العمل الصالح في القبر

العمل الصّالح

يحتاج العبد إلى كل ما يُثقِل ميزانه من حسناتٍ ليدخل الجنة يوم الحساب، فالله تعالى جعل الدنيا دار عملٍ ليستغل العبد كل لحظةٍ فيها لكسب الحسنات، فأيام الدنيا تمضي بحلوها ومرّها ولا يبقى مع العبد منها سوى عمله؛ فإنْ كان هذا العمل غير صالحٍ فسيحصد الندامة ويخلد في نار جهنم، وإنْ كان عملاً صالحاً فسيُجزى الجنة ونعيمها.

يأتي العمل الصّالح يوم القيامة شفيعاً لصاحبه، قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ) [الأنبياء: 94]، كما يحقق لصاحبه الجزاء في الدنيا؛ فيكون في رعاية الله تعالى، ويكسب مودة المؤمنين وحبهم له والذّكر الطيّب بينهم، كما أن الله تعالى وعده بالرزق الواسع، وتفريج همه وإخراجه من الضيق.

العمل الصّالح في القبر

يعد الموت من المراحل التي لا بدّ من أن تمر بها جميع الخلائق ومنها الإنسان، وعندما يموت العبد يوضع في قبره وحيداً دون رفيقٍ أو أنيسٍ سوى عمله؛ فيرجع الأبناء والأزواج والأهل إلى بيوتهم ومشاغلهم ويبقى مع عمله سواء كان صالحاً أو غير صالحٍ.

ويُفيد العمل الصّالح المؤمن في لحظات موته حيث تخرج روحه بسهولةٍ دون عذابٍ، وفي أثناء حمله على الأكتاف يستبشر بعمله الصّالح أمامه فيرى مقعده من الجنة، فيقول “قدّموني قدّموني” لأنه يعلم بأنَّ هذا القبر روضة من رياض الجنة، على عكس الكافر الذي لم يقم بالأعمال الصّالحة فيرى مقعده من النار فيقول “أخّروني أخّروني” خوفاً مما سيجده أمامه.

كما يأتي العمل الصّالح إلى المؤمن في قبره على هيئة رجلٍ حسن الوجه وحسن الثياب وطيّب الرائحة، فقد وضّح صلى الله عليه وسلّم حال المؤمن في قبره حيث قال عليه الصلاة والسلام: (ويأتيهِ رجلٌ حسنُ الوجْهِ حسنُ الثَّيابِ طيِّبُ الرِّيحِ فيقولُ: أبشِر بالَّذي يسرُّكَ، هذا يومُكَ الَّذي كنتَ توعدُ، فيقولُ لهُ: من أنتَ؟ فوجْهكَ الوجْهُ الَّذي يجيءُ بالخيرِ، فيقولُ: أنا عملُكَ الصَّالحُ) [صحيح].

مجالات العمل الصّالح

لا يقتصر العمل الصّالح على العبادات المفروضة والمخصوصة، بل هو عالمٌ واسعٌ يستطيع العبد القيام بما يناسبه، فالله تعالى عز وجل لا يكلّف نفساً إلا وسعها، حيث إنّ أوضاع العِباد تختلف ما بين الغني والفقير، الصغير والكبير، المريض والسليم، فلا يمكن أن تستوي أعمال الجميع معاً، ولكن تعد هذه العبادات المفروضة مثل صيام شهر رمضان والإخلاص فيه، والصلاة المفروضة، وحج البيت، وإيتاء الزكاة، في مقدمة الأعمال الصّالحة التي يأخذ العبد عليها الأجر العظيم لأنها من الفرائض التي لا يمكن التهاون بتأديتها، ويمكن القيام بأعمالٍ أخرى مثل صيام النوافل اللاحقة مثل يوم عرفة وعاشوراء والأيام البيض ويومي الإثنين والخميس، وتأدية الصلاة النافلة، أو قد يكون العمل الصّالح على المشاركة في بناء مسجدٍ أو وقفٍ خيريٍّ أو كفالة يتيم وغيرها.