ما هو فضل التسبيح

تعريف التّسبيح

يأتي لفظ سبّح بمعنى قدّس ونزّه ومجّد عن كلّ نقصٍ وعيب، والتّسبيح: هو قول لفظ (سبحان الله) الذي يعني؛ تمجيد الله تعالى وتنزيهه عن كلّ نقص؛ فهو الكامل عن كلّ عيبٍ سبحانه،[١] والمسلم يسبّح الله تعالى حتّى ينزّهه عن النقص، وليحمده ويثني عليه؛ لتمام كماله، ويسبّح الله تعالى كذلك حين ينبهر ويتعجّب من رؤية مظاهر قدرته وعظمته سبحانه، فيذكر الله تعالى بتسبيحه، ولقد تكرّر لفظ التّسبيح في القرآن الكريم مراراً؛ حتّى يتدرّب لسان المسلم على لفظه ويتعوّد تكراره على الدّوام، فورد التّسبيح في القرآن الكريم عند ذكر تفرّد الله تعالى بخلق المخلوقات دون سواه، حيث قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ).[٢][٣]

كذلك ورد التّسبيح في القرآن الكريم؛ ليتحدّث عن حِكمة الله تعالى في خَلقه، وينفي عنه العبث والّلهو، قال تعالى: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ)،[٤] وفي موطنٍ آخر جاء التّسبيح؛ ليؤكّد قدرة الله تعالى وينفي عنه العجر، وذلك في قوله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ)،[٥] وقد جعل الله تعالى تسبيحه في موطن إثبات وحدانيّته سُبحانه ونفي افتراء المشركين أنّ لله زوجةً أو ولداً، قال تعالى: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ)،[٦] كذلك جيء بالتّسبيح في إثبات عدل الله سبحانه وصدق قوله ووعده، قال سبحانه: (وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا)،[٧] وورد التّسبيحُ حين ذكر الله تعالى مظاهر قُدرته في تبديل الّليل والنّهار وطلوع الشّمس وغروبها، قال تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ).[٨][٣]

فضل التّسبيح

يعدّ ذكر الله تعالى عموماً من أعظم العبادات التي يتقرّب بها المسلم إلى ربّه سُبحانه، وقد ورد في فضل الذكر أحاديثٌ عظيمةٌ جداً، منها قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (ألا أنبِّئُكُم بخيرِ أعمالِكُم، وأزكاها عندَ مليكِكُم، وأرفعِها في درجاتِكُم وخيرٌ لَكُم مِن إنفاقِ الذَّهبِ والورِقِ، وخيرٌ لَكُم من أن تلقَوا عدوَّكُم فتضرِبوا أعناقَهُم ويضربوا أعناقَكُم؟ قالوا: بلَى، قالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعالى قالَ معاذُ بنُ جبلٍ: ما شَيءٌ أنجى مِن عذابِ اللَّهِ من ذِكْرِ اللَّهِ)،[٩] فهذا شيءٌ من فضل الذّكر عموماً،[١٠] وإنّ للتسبيح فضائل مخصوصةً ورد فيها العديد من الآيات الكريمة، منها ما يأتي:[١١]

  • التّسبيح سببٌ لإزالة وهن النّفس ورفع الهمّة، فقد أوصى الله تعالى نبيّه أن يسبّح الله تعالى بعد كلّ التّكذيب الذي عايشه من قومه؛ وذلك لرفع همّته وإزالة الوهن والضّعف الذي صار إليه، قال تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ).[١٢]
  • التّسبيحُ سببٌ جالبٌ للنّصر ومعونة الله سبحانه إذا قُرن بالاستغفار؛ فقد قال تعالى موصياً نبيّه عليه السّلام: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ).[١٣]
  • التّسبيح مقرونٌ بالتّوكّل على الله والشّعور باليقين الكامل تجاه قدرته سبحانه وتأيّيده، قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ).[١٤]
  • التّسبيح مقرونٌ بجلب معيّة الله تعالى وعزّته، قال تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ* وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ).[١٥]

أشكال وألفاظ التّسبيح

يأتي التّسبيح على عدّة ألفاظٍ، وقد يكون مقروناً بأذكارٍ أخرى، وقد ورد في فضل هذه الأذكار والتّسبيحات آياتٌ وأحاديث شريفةٌ، وفي ما يأتي ذكرٌ للفظ التّسبيح مقروناً بغيره من الأذكار، والأجر الذي رتّبه الله تعالى عليها:[١٦]

  • ذكر التّسبيح مع الحمد، وهو على عدّة أشكالٍ، قال في فضلها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (كلِمتان خفيفتان على اللِّسانِ، ثَقيلتان في الميزانِ، حبيبتان إلى الرَّحمنِ: سبحان اللهِ العظيمِ، سبحان اللهِ وبحمدِه)،[١٧] وقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أيضاً: (من قال: سبحان اللهِ وبحمدِه، في يومٍ مائةَ مرَّةٍ، حُطَّت خطاياه وإن كانت مثلَ زبدِ البحرِ)،[١٨] فالتّسبيح هنا ثقيلٌ في ميزان الله تعالى يوم القيامة، وهو سببٌ لمغفرة الخطايا بإذن الله أيضاً.
  • ذكر التّسبيح مع الحمد وتكرار ذلك، وقد ورد في فضله أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- صلّى الصّبح يوماً، ثمّ جلست السيّدة جويرية -رضي الله عنها- تذكر الله تعالى في مصلّاها حتّى طلعت الشّمس، فلمّا رآها رسول الله على نفس الهيئة طول هذا الوقت قال لها: (لقد قلتُ بعدكِ أربعَ كلماتٍ، ثلاثَ مراتٍ، لو وُزِنَتْ بما قلتِ منذُ اليومَ لوزَنَتهنَّ: سبحان اللهِ وبحمدِه، عددَ خلقِه ورضَا نفسِه وزِنَةِ عرشِه ومِدادَ كلماتِه).[١٩]
  • ذكر التّسبيح مع الحمد والتهليل والتّكبير، وقد ورد في ذلك الكثير من الأحاديث الشّريفة، وقد تعدّدت أوقات ذكرها أيضاً، فقد ورد في فضلها بعد الصّلاة المكتوبة، وقد ورد فضل ذكرها قبل النّوم، وفي أذكار الصّباح والمساء كذلك.
  • ذكر التّسبيح مع أذكارٍ أُخر كما في الحديث الشريف: (أحبُّ الكلامِ إلى اللهِ: سُبحانَ اللهُ لا شَريك لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ، وهوَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، سُبحانَ اللهِ وبحمدِهِ).[٢٠]
  • ذكر التّسبيح عند القيام من المجلس؛ لتكفير الذّنوب، ويكون على هيئة: (سبحانَك اللَّهمَّ وبحمدِك أشهدُ أن لا إله إلَّا أنت أستغفرُك وأتوبُ إليك عملتُ سوءًا وظلمتُ نفسي فاغفرْ لي إنَّه لا يغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنت).[٢١]

المراجع

  1. “معنى كلمة تسبيح”، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-10. بتصرّف.
  2. سورة يس، آية: 36.
  3. ^ أ ب “مواطن التسبيح في القرآن”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-10. بتصرّف.
  4. سورة آل عمران، آية: 191.
  5. سورة الزّمر، آية: 67.
  6. سورة النّساء، آية: 171.
  7. سورة الإسراء، آية: 108.
  8. سورة الرّوم، آية: 17.
  9. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي الدرداء، الصفحة أو الرقم: 3377 ، صحيح.
  10. “فضل الذكر”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-10. بتصرّف.
  11. “سبحان الله (1) معناها، وأهميتها، وحكمها”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-10. بتصرّف.
  12. سورة طه، آية: 130.
  13. سورة غافر، آية: 55.
  14. سورة الفرقان، آية: 58.
  15. سورة الطّور، آية: 48-49.
  16. “ما صح في فضائل ” سبحان الله وبحمده “”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-5-10. بتصرّف.
  17. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6406، صحيح.
  18. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6405 ، صحيح.
  19. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جويرية بنت الحارث، الصفحة أو الرقم: 2726 ، صحيح.
  20. رواه الألباني، في صحيح الأدب المفرد، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 496 ، إسناده صحيح.
  21. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن رافع بن خديج، الصفحة أو الرقم: 2/338، إسناده حسن أو صحيح أو ما قاربهما.