سبب نزول سورة الجن

الإنس والجن

خاطب الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز صِنفين من مخلوقاته وهما الإنس والجن؛ فالإنس هم ذرية آدم – عليه السلام – الذين استخلفهم الله تعالى في الأرض وأمرهم بعبادته وتوحيده، ورتب لهم يوم القيامة ثواباً للصالحين وعقاباً للمسيئين، والإنس كرمهم الله تعالى على كثيرٍ من خلقه بأنْ خلقهم في أحسنِ تقويم، ورزقهم من صنوف الطيبات والخيرات المسخّرة لهم في البر والبحر.

الجن هم خلق الله الآخر؛ إذ خُلقوا من نار بينما خُلق الإنس من طين، والجِن فيهم الصالحون الذين آمنوا برسالاتِ الله تعالى السماوية والتي أنزلها على أنبيائه، ومنهم القاسطون والظالمون الذين تمرّدوا على أمر الله تعالى وفسقوا وطغوا، وزعيم هؤلاء هو إبليس عليه لعنةُ الله تعالى الذي أبى الامتثالِ لأمرِ الله تعالى والسجودِ لآدم، وقد وَرد ذكر الجن في مواطنَ عدةَ في القرآن الكريم، كما سُمّيت سورةٌ في القرآن باسم الجن، فما هي مناسبة نزولِ سورة الجن، وسبب تسميتها بهذا الاسم؟

سبب تسمية سورة الجن

سُميت سورة الجن بهذا الاسم بسبب ورود قصة فيها عن الجن الذين استمعوا إلى آياتِ القرآنِ الكريم، وآمنوا بها بعد أقروا بندمهم على ما سبق من الضلال، وتوبتهم إلى الله تعالى، وبراءتهم من مَنهج إبليس اللعين.

سبب نزول سورة الجن

بينما كان النبي – عليه الصلاة والسلام – متوجهاً هو وأصحابه إلى سوقِ عُكاظ، لاحظ الجن أنَّ أمراً ما استجدَ وتغير؛ فبعدَ أنْ كان الجن يسترقونَ السمع إلى خبر السماء وما يُقدرُه الله تعالى للخلائق من أمورِ الغيب، أصبح الأمر صعباً وشاقاً للغاية، فقد سخر الله تعالى الشُهُب والنيازك تَتَربص بالجن الذين يسترقون السمع، وتقذفهم من كل جانبٍ يأتونَ منه.

جاءَ الجن إلى أقوامهم لِيُعلِموا الخبر ويستبينوا المسألة فقال بعضهم: أذهبوا في مشارق الأرض ومغاربها حتى تعلموا ما استجد من أمر ذلك، فذهب بعضهم نحو تهامة إلى رسول الله – عليه الصلاة والسلام – وهو يُصلي بأصحابهِ صلاة الفجر، وفي هذه اللحظات استمع الجن إلى آيات القرآن الكريم فعلموا الأمر، فسارع الجن إلى أقوامهم يعلمونهم الخبر وكيف أنّهم استمعوا إلى القرآن العجب الذي لم يَسبق لهم سماعُ مثل آياته.

آمن الجن بدعوة الله تعالى وامتثلوا لرسالة التوحيد بعد أنْ أدرَكوا أنّهم لنْ يعجزوا الله تعالى في الأرض، وبعد أنْ أدركوا أنَّ الرّشد والبعد عن الضلالة هو السبيل الوحيد لنيل رضى الله تعالى وثوابه، ونَعتَ الجن حال البشر الذين يلوذون بالقاسطين منهم ظانين أنّ عندهم الخبر واليقين، وهم في واقع الحال لا يزيدونهم إلا رهقاً وتعباً وعجزاً.