فوائد الصدقات
الصدقة
تُعرّف الصدقة لغةً على أنها المال، أو الطعام، أو اللباس، الذي يُعطى للفقير على وجه القربى لله لا المكرمة،[١]
أما اصطلاحاً فتُعرّف الصدقة على أنها إخراج المال تقرباً إلى الله تعالى، أو العطيّة التي يُبتغى بها الأجر والثواب من الله عز وجل، ومن الجدير بالذكر أن للصدقة أشكال عديدة، منها الصدقات المالية؛ وتشمل كل من الطعام، واللباس، وتسديد الفواتير، وتسديد الرسوم الجامعية عن المحتاجين، بالإضافة إلى بناء المساجد، والمدارس، والمكتبات، والمنشآت النافعة للمجتمع، ومنها الصدقات المعنوية؛ حيث فضّل الله -تعالى- على عباده بأن جعلها متاحة لكل الناس، وتشمل بعض الأعمال التي يقوم به المسلم؛ كالتسبيح، والتكبير، والتهليل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ).[٢][٣]
فوائد الصدقات
وردت الكثير من النصوص الشرعية التي تدل على فضل الصدقات، وعِظم فوائدها، حيث قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ)،[٤] ورُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقَّةِ تَمْرَةٍ فمَن لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ)،[٥] ومما يدل على أن الصدقات من أفضل الأعمال ما رُوي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: (ذكر لي: أن الأعمالَ تَبَاهي، فتقولُ الصدقةُ: أنا أفضلُكم)،[٦] ويمكن بيان بعض فوائد الصدقات فيما يأتي:[٧]
- إطفاء غضب الله تعالى: فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صَدَقةُ السِّرِّ تُطفِئُ غضبَ الرَّبِّ).[٨]
- الاستظلال بظل الصدقة يوم القيامة: فقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن المتصدق يستظل بظل صدقته يوم القيامة، مصداقاً لما رواه عقبة بن عامر -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (كلُّ امرئٍ في ظِلِّ صدقتِه حتَّى يُقضى بينَ النَّاسِ)،[٩]
- علاج الأمراض البدنية والقلبية: حيث إن الصدقة سبب لعلاج الأمراض البدنية، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ)،[١٠] وهي سبب لعلاج الأمراض القلبية كذلك، فقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من اشتكى من قسوة القلب بالصدقة.
- نيل البر: حيث إن الوصول إلى حقيقة البر مرتبط بالصدقات، مصداقاً لقول الله تعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).[١١]
- راحة القلب وطمأنينة النفس: حيث إن الصدقة سبب لانشراح الصدر والفرح والسرور، وقد ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل المنفق والبخيل كمثل رجلين عليهما جبّتان من حديد من ثدييهما إلى تراقيهما، فأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيء إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع، وأما المنفق فكلما أنفق اتسعت على جلده حتى يختفي أثرها، ولذلك فإن الصدقات تشرح صدر المتصدق، وتريح قلبه.
أنواع الصدقات
تنقسم الصدقات إلى نوعين؛ وهما الزكاة الواجبة، وصدقات النافلة، وفيما يأتي بيان كل نوع منها:[١٢]
- صدقة النافلة: وهي الصدقات التي يتطوع بها المسلم من غير أن تُفرض عليه، وتشمل إقامة مشاريع الخير؛ كالمساجد، والمساقي، وتعبيد الطرق، وتوزيع الملابس، والطعام، والإنفاق على الفقراء والمساكين من غير أموال الزكاة، ويجوز أيضاً التصدق على الغني حتى يَعتبر ويتصدق على غيره.
- الزكاة الواجبة: وهي نسبة معينة تؤخذ من أموال محددة، بعد توفر عدّة شروط، وتُنفَق في مصارف مخصوصة، كما في قول الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)،[١٣] وتشمل الأموال التي تجب فيها الزكاة كل من الذهب والفضة، أو ما حلّ مكانهما من الأوراق النقدية، والأنعام وهي: البقر والإبل والغنم، وعروض التجارة، والزوع والثمار وهي: ما يقتات عليه من الحبوب والتمر والزبيب من الثمار، على خلاف بين أهل العلم في تفصيل تلك الأنواع، بالإضافة إلى زكاة الفطر، مصداقاً لما رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (فَرَضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكاةَ الفِطرِ)،[١٤] ومقدارها صاع على كل مسلم.
ضوابط إخراج الصدقة
هناك عدد من الضوابط التي ينبغي توفرها في الصدقات حتى تُقبل، وفيما يأتي ذكرها:[١٥]
- الإخلاص واجتناب المن والأذى: إذ يجب أن تكون الصدقة خالصة لوجه الله تعالى، ولا تُقبل إن أُخرجت لغير الله، أو كانت من أجل المن والأذى، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).[١٦]
- التصدق بالحلال الطيب: إذ يجب أن يكون المتصدَّق به مباحاً، ولا تُقبل الصدقة بالمحرمات سواءً كثرت أم قلّت، مصداقاً لقول الله تعالى: (قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ).[١٧]
- أن تكون الصدقة مما يحبه المتصدق لا مما يكره.
رحمة النبي في الصدقات
على الرغم من كثرة الآيات والأحاديث التي تحض على بذل الصدقات والزكاة، إلا أن رحمة الله -تعالى- اقتضت أن تكون نسبة الزكاة قليلة بالمقارنة مع كمية المال المدّخر، إذ لا تتجاوز نسبة الزكاة ربع العشر من الأموال، وتجدر الإشارة إلى رحمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ضبط حب المؤمنين للإنفاق بضوابط الرأفة واليسر، حتى إنه كاد يمنع بعضهم من التصدق لشعوره أنهم أفرطوا في ذلك، كما حصل عندما أخطأ كعب بن مالك -رضي الله عنه- وتخلّف عن المسلمين في غزوة تبوك، فأراد أن يكفّر عن ذنبه بالتصدق بكل ماله، ولكن من رحمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكعب وعياله، قال له: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهو خَيْرٌ لَكَ).[١٨][١٩]
المراجع
- ↑ “تعريف و معنى الصدقة في معجم المعاني الجامع – معجم عربي عربي”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-2-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 1006، صحيح.
- ↑ محمد بن فنخور العبدلي، “الصدقة في الإسلام”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة إبراهيم، آية: 31.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عدي بن حاتم الطائي، الصفحة أو الرقم: 3595، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن سعيد بن المسيب، الصفحة أو الرقم: 878، صحيح.
- ↑ “الصدقة.. فضائلها وأنواعها”، www.ar.islamway.net، 2005-02-20، اطّلع عليه بتاريخ 17-2-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 3766، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 3310، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 3358، حسن.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 92.
- ↑ “الصدقة معناها وأنواعها ومصارفها”، www.library.islamweb.net، الإثنين 6 صفر 1427 هـ – 6-3-2006 م، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية: 60.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مشكل الآثار، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3398، إسناده على شرح مسلم.
- ↑ عبد الإله جاورا أبو الخير (7-4-2016)، “أهمية الصدقة للمسلم في الدنيا والآخرة”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 110.
- ↑ سورة المائدة، آية: 100.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2757، صحيح.
- ↑ أ.د. راغب السرجاني (2011/06/12)، “رحمة النبي في الزكاة والصدقة”، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-2-2019. بتصرّف.