سبب نزول سورة ص
سورة ص
سُور القرآن الكريم قُسمت ما بين سُورٍ مكيّةٍ- أي نزلت في مكة المكرمة- وسُورٍ مدنيّةٍ- أي نزلت في المدينة المنورة- والسُّورة الثامنة والثلاثون من القرآن سُورةٌ مكيّةٌ وعدد آياتها ثمانٍ وثمانون آيةً ألا وهي سورة ص.
سُورة ص أوجدت مقارنةً لأخذ العظة والعبرة بين مَنْ ابتعد أو جانَب الحق والصَّواب ثُمّ عاد إليه مُعلنًا إذعانه للمولى عزّ وجل، وهم داوود عليه السلام وسُليمان عليه السَّلام وأيوب عليه السَّلام، وبين مَنْ جَانَب الحق والصَّواب وأصرَّ على مخالفة أوامر الله سبحانه وهو إبليس.
سبب النزول
الآيات من بداية سُورة ص وحتى الآية الثامنة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة مرض عمه أبي طالب؛ فعندما مَرِض هرعت إليه قريش- أي ساداتها وأكابرها- لزيارته والاطمئنان عليه، وأيضًا جاء النبي صلى الله عليه وسلم لزيارته، وعند أبي طالب حدث أنْ شكى إليه قوم قُريش دعوة النبي عليه السَّلام لهم للإسلام، وهنا سأله عمّه أبو طالب ماذا تريد منهم؟؟ فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم أريد أن أستخلص منهم كلمةً واحدةً، وفي المقابل أضمن لهم أن يذعن لهم العرب والعَجَم؛ فسأله أبو طالب عن هذه الكلمة؛ فقال:”لا إله إلا الله”؛ فأجابه قومه مستنكرين: أتجعل الآلهة إلهًا واحدًا إنّ هذا لشيءٌ عُجاب؛ فنزل قوله تعالى:”ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ* بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ* كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ* وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ* أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ* وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ* مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ* أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ”.
ما اشتملت عليه السُّورة
- الهدف من ذِكر قصص الأنبياء عليهم السَّلام من أجل تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم والتخفيف عنه، وأنّهم عانوا ممّا يُعاني هو منه من تكذيبٍ وإيذاءٍ ولكنهم تحلوا بالصبر والثَّبات.
- التوبة والرُّجوع إلى الله سبحانه من صِفات الأنبياء والكِبر والعناد والإصرار على المعصية من صِفات إبليس.
- أنّ الله تفضّل على داوود عليه السَّلام بتعليمه الحُكم والقضاء بين النَّاس.
- ضرورة استخدام الأدب عند الدُّخول على الحاكم والعالم ومن هو ذو شأنٍ بين النَّاس.
- على الحاكم أنْ يحكم بالعدل والإنصاف حتى لو اتصف الخصم بسوء الأدب.
- تسخير الشيطان صفةٌ اختص بها سليمان عليه السَّلام وليست لأحدٍ من بعده.
- الاستغفار والإكثار من الصلاة النَّافلة سببٌ لتكفير الذُّنوب.
- وجوب البُعد عن كل ما يشغل العبد عن طاعة الله والعمل الصالح من الأمور الدُّنيوية.
- الحث على الإكثار من قول:”سبحان الله وبحمده” أول النَّهار وآخره.
- القضاء بين النَّاس وفضّ النِّزاع مهمةٌ أوكلت للأنبياء عليهم السَّلام وصفوة الخَلق من بعدهم؛ لذلك لا بُد من تحرِّي الحق والعدل في الأحكام ومخافة الله.