شروط وآداب المفسر
تفسير القرآن الكريم
إنّ الإقدام على تفسير كتاب الله عز وجل والانشغال بذلك يعدّ من الأعمال والأشياء العظيمة قدراً وشأناً، وهو بحاجة كبيرة إلى صفاء الذهن والفكر، وإخلاص القلب والنية، وسلامة العقل ورجاحته، والفطنة والذكاء، إذ يجب على من يُريد الخوض في تفسير كتاب الله عز وجل أن يتصف بمجموعة من الصفات حتى يُصبح قادراً على التفسير بشكل وأسلوب سليمين ودقيقين إلى حد كبير، لذلك نجد أنّ العلماء ورجال الاختصاص اعتنوا أشدّ عنابة ببيان الشروط والآداب التي يجب أن تتوفر في أولئك الذين يتفرغوا للتفسير والتي سنذكرها في هذا المقال.
شروط وآداب المفسر
الشروط الأخلاقية
أن يتحلى المفسر بالأخلاق المستمدة من قوانين وتشريعات القرآن الكريم، وأن يكون صحيح العقيدة والإيمان وملازماً لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فإن حرّم أمراً من الأمور الدينية كان حرام الأساس، وإن أحلّ شيئاً كان حلال الأساس، ولا شكّ أن المفسر يتصف بصحة العقيدة وسلامتها لأنّ صاحب العقيدة الفاسدة سيتعمد إلى تحريف النصوص والتعسف في الأحكام والتشريعات الدينية بما يُناسب مصالحه وحاجاته ومعتقداته فيضل ويضل الآخرين معه.
من هذا المبدأ يجب لمن يتصدى ويتفرغ لهذا العلم أن يتجرد عن الهوى ويتحرى الحقائق المجردة بأدق تفاصيلها، ويجعل الحق هدفه والدافع القوي الذي يسير عليه لأنّ اتباع الهوى يدفع المفسر إلى الانحراف عن الحق، تعصباً لرأيه وأفكاره واعتقاداته ومذهبه.
الشروط العلمية
على المفسر أن يتعلم من العلوم والأحكام والتشريعات مما يؤهله ليكون مفسراً، ومن أهم ذلك اللغة العربية وفروعها، لأنّ القرآن الكريم نزل بلغة العرب الفصحاء، وهو على لسانهم وحالهم، ويرتبط فهم مدلولاته ومعانيه على فهم ألفاظ ومعاني مفردات اللغة العربية التي سادت آنذاك، كما ينبغي فهم أوجه الاختلافات والاعراب ووجوه البيان وكلّ ما يرتبط بهذه اللغة.
يجب أن يكون عالماً متضلعاً في علوم القرآن الكريم ومتمكناً منها، كعلم أسباب النزول المدني والمكي وعلم القراءات والمحكم والمتشابهة، لأنّ ذلك يُساهم بشكل كبير في فهم معاني القرآن، ويُشترط أيضاً أن يكون ملماً بعلوم التجويد وأصول العقيد الإسلامية والفرائض والسنن المرتبطة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
الشروط العقلية
من المهم أن يمتلك المفسر قدرة عقلية قادرة على استنباط المعاني وفهم مقاصدها ودلالاتها والعبر المستفادة منها، حتى يتمكن من استيعاب واستنتاج ما وراء النصوص والأقوال الخفية، وأن يكون قادراً على الترجيح والموازنة إن تعارضت أمامه الأدلة والأحكام وآراء أبناء عصره ومن سبقوه من السلف الصلح.