كيف أحافظ على صلاة الفجر في وقتها
صلاة الفجر
يرن جرس المنبه في غرفة سِوار ليعلن موعد صلاة الفجر، تُغلق الرنين بسبابة إصبعها، وتتمتم: “الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور”، وتخلع دفء الفراش بدفء الإيمان والصلاة، وتتوضأ بشكر وحمد لله أن أنعم عليها بنعمة الإسلام وحلاوة الطاعة، وتفرش سجادتها، وتلتقي بربها تدعوه وتسأله، ثم تختم بالسلام، تجلس على سجادتها، وتستقبل القبلة، وتسبح بحمد الله وتستغفره، ثم تتحصن بأذكار الصباح، وتبدأ يومها بتأدية فرض الله في وقته، والمحافظة عليه بخشوع وتذلل.
إنّ الصلاة أحد أهم أركان وفرائض الدين التي يجب على كل مسلم تأديتها وصلاة الفجر بداية اليوم، وصلاتها في وقتها يمنح المسلم طيلة يومه سكينة وطمأنينة وسعادة من الله تسكن قلبه، وعلى المسلم أن يعلم عظمة مكانة صلاة الفجر عند الله -عز وجل-، فها هو رسول الله وسيد البشر يقول: (ركعتا الفجر خيرُ من الدينا وما فيها)، ويقول أيضاً: (من صلّى الصبح في جماعة فكأنما صلّى الليل كله)، وربما تكون صلاة الفجر ثقيلة على الإنسان؛ لأنه يكون قبلها يغط في نومٍ عميق، وتضمه أغطيته ويشعر بالدفء أثناءها، غير أن المسلم لو علم مقدار فضلها لأتاها ولو حبواً؛ لأنه يظل في ذمة الله طول اليوم، وهذا بيان لعظم مكانة هذه الصلاة عند رب العالمين، وخطورة تأخير صلاة الفجر تُلحق الضرر بالمُتأخر، وتجعله في ركب المتأخرين المقصرين في حق الله، والمحافظة عليها معيار صدق المسلم وإيمانه وإخلاصه، وعِظم الخير بداخله والخشية من غضب الله.
طرق الحفاظ على صلاة الفجر
إن المسلم الحق يبذل قصار جهده لرضا الله ورسوله وبلوغ درجة الإيمان، فينام باكراً بعد صلاة العشاء ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ويتجنب السهر ليستيقظ نشيطاً لصلاة الفجر، كذلك يحرص على الطهارة والوضوء، وقراءة أذكار النوم قبل النوم؛ لتعينه على القيام لصلاة الفجر، وصدق النية وتوفر العزيمة عند الخلود للنوم على القيام لصلاة الفجر عامل هام لتيسير كل الأسباب والصلاة حاضرة في وقتها. وذكر الله تعالى عند الاستيقاظ مباشرة لتُحل عقد الشيطان، ويذهب للوضوء بنشاط وطيبة نفس، وحب للطاعة وتأديتها.
كما أنّ التواصي على القيام لصلاة الفجر من الأهل والأصدقاء الصالحين الأخيار تعاون على البر والتقوى، وتواصي على الحق والخير، فالزوجة توصي زوجها بأن يُوقظها حال استيقاظه لنيل الأجر والرحمة، والأبناء يوصون أباهم بألا يحرمهم أجر الذهاب للمسجد والصلاة جماعة، ودعاء العبد لربه بأن يوفقه للاستيقاظ لأداء صلاة الفجر مع الجماعة؛ فإن الدعاء من أكبر وأعظم أسباب النجاح والتوفيق في كل شيء، واستخدام المسلم لوسائل التنبيه وسيلة هامة للفوز برضا الله، ونيل أمانه وضمانته وإحسانه.
وسائل تربوية للمحافظة على صلاة الفجر
إنّ تربية جيل صالح ينشأ على حب الدين والطاعة لرب العباد، وتأدية الفرائض على أكمل وجه نصر للأمة والإسلام، وباب خير وفير، وذلك مسؤولية الوالدين ودورهما في غرس القيم الأخلاقية والدينية في نفوس أطفالهم؛ ليكبروا معها ويكبر ويتسع باب الصلاح والرضا، واهتمام الأبوين بأولادهم في قضية الصلاة -وخصوصاً الفجر- صلاح يُؤتي أكله طول العمر، ويجعل الأولاد مطيعين لله ولدينه وللأبوين، ومن طرق استيقاظ الأبناء بوسائل التربية الناجحة:
- حث الأبناء على النوم باكراً؛ للاسيقاظ باكراً، وتأدية فرض الله في وقته.
- وضع أجراس المنبه في كل غرفة للأبناء، وتوقيتها على صلاة الفجر.
- بث روح الحماس بينهم بعقد مسابقات في العزيمة والإرادة: من يؤدي فرض الله حاضراً في وقته.
- إحضار هدايا لمن يواظب على صلاة الفجر، وتحفيزه بمحفزات تُلقي على قلوب الأبناء السرور والرضا، وحب طاعة الله.
- ضخ الماء في وجه الأبناء لاستيقاظهم، ومنع تسلل الكسل عن القيام للصلاة.
- عقد جلسات عائلية قرآنية ربانية؛ للتواصي على رضا الله، والعمل بأوامره وتجنب نواهيه.
- يجب على الوالدين الرفق بأبنائهم، والصبر على إيقاظهم باللين والحسنى، لقول الله -عز وجل-: “وأمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها”.
القيام وصلاة الفجر
يُستحب الاستيقاظ قبل موعد صلاة الفجر لقيام الليل، والفوز بإجابة الدعاء، ونزول الله -جل في علاه- إلى الدنيا لتحقيق مطالب وأمنيات عباده الصالحين، وفرحة المسلم المنتظر لفرج كبير يُخفف عبء الحزن والكدر، وإذا صلّى المسلم قيام الليل وصلاة الفجر، فإن ذلك سعادة غامرة تعمر في القلوب، ويظهر أثرها جلياً في النفوس، وأدبها وتقويمها على رضا الله وطاعته سراً وجهراً، وتحقيق صلاة الليل في الثلث الأخير هو تحقيق للمواظبة على صلاة الفجر، وبذلك يكون المسلم ربح مرتين، وفاز بطاعتين جليلتين يحبهما الله، ويختص بها عباده المؤمنين.
فوائد صلاة الفجر
- من صلّى الفجر فهو في ذمة الله وحفظه.
- ضمان دخول الجنة، قال رسول الله: (من صلّى البردين دخل الجنة)، والبردين هما: صلاة العصر، والفجر.
- شعور المسلم بالقرب من الله وحبه؛ لأنه ساعده على القيام لصلاة الفجر ونيل الأجر.
- زيادة الحسنات وتساقط السيئات.
- إضفاء الطاقة المليئة بالبركة والنشاط والحيوية على المسلم.
- أداء صلاة الفجر في وقتها يُحسِّن من عمل الدورة الدموية في الجسم، ويقوم بتوزيع الدم في مختلف أعضاء الجسم بشكل سليم.
- استنشاق هواء الفجر يُعطيك طاقة إيجابية وراحة نفسية، ويمنحك استرخاء وهدوء، ويقلل من حدوث التوتر والقلق.
- يساعد هواء الفجر على طرد السموم من الجسم وتنقيتها وبالأخص الرئتين.
- الاستيقاظ باكرأً يُمكِّن من عمل الدماغ بشكل أكبر وكفاءة أعلى.
صلاة الفجر والدعاء
المسلم الذي يحرص على أن يُسدل ستار الكسل واستبداله بالقوة والإرادة يحب الإكثار من فعل الخيرات، وزيادة الطاعات والقربات والحسنات، وصرف المعاصي والآثام والذنوب، فالذي يصلي الفجر في وقتها يحرص على تخصيص وقت للدعاء قبل الصلاة أو بعدها؛ للتذلل والرجاء، وطلب الحاجة مع حسن الظن بالله بالإجابة، وأن بيده الأمر كله، وأن أمره بين الكاف والنون، كذلك المحافظة على أذكار الصباح حصن حصين، وأمان من الله وستر وإحسان، وتتنوع أذكار الصباح ما بين القرآن الكريم، والأدعية المستمدة من السنة النبوية الذهبية والسلف الصالح، وفيها من تسليم الأمر لله والثقة به وحده، والاعتماد عليه في السراء والضراء، وصرف المُعسّرات وتيسيرها،وفيها أيضاً الخير الكبير الذي يستشعره المسلم، ويراقب تحسن حاله بالقرب من الله وذكره وشكره، ومن الأدعية التي تُقال بعد الانتهاء من صلاة الفجر: “اللهم إني أسألك علماً نافعاً، وعملاً متقبلاً، ورزقاً طيباً”، كذلك من قال في الصباح: “حسبي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم” 7 مرات كفاه الله ما أهمه، وفرّج كربه وغمه. إن تجديد النية الصادقة الخالصة لوجه الله تعالى في الاستيقاظ على صلاة الفجر لحصد الأجر والثواب نعيم دائم، وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين يعطون فرض الله حقه.
إرشادات
- تجنب إطالة السهر والنوم قبيل الفجر بقليل.
- تجنب الإكثار من الأكل قبل النوم.
- تجنب فعل المعاصي والمنكرات من قول أو فعل أو عمل.
- تجنب النوم وحيداً في المكان؛ كي لا تفقد من يعينك على القيام.
- تجنب رفاق السوء الذين يعينوك على الملهيات، وترك الطاعات، والانشغال بالشهوات.