ما هي آداب صدقة التطوع
صدقة التطوع
من أعظم الأعمال عند الله إنفاق المسلم من ماله الحلال الطيّب في وجوه الخير، حيث إن الصدقة من خير العبادات؛ فهي تطهّر النّفس، وتطفئ الخطيئة، وتمحو الذنوب، وهذا أكثر ما يحتاجه العبد فمهما بلغت درجة إيمانه، وتقواه، وقربه من الله، فهو غير معصومٍ من الزلل، والخطأ، لذلك يُستحبّ لكل مسلمٍ أن يتصدَّق بشيءٍ من ماله ولو كان قليلاً، فإذا عمد إلى فعل الصدقة فينبغي عليه مراعاة شروط الصدقة وآدابها؛ لتكون مقبولةً عند الله سبحانه وتعالى، وفي هذه المقالة سيتم بيان آداب صدقة التطوّع وفوائدها.
معنى صدقة التطوع
- صدقة التطوع في اللغة: جمعها صدقات، وتَصَدَّق صدقةً: أعطاه صدقةً، فهو مُتصَدِّقٌ ومُصَّدِّقٌ، والمتصدِّقُ: هو المُعطي.
- صدقة التطوع في الاصطلاح: هي العطايا التي يُعطيها المسلم ابتغاء نيل المثوبة والأجر من الله سبحانه وتعالى.
- وعرّفها العلامة الأصفهاني بأنها: (ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة، كالزكاة، لكن الصدقة في الأصل تقال للمتطوَّع به، والزكاة للواجب، وقد يُسمَّى الواجب صدقةً إذا تحرَّى صاحبها الصدق في فعله).[١]
آداب صدقة التطوع
ينبغي على من أراد التصدّق مراعاة شروط الصدقة وآدابها، وذلك حتى تُقبل عبادته وينال بها الأجر من الله سبحانه وتعالى، ولصدقة التطوع آدابٌ عدة، منها:[٢][٣]
- أن تكون نيته خالصة لوجه الله: إنّ الإخلاص أساس قبول كلّ عمل، حيث إنّ العمل الخالي من الإخلاص مبتور وأجره ناقص عند الله سبحانه وتعالى، بل ربما لا يُقبل من أصله، قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)،[٤] فالذي يُريد الصدقة بنيّةٍ خالصةٍ لله صالحة قُبلت صدقته، أما إذا كانت صدقته يشوبها الرياء أو المصالح الدنيوية وليست خالصة لله رُدَّت عليه، فإنّ الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً، ويدلُّ على ذلك ما رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).[٥]
- أَلا يُتْبِعَ المتصدق صدقته بِالمَنِّ وَالأَذَى: قال الله تعالى في كتابه العزيز: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى).[٦] قال القرطبى: (المنّ غالباً يقع من البخيل والمعجب، فالبخيل تعظم في نفسه العطيّة وإن كانت حقيرة في نفسها، والمعجب يحمله العجب على النظر لنفسه بعين العظمة، وأنه منع بحاله على المعطى وإن كان أفضل منه فى نفس الأمر وموجب ذلك كله الجهل ونسيان نعمة الله فيما أنعم به ولو نظر مصيره بعلم أن المنة للآخذ لما يترتب له من الفوائد).
- فكما أنّ الرياء يُبطل العمل فإنّ المن والأذى إن تبعا الصدقة يُبطلانها ويذهبان أجرها، ولا يبقى للمتصدق من صدقته أجرٌ ولا نفع لا في الدنيا ولا في الآخرة، والمنان كالمرائى، حيث إنّهما يُظهران للناس أنهما يريدان وجه الله في العمل، في حين أنّ قصدهما المدح والشُّهرة، وأن يصفهما الناس بالصفات الحسنة؛ فيشكرونهما ويُمجِّدونهما ويمدحونهما، وقد شبه الله المرائي والمنّان بالصخرة الصماء الملساء التي عليها تراب، يُنزل الله عليها المطر من السماء، فيُزال التراب عنها وتبقى صخرة ملساء لا خير فيها، وكذلك المنان والمرائي يُزيل الله عنهما ما قاما به من أعمالٍ وصدقاتٍ في الدنيا بريائهما فلا يبقى لهما من العمل شيء.
- أَنْ تَكُونَ الصدقة مِنْ مَالٍ حلالٍ طَيبٍ: فإنّ الله طيب لا يقبل من الأعمال إلا الطيب الخالص لوجهه، وكما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا)،[٧] فالصدقة لا تُقبل إذا كانت من المال المنهوب من الدولة، أو من مصدر رزق غير مباح، أو مما غلَّ المتصدّق من الغنائم، بل لا بد أن تكون من كسب طيبٍ حتى تكون مقبولة عند الله سبحانه وتعالى، وقد قال القرطبى: (إنما لا يقبل الله الصدقة بالحرام؛ لأنه غير مملوك للمتصدق –أي مال– وهو ممنوع من التصرف فيه والمتصدق به متصرف فيه).
- الإِسْرَاعُ فِي إِخْرَاجِهَا: ينبغي على من يريد إخراج الصدقة المبادرة بالإسراع بها؛ لأنه بحاجة لها أكثر من حاجة الفقير لها؛ وذلك لتدفع عنه البلاء والمصائب، ولتُمحى عنه الذنوب والمعاصي، ولا يبنغي له التسويف فيها، فهو لا يدري متى سيأتيه الأجل وينتهي عمره.
- التَّصَدُّقُ وَلَوْ بِالقَلِيلِ: فمهما كانت قيمة الصدقة قليلة لها مكانة عند الله إذا كانت خالصةً لوجهه، ولم يُقصد بها الرياء.
- أَنْ تَكُونَ الصدقة في السر؛ وذلك ليضمن ألا تحدّثه نفسه بطلب مدح الناس، وألا يتخلل الرياء صدقته فلا ينتفع بها لا في الدنيا ولا في الآخرة.
- أن يُعطي المتصدِّق الصدقة لمستحقيها من الفقراء والمساكين بنفْس طيبة ورضا ظاهرٍ للآخذ، وبوجه بشوش، وذلك حتى لا يقع الفقير في نفسه شيءٌ من الحرج.
فضل صدقة التطوع
لصدقة التطوع العديد من الفضائل التي تعود على المُتصدّق فيتنفع بها؛ مما يعني أنّ فائدة الصدقة لا تقتصر على الفقير والمحتاج، بل هي متعدية؛ تنفع صاحبها قبل أن ينتفع بها الفقراء والمتصدَّق عليهم، ومن فوائد الصّدقة للمتصدّق:[٢]
- الصّدقة تُكفّر الذنوب والخطايا.
- بابٌ لتكثير الحسنات ومضاعفتها.
- الصّدقة بابٌ من أبواب الرزق، حيث إنّ الله سبحانه يخلف على المُتصدّق لقاء ما تصدَّق به من المال بأضعافٍ مثله.
- الصّدقة تضمن نماء الأموال عند الله، وتزيد البركة فيها.
- سبب لدخول الجنة، فكلما تصدّق المسلم بماله خالصاً لوجه الله يغفر الله من ذنبه، حتى يلقى الله بلا ذنبٍ ولا وزر.
المراجع
- ↑ “صدقة التطوع”، المعرفة، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2017، بتصرّف.
- ^ أ ب عماد حسن أبو العينين، “جُمَلٌ مُخْتَصَرَاتٌ فِي فَوَائِدَ وَآدَابِ الصَّدَقَاتِ”، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2017، بتصرّف.
- ↑ “آداب الصدقة”، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 30-5-2017، بتصرّف.
- ↑ سورة البينة، آية: 5.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1.
- ↑ سورة البقرة، آية: 264.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015.