كيفية تعظيم الله

تعظيم الله

إنّ تعظيم الله تعالى أصل العبادة وحقيقتها، كما أنّ الله تعالى أمر العباد بتعظيمه، حيث قال: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)؛[١] إذ إنّ العظمة الكاملة لا تتحقّق إلا بالله عزّ وجلّ، ومن ينازع الله فيها فجزاؤه جهنّم، ودليل ذلك ما ورد في الحديث القدسي: (الكبرياءُ رِدائِي، والعَظمةُ إِزارِي، فمَنْ نازعَنِي واحِدًا مِنهُما قذَفْتُهُ في النارِ)،[٢] فالله تعالى عظيمٌ في ذاته، وفي أسمائه وصفاته، وفي ملكه وسلطانه، وفي ما خلق من المخلوقات، ومن مظاهر تعظيم الله تعالى؛ تكبيره عند رفع الأذان خمس مرّاتٍ في اليوم، وأداء الصلوات المفروضة بعد ذلك، وذكره وتسبيحه وتحميده وتقديسه بعد الصلاة، كما أنّ نوحاً -عليه السّلام- ذكّر قومه بعبادة الله وحده وعدم الإشراك به، فقال لهم: (مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا)،[٣] أيّ أنّ قوم نوحٍ لم يكن لديهم تعظيمٌ لله تعالى ولا تقديرٌ له بقدره، ومن تعظيم العباد لله تعالى تقديم محبّته على محبّة غيره، والإكثار من حمده وشكره واستغفاره والإنابة إليه، وإقامة أوامر الشريعة الإسلاميّة، وعدم تجاوز حدودها.[٤]

كيفيّة تعظيم الله

إنّ تعظيم الله تعالى من أجلّ العبادات القلبية، والواجب على المسلم أن يوقن ويعتقد بها اعتقاداً تاماً، فالإيمان بالله متوقّفٌ على تعظيمه، حيث قال: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا)،[٥] إلّا أنّ تعظيم الله تعالى يتحقّق بعدّة أمورٍ، وفيما يأتي بيان بعضٍ منها:[٦]

  • يتحقق تعظيم الله تعالى بإثبات صفاته له كما يليق به، دون تحريفٍ أو تعطيلٍ أو تكييفٍ أو تمثيلٍ، وإنكار بعض صفاته هو في الحقيقة عدم تقديرٍ لله تعالى كما يجب، وعدم معرفةٍ به، كما أنّ من أسماء الله تعالى: المجيد، والكبير، والعظيم، فالأسماء تدلّ على أنّ الله تعالى موصوفٌ بصفاتٍ المجد والكبرياء والعظمة، وهو أكبر من كلّ شيءٍ، وأعظم من كلّ شيءٍ.
  • معرفة نعم الله تعالى على مخلوقاته وتذكّرها، فالله تعالى عظّم الإنسان في كثيرٍ من المواضع، منها: أنّه أباح لعباده الشرك به عند الإكراه على ذلك أو عند الخوف من إلحاق الضرر بالنفس، وحفظ العرض بتشريع حدّ القذف، وحمى المال بإيجاب حدّ السرقة على السارق، وأسقط جزءاً من الصلاة بسبب المشقّة.
  • إنّ تعظيم القرآن الكريم يعدّ من وسائل تعظيم الله تعالى، ويتحقّق ذلك بتلاوة آيات القرآن الكريم، وتدبّر معانيها، والعمل بالأوامر التي نصّت عليها الآيات، وفي ذلك اقتداء بالسلف الصالح.
  • تعظيم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتعظيم ما ورد عنه من السنّة النبويّة، حيث أكّد كثيرٌ من العلماء على ذلك المعنى، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: إنّ الله تعالى أمر بتعزير النبيّ وتوقيره، كما في قوله تعالى: (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ)،[٧] والمقصود بالتعزير؛ نصرة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم وتأييده، ومنع كلّ ما يؤذيه، أمّا التوقير؛ فهو كلّ ما يحقّق السكينة والطمأنينة والإجلال والإكرام، إلّا أنّ تعظيم الرسول يجب أن يكون بما يحبّه الله تعالى ويرضاه ويأمر به ويثني على فاعله.

قدرة الله في الخلق

إنّ قدرة الله تعالى كاملةٌ، حيث قال: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)،[٨] وتظهر قدرته في العديد من الآيات الكونيّة والإنسانيّة، وفيما يأتي بيان بعضها:[٩]

  • إنّ السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقهما الله تعالى، فجعل السماواتٍ مرفوعةً من غير عمدٍ، كما أنّ الكون يتمدّد ويبرد، وجعل الماء أساس الحياة، حيث قال: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)،[١٠] ومن مظاهر قدرته تعالى؛ وجود الإلكترونات في المجّرات والكواكب والأقمار، وحركتها بعكس اتجاه عقارب الساعة، والطواف أيضاً حول الكعبة المشرفة بعكس اتجاه عقارب الساعة، ويعدّ البيت الحرام ذا مركزيّةٍ خاصّةٍ في الأرض.
  • تدور الإلكترونات حول الذرات، وتدور الأرض والكواكب الأخرى حول الشمس، وذلك في مدارٍ بيضاويٍّ أهليجيّ، ومن الجدير بالذكر أنّ مدارات الأرض والقمر والمريخ والشمس مائلةٌ، ومن أقوال العلماء التي وردت عن دقّة الكون قول أرسطو: (منظمٌ جداً ومحدّدٌ، وكلّ شيءٍ فيه له مكانه الخاصّ).
  • أشار القرآن الكريم إلى عناصر الوجود وذرّاته التي تعدّ أصغر من الذرة، والتي تقوم على الزوجيّة المتكاملة، وتتألف من شحناتٍ موجبةٍ وأخرى سالبة، والوزن الذرّيّ يتكون من الشحنات وما بها من بروتوناتٍ وإلكتروناتٍ، كما أنّ لكلّ عنصرٍ من العناصر خواصّ تميزه عن غيره، وذلك محدّدٌ في الجدول الدوريّ الذي وضعه مندليف.
  • إنّ القمر يعدّ الجسم السماويّ الأقرب إلى الأرض، حيث إنّه يؤثّر على الأرض بحركتين؛ الأولى بدوران الأرض حول نفسها خلال أربعٍ وعشرين ساعةً، وينتج عن ذلك ظاهرة المدّ والجزر التي تحدث مرّتين في اليوم والليلة، والوقت الذي يفصل بين المدّ وبين الجزر هو اثنتا عشرة ساعةً، والنوع الثاني من الحركات دوران القمر حول الأرض، حيث إنّ الشهر القمريّ الذي يتكون من ثمانيةٍ وعشرين يوماً يفصل بين ظهورين للقمر، كما أنّه خلال الشهر القمريّ الواحد تتغيّر شدّة إضاءة القمر، فعندما يكون بدراً تكون الإضاءة في شدتها؛ وذلك لأنّ الشمس تكون مقابلةٍ للقمر تماماً.
  • إنّ أجزاء الكون الذي خلقه الله تعالى تشكّل جزءاً واحداً، ومن ذلك الهواء الذي يتكوّن من نسبٍ تركيبيّةٍ ركّبت بدقّةٍ بالغةٍ جداً، كما أنّ للماء دورة حياةٍ هامّةٍ جداً حول الأرض، والزوجيّة التكامليّة موجودةٌ في الإنسان والنبات والحيوان، حيث قال الله تعالى: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).[١١]

المراجع

  1. سورة الواقعة، آية: 74.
  2. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة وابن عباس، الصفحة أو الرقم: 4311، صحيح.
  3. سورة نوح، آية: 13.
  4. “تعظيم الله جل وعلا”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2018. بتصرّف.
  5. سورة مريم، آية: 90.
  6. “تعظيم الله تعالى وشعائره”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2018. بتصرّف.
  7. سورة الفتح، آية: 9.
  8. سورة يس، آية: 82.
  9. “سنة الله في الآفاق وفي الأنفس دلالة قاطعة على التوحيد”، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2018. بتصرّف.
  10. سورة الأنبياء، آية: 30.
  11. سورة الذاريات، آية: 49.