آثار التوبة النصوح
التوبة النَّصوح
التوبة النصوح هي: التوبة الخالصة لوجه الله -عزّ وجلّ-، التي لا يقع فيها أيّ تردّدٍ، ولا يُعاود العبد بعدها لارتكاب أي ذنبٍ أو إثمٍ، أيّ أنّ العبد اجتنب الوقوع فيما يخالف التوبة بعد العزم عليها، مع الخلاص والسلامة ممّا قد يعلق من شوائب الإثم، مع الندم الشديد على ما كان قبل التوبة من ارتكاب الذّنوب والمعاصي، وما يُغضب الله -عزّ وجلّ-، وقد ورد ذكر التّوبة النّصوح في العديد من الآيات القرآنية؛ منها: قَوْله -عزّ وجلّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا).[١][٢]
آثار التوبة النَّصوح
تترتّب العديد من الآثار للعبد المسلم في الدُّنيا والآخرة بسبب توبته ورجوعه إلى ربّه -عزّ وجلّ-، يُذكر من تلك الآثار:
- تُعين التوبة العبد المسلم على كثرة الرجوع إلى الله -عزّ وجلّ-، وتجنّبه الانشغال بأمور الحياة الدُّنيا، فتكون التوبة رادعاً له على عدم ارتكاب المعاصي، والابتعاد عمّا يُشغل العبد عن ربّه -سُبحانه وتعالى-، فيبتعد التائب عن تتبّع أخطاء وزلّات وعورات النّاس على سبيل المثال، فينشغل بنفسه، ويسعى لإصلاح مجتمعه، والتقرّب من ربّه، ونَيْل رضاه، فلا يلتفت لصخب الدُّنيا الفانية.[٣]
- تُورث التوبة محبّة الله لعبادهِ، كما ورد ذلك في قَوْله -عزّ وجلّ-: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[٤] فمن تابَ؛ أحبّه الله، ورفع قَدْره، وذكر اسمه عند الملائكة -عليهم السلام-، كما ثبت فيما أخرجه الإمام مُسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ اللَّهَ إذا أحَبَّ عَبْدًا دَعا جِبْرِيلَ فقالَ: إنِّي أُحِبُّ فُلانًا فأحِبَّهُ، قالَ: فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنادِي في السَّماءِ فيَقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ)،[٥] فإن أحبّ الله -عزّ وجلّ- عبده؛ جعله في معيّته، ودبّر له، وأرضاه، ورزقه من حيث لا يحتسب، وكُتب له القبول في الأرض.[٦]
- تؤدي التوبة إلى تحقيق ونَيْل السعادة، فهي سبيل النجاح والتوفيق، والفوز بدار الخُلد التي وعد الله -سُبحانه وتعالى- عباده بها.[٧]
- يُدرك العبد معصيته بالتوبة إلى الله -سُبحانه-، فينشغل بها، ويسعى في طلب المغفرة من الله -سُبحانه وتعالى- بالتضرّع والبكاء، فلا يجد التائب وقتاً للهو الحياة الدُّنيا.[٨]
- تُغيّر التوبة حال العبد، فيصبح حاله أفضل، ويكون أقرب لله -تعالى-، قال -عزّ وجلّ-: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)،[٩] فيُعرض العبد بشكلٍ كلّيٍ عن الذّنوب والمعاصي، ويُقبل على الطاعات والعبادات، والرغبة الحقيقة في إصلاح ما هو آتٍ من الأعمال، وتدارك ذلك.[٨]
- تحقّق التوبة الرضا والقناعة في قلب ونَفْس العبد، بالإضافة للحَمْد، والشُكر، والفرج، كما أنّ التوبة الصادقة تجعل العبد يشعر بالتقصير دائماً تجاه ربّه، ويستكثر أقلّ النِّعم التي منحه إيّاها.[٣]
حكم التوبة
بيّنت نصوص القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، والإجماع على وجوب المُسارعة إلى التوبة فوراً بعد ارتكاب الذنب، إذ يترتّب الإثم بتأخيرها عن وقتها الواجب شرعاً، فالتوبة أصلٌ من أصول الشريعة الإسلاميّة، وقواعد الدِّين التي لا يمكن الاستغناء عنها، ولذلك فإنّها واجبةٌ عن كلّ ذنبٍ، وإن كانت عن بعض الذنوب دون البعض؛ فإنّها تصحّ عمّا وقعت عليه، كما يستحبّ للتائب بعد توبته تجديد الندم على معصيته، والعزم على عدم العودة إلى مثله من الذّنوب والمعاصي.[١٠][١١][١٢]
المراجع
- ↑ سورة التحريم، آية: 8.
- ↑ حسن الجمل (2003-2008)، معجم وتفسير لغوي لكلمات القرآن (الطبعة الاولى)، مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، صفحة 66. بتصرّف.
- ^ أ ب علي بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح، صفحة 30. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 222.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2637، صحيح.
- ↑ محمد عبد الغفار، أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ ماهر مقدم، شرح الكتاب من الدعاء والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 282. بتصرّف.
- ^ أ ب صالح السدلان (1416 هـ)، التوبة إلى الله (الطبعة الرابعة)، الرياض: دار بلنسية للنشر والتوزيع، صفحة 58-59. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 37.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 5542، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية ، صفحة 125. بتصرّف.
- ↑ محمد الزينو (1997)، مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع (الطبعة التاسعة)، الرياض: دار الصميعي للنشر والتوزيع، صفحة 301، جزء 2. بتصرّف.