ما هي النوافل التي يحبها الله
النوافل
شرع الله تعالى العبادات وكلَّف بها عباده، وجعل أداءها غاية من غايات خلقه لمخلوقاته من الإنس والجنِّ، كما جاء في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[١]، فتنوَّعت أشكال العبادات وتعدَّدت صورها، فمنها العبادات البدنيَّة التي تعتمد على الجهد البدنيُّ كالصلاة، ومنها العبادات الماليَّة التي تعتمد على البذل المالي كالزَّكاة، ومنها ما يجتمع فيها البدنيُّ والماليِّ كالحجِ.
تختلف العبادات التي شرعها الله تعالى من حيث رتبتها، فمنها ما هو فرضٌ كالصلوات الخمسة وصيام رمضان، ومنها ما هو سُنَّة مستحبَّة ومندوب لها ولفعلها لكنَّها ليست فرضاً، وتدخل تحت المستحبَّات أو المندوبات صنوفٌ مختلفة من صلاة وصيام وصدقاتٍ، وكلُّها فيما زاد عن الفرض الذي حدَّدته وبيَّنته نصوص الشَّريعة، ويطلق على هذه العبادات والقُربات الزائدة على الفريضة اسم النوافل، وفيما يأتي تعريفٌ لمفهوم النَّافلة، وتوضيحٌ لصنوفها، وفضلها وثمرتها.
النَّوافل في اللغة:
جمع نافلة، وهي مشتقَّة من الجذر اللغوي نفل، فالنون والفاء واللام أصل صحيح واحد دال على العطاء، ومنه النافلة؛ أي العطيَّة التي تعطى طواعيَّة وليست بواجبة،[٢] وجاء في معجم لسان العرب أنَّ النَّفْل بتسكين الفاء الزيادةُ لذا سُميت النوافل بذلك؛ لأنَّها زائدةٌ على الفرائض، ومنه ما جاء في الحديث الشريف على لسان الصحابة رضي الله عنهم يسألون النَّبي عليه الصلاة والسلام: (ثمَّ قامَ بنا حتَّى مضى نحو من شطرِ اللَّيلِ فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ: لو نفَّلتَنا بقيَّةَ ليلتنا هذِه)،[٣] أي لو زدتنا من صلاة التطوع في باقي ليلتنا.[٤]
النوافل في الاصطلاح الشَّرعي:
كلُّ عبادة ليست واجبة على المسلم، بل زائدة على ما فرضه الله تعالى عليه، وهي بهذا المعنى تعمُّ لتشملَ السُّنن المؤكَّدة والمندوبات والتَّطوعات غير المؤقتة، لذا قد يعبر عن النَّافلة بلفظ السُّنَّة أو المندوب أو المستحبِ أو التَّطوع، فهي بمعنى واحد لترادفها على المشهور من أقوال أهل العلم.[٥]
نوافل يحبها الله تعالى
تتنوع أشكال النوافل التي يحبها الله تعالى وتقرب العبد منه لتدخل في صنوف العبادات كلِّها من الصلاة، والصيام والصدقات، ومن هذه النوافل:[٥]
النوافل من الصلاة
الصلوات النوافل هي الصلوات الزائدة عن الفرائض وهي تنقسم إلى قسمين؛ النوافل المعيَّنة والنوافل المُطْلَقَةُ، أمَّا النوافل المعيَّنة فهي النوافل التي يتعلق أداؤها بسببٍ أو وقتٍ معيَّنٍ، فالمتعلِّقةُ بسببٍ كصلاة الكسوف أو الخسوف، وصلاة الاستسقاء وركعتي الطَّواف، وركعتي الإحرام، وتحيَّة المسجد، وركعتي سنَّة الوضوء، وصلاتي الحاجة والاستخارة، وأمَّا النوافل المعيَّنة المتعلِّقة بالوقت فهي صلاة العيدان، والتَّراويح في شهر رمضان، وصلاة الضُّحى، والتهجُّد أو قيام الليل، والسُّنن الرواتب التي تسبق أو تعقب الصَّلوات المفروضة، أمَّا القسم الثاني من نوافل الصلاة فهي النَّوافل المُطْلَقَةُ؛ ويقصد بها النوافل غير المتعلِّقة بسبب ولا مقرونةٍ بوقتٍ وليست محصورة بعدد كمن يتطوع فيصلي لله نافلة ما شاء من الركعات دون وقتٍ مخصوصٍ ومحدد شرعاً.[٥]
النوافل من الصيام
هو الصيام الزائد على الصيام الواجب في شهر رمضان، وقد تكون نافلة الصِيام مرَّة في العام مثل يوم عرفة، ويوم عاشوراء والأيام العشر من شهر ذي الحجة، وقد تكون نافلة الصِيام مرَّة في الشهر، كصيام الأيام البِيضِ المتمثِّلة بالثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كلِّ شهرٍ هجري، وقد تكون نافلة الصِيام أسبوعية، كصيام يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع.[٥]
النوافل من الصدقات
إنَّ من الأعمال المستحبة إلى الله تعالى صدقةٌ يجود بها المسلم على أخيه المسلم الفقير والمحتاج، فقد قال الله تعالى حاثّاً على الصدقة ومبيِّناً أجرها المضاعف: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).[٦]
فضل النوافل
إنَّ لأداء النَّوافل والمداومة عليها والحرص على فعلها، فضلاً عظيماً وثمراتٍ يحوزها المسلم، ومن هذه الفضائل والثَّمرات:[٥]
- المداومة على أداء النوافل يفضي إلى نيل محبَّة الله تعالى ورضوانه والدُّخول في زمرة أولياء الله، وشاهد ذلك ما جاء في الحديث القدسي في ما يرويه النَّبي عليه الصلاة والسلام عن الله تعالى: (من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه، وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه ترَدُّدي عن نفسِ المؤمنِ، يكرهُ الموتَ وأنا أكرهُ مُساءتَه).[٧]
- أداء النوافل تكملة وإتمام لما قد يحصل من نقصٍ أو قصورٍ في الفرائض التي يؤديها الفرد، فأداء النَّوافل يجبر نقص الفرائض، ومصداق ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النَّبي عليه الصلاة والسلام أنَّه قال: (إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ بِه العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه فإن صلحت فقد أفلحَ وأنجحَ وإن فسدت فقد خابَ وخسرَ فإن انتقصَ من فريضة شيئًا قالَ الرَّبُّ تبارك وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فيُكمَّلَ بِها ما أنتقصَ منَ الفريضةِ ثمَّ يَكونُ سائرُ عملِه علَى ذلِك).[٨]
المراجع
- ↑ سورة الذاريات، آية: 56.
- ↑ ابن فارس (1979)، مقاييس اللغة، دمشق: دار الفكر، صفحة 455، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 1100، حديثٌ صحيح.
- ↑ ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 671، جزء 11، بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج مجموعة من العلماء، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية، صفحة 100-117، جزء 41، بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 245.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 413.