كيفية العقيقة

شكر نعمة المولود

إنّ نعمة الولد نعمة عظيمة من الله، وينبغي للعبد إذا ما رزقه الله بمولودٍ أن يشكره على هذه النعمة، ويكون ذلك باتِّباع الأحكام الشرعيّة التي تخصُّ المولود التي علّمنا إياها النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يوحى إليه من ربه، ومن ضمن الطرق التي يتم بها شكر نعمة المولود العقيقة، فما هي العقيقة؟ وما حكمها؟ وما كيفيتها؟ هذا ما سيتناوله هذا المقال.

كيفية العقيقة

لكي يعرف المسلم كيفية أداء العقيقة، يتوجب عليه معرفة وقتها، وشروطها، وما يُقال عند ذبحها، وكيفية توزيعها.

وقت العقيقة

اختلف الفقهاء في وقت العقيقة؛ فذهب فقهاء الشافعيِّة وفقهاء الحنابلة إلى أنّ وقت ذبح العقيقة للمولود يكون بعد انفصال المولود عن أمه، وذهب فقهاء المالكيّة وفقهاء الحنفيّة إلى أنّ وقت ذبح العقيقة يكون سابع يوم من ولادة المولود، ولا يجوز عندهم إخراج العقيقةِ قبلَ ذلك.[١]

واختلف الفقهاء أيضاً في نهاية الوقت المجزئ لذبح العقيقة على قولين:[٢]

  • ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وبعض المالكية إلى أنّ العقيقة لا تفوت بتأخيرها عن اليوم السابع، وتجزئ بعده.
  • ذهب الحسن، وعطاء، والمشهور عند المالكية إلى أنّ العقيقة لا تجزئ وتفوت إذا تم تأخيرها عن اليوم السابع.

شروط العقيقة

جعل جمهور الفقهاء للعقيقة شروطاً هي:[٣]

  • أن تكون العقيقة من الأنعام: ويُقصد بالأنعام الضأن، والمعز، والإبل، والبقر، ولا تصحّ العقيقة بغير ذلك؛ كالدجاج، والعصافير، والأرانب.
  • أن تكون العقيقة خاليةً من العيوب: ويُقصد بالعيوب العيوب نفسها التي اشتُرط عدم وجودها في الأضحية مثل ألا تكون الذبيحة عوراء، أو عجفاء، أو عرجاء، أو مريضة، إلى غير ذلك.
  • أن تبلغ العقيقة السنَّ المطلوب: كما هو المطلوب في الأضحية فلا تجوز العقيقة بالغنم إلا إذا أنهت الشاة سنةً من عمرها، ولا البقر إلاّ إذا أتمت السنتين من عمرها، ولا الإبل إلاّ إذا أتمّت خمس سنوات من عمرها.

تقسيم العقيقة

اتفق الفقهاء على أنّ العقيقة تُقسّم كما تُقسّم الأضحية، لكنهم اختلفوا في كيفية التقسيم إلى أقوال:[٢]

  • ذهب فقهاء المالكية، والظاهرية، إلى أنّه يُستحب الجمع بين الأكل، والإطعام، والصدقة، من العقيقة، من غير تقدير للكميّة.
  • ذهب فقهاء الحنفية، والحنابلة، وأحد الأقوال عند المالكية إلى أنّه يتم تقسيم العقيقة إلى ثلاثة أقسام؛ فيأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدّق بثلث.
  • ذهب الشافعية في أحد الأقوال عندهم إلى أنّه يُستحب أن يأكل النّصف، ويتصدّق بالنّصف الآخر.

ما يُقال عند ذبح العقيقة

نصّ كل من فقهاء المالكية، والشافعية، والحنابلة، إلى أنّه يُستحب للذابح أن ينوي عند الذبح أنّها عقيقة، وأن يقول بعد التسمية: (اللهم لك ولك عقيقة فلان)، وإذا نوى العقيقة ولم يذكر اسم المولود أجزأت العقيقة، وقد استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اذبَحوا على اسمِه وقولوا: بسمِ الله، اللهُ أكبَرُ، [اللهمَّ] منك ولك، هذه عقيقةُ فلانٍ)[٤]

من يعقُّ عن المولود

ذهب أهل العلم في مسألة من يعقّ عن المولود إلى ثلاثة أقوال:[٥]

  • يعقّ عن المولود من تجب عليه نفقته، من ماله وليس من مال المولود، وإلى هذا القول ذهب الشافعيّة.
  • يعقّ عن المولود الأب فقط، ولا يعق غير الأب عن المولود، وهذا القول المعتمد عند الحنابلة، والمشهور في مذهب المالكيّة.
  • يعقّ عن المولود غير الوالد، ولا من تجب نفقة المولود عليه، وإلى هذا ذهب الشوكاني.

تعريف العقيقة

  • تعريف العقيقة لغة: العقيقة في اللغة مأخوذةٌ من عقَّ، والفعل عقَّ ياتي بمعنى: قطع وشقَّ، والعقيقة: الشعر الذي يولد به الطفل لأنه يشق الجلد، وسُمّيت الشاة عقيقةً نسبةً إلى عقيقة الشعر، وقيل سمّيت عقيقةً لأنها تُذبح فيُشقٌ حلقومها، ومريئها، وودجاها.[٦]
والعقيقة مفرد، جمعها: عقائِقُ. وتطلق على معنيين: الأول: شعر كلّ مولود من الناس والبهائم، الذي ينبت وهو في بطن أمِّه، والثاني: ذبيحة تُذبَحُ عن المولود يوم السابع عند حلق شعر رأسه.[٧]
  • تعريف العقيقة اصطلاحاً: العقيقة في الاصطلاح هي: (ما يُذكَّى عن المولودِ شُكراً لله تعالى بِنِيّةٍ وأحكامٍ مَخصوصة، وتُسمّى: نسيكةً، أو ذبيحةً).[٨]
وتُعرّف العقيقة كذلك بأنها: الذبيحةُ الخاليةُ من العيوبِ، يتم ذبحها عن المولود، يوم سابعهِ، شكراً لله سبحانه وتعالى على نعمة الولد.[٩]

مشروعية العقيقة

العقيقة مشروعة في الإسلام، وقد ثبتت مشروعيتها في السنة النبويّة الشريفة، وقد بيّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله؛ فقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- أنّه عقّ عن الحسن والحسين.[١٠]

أما قوله صلى الله عليه وسلم، فعن سلمان بن عامر الضبي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (في الغلامِ عقيقةٌ، فاهْرِيقوا عنه دَمًا، وأَمِيطوا عنه الأذى).[١١]

حكمة مشروعية العقيقة

لمشروعية العقيقة حكم منها:[٢]

  • العقيقة وسيلة لنشر نسب المولود.
  • العقيقة قربان يُتقرَّب بها إلى الله سبحانه وتعالى.
  • العقيقة مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعيّ بين الناس.
  • العقيقة فِكاك لرهان المولود.
  • إظهار الفرح والسرور بإقامة شرائع الله سبحانه وتعالى.

حكم العقيقة

اختلف أصحاب المذاهب الفقهيّة في حُكم العقيقة على أقوال:[٢]

  • ذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والمشهور في مذهب الحنابلة إلى أنّ العقيقة مستحبّة، واستدلّ أصحاب هذا القول بما رواه سمرة بن جندب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمّى)[١٢] ووجه استدلالهم بهذا الحديث أنّ الأمر بالعقيقة اقترن بالأمر بالحلق والتسمية، والحلق والتسمية ليسا بواجبَين، بل يُستحبّ فعلهما، فدلّ ذلك على الاستحباب.
  • ذهب الليث بن سعد، والحسن البصري، ورواية عند الحنابلة، ومذهب الظاهرية إلى أنّ العقيقة واجبة، واستدلوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمّى)[١٢] ووجه استدلالهم أنّ المولود محتبس عن الشفاعة لوالديه إذا مات وهو طفل، فشُبّه بعدم انفكاكه من العقيقة بالرهن في يد مرتهنه، وهذا دليل على الوجوب، فالإنسان مأمور بتخليص نفسه وفكاكها.
  • ذهب الحنفية في المشهور عندهم إلى أنّ العقيقة ليست بواجبة ولا مستحبّة، أي مباحة، ودليل قولهم أنّ العقيقة منسوخة بالأضحية، فإذا ثبت النسخ يبقى الأمر على الإباحة.
  • ذهب الحنفيّة في قول عندهم إلى أنّ العقيقة مكروهة، واستدلوا على ذلك بقولهم إنّ العقيقة من أفعال أهل الكتاب، وأنّ العقيقة كانت فضلاً فإذا ذهب الفضل لا يبقى إلّا الكراهة.
  • ذهب الحسن وقتادة إلى أنّه يُعق عن الذكر دون الأنثى، واستدلوا بظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمّى)[١٢] ووجه استدلالهم أنّ ظاهر الحديث يدلّ على اختصاص العقيقة بالغلام، ومفهوم ذلك أنّه لا يُعق عن الأنثى.

المراجع

  1. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة278، جزء 30. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث أسماء بنت محمد آل طالب (2012)، أحكام المولود في الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: دار الصميعي، صفحة 565. بتصرّف.
  3. حسام الدين بن موسى محمد بن عفانة، المفصل في أحكام العقيقة (الطبعة الأولى)، القدس، صفحة 76-89. بتصرّف.
  4. رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4/60، حكم المحدّث: رجاله رجال الصحيح خلا شيخ أبي يعلى إسحاق فإني لم أعرفه.
  5. محمد عبد القادر أبو فارس (2000)، أحكام الذبائح في الإسلام (الطبعة الأولى)، الأردن: دار الفرقان، صفحة 182-184. بتصرّف.
  6. ابن منظور (1414هـ)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 257-259، جزء 10. بتصرّف.
  7. د أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008)، معجم اللغة العربية المعاصر (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 1530، جزء 2. بتصرّف.
  8. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة الكويت، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 276-277، جزء 30.
  9. د. أيمن الذيابات (1436هـ)، الفروق الفقهية بين العقيقة والأضحية، السعودية: جامعة طيبة – المدينة المنورة، صفحة 214. بتصرّف.
  10. رواه النووي، في المجموع، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 8/426، إسناده صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن سلمان بن عامر الضبي، الصفحة أو الرقم: 4225، صحيح.
  12. ^ أ ب ت رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 2838، سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح].