارهم، وذلك من عدله سبحانه.
- يعلم الله سبحانه وتعالى وحده الغيب، وهو وحده المستحق للعباده.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418)،التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، سوريا: دار الفكر المعاصر، صفحة 252، 253، جزء 19، بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث جعفر شرف الدين (1420)، الموسوعة القرآنية خصائص السور (الطبعة الأولى)، بيروت: دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، صفحة 171-174، جزء 6، بتصرّف.
- ↑ د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418)،التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، سوريا: دار الفكر المعاصر، صفحة 159-267، جزء 19، بتصرّف.
- ↑ د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418)،التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، سوريا: دار الفكر المعاصر، صفحة 277-320، جزء 19، بتصرّف.
- ↑ د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، سوريا: دار الفكر المعاصر، صفحة 15-31، جزء 20، بتصرّف.