كيفية لبس الإحرام
كيفية لبس الإحرام
على الرّجل المحرم أن يرتدي من الثّياب ما كان غير مخيط أو مفصّل للبدن، قال ابن عبد البر:” لا يجوز لبس شيء من المخيط عند جميع أهل العلم، وأجمعوا على أن المراد بهذا الذّكور دون الإناث “، وأمّا الإزار فليس ممنوعاً على المحرم أن يقوم بارتدائه، وذلك سواءً أقام بشدّه بعقدة أو من خلال حزام، أو باستعمال المطاط.
قال الشيرازي في المهذّب:” ويجوز أن يعقد عليه إزاره لأنّه فيه مصلحة له، وهو أن يثبت عليه. وإن جعل لإزاره حجزة وأدخل فيها التِّكَّة واتزر جاز، وإن اتزر وجعل فوقه تكة جاز. قال في الإملاء: وإن زره أو خاطه أو شاكه لم يجز لأنّه يصير كالمخيط “، ومعنى الحجزة:” أن يثني طرف الإزار ويخيطه بحيث يصير كموضع التكّة، وهذه الخياطة لا تضرّ، لأنّه ليس محيطاً بالبدن بسببها، بل هي في نفس الإزار، والإزار باق بحاله على عدم الإحاطة “، والتكّة هي رباط السّراويل.
وقال ابن قدامة في المغني:” وليس للمحرم أن يعقد عليه الرّداء ولا غيره إلا الإزار والهميان، وليس له أن يجعل لذلك زراً وعروةً، ولا يخلله بشوكة، ولا إبرة، ولا خيط، لأنّه في حكم المخيط “. (1)
أعمال الإحرام
عند وصول المسلم إلى الميقات لأداء الحجّ أو العمرة فإنّه من المشروع له القيام بما يلي: (2)
- من المستحبّ أن يقوم المسلم بتقليم أظافره، وأن يقصّ شاربه، وأن ينتف إبطيه، وأن يحلق شعر عانته، وذلك لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أنّه قال: سمعت النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يقول:” الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشّارب “، متفق عليه، وعن أنس – رضي الله عنه – قال:” وقَّت لنا رسول اللَّه – صلّى الله عليه وسلّم – في قصّ الشّارب، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإبط، أن لا نترك أكثر من أربعين يوماً “، رواه النسائي.
- من المستحبّ للمسلم ان يتجرّد من ثيابه ويغتسل، وذلك لحديث زيد بن ثابت – رضي الله عنه:” أنّه رأى النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – تجرّد لإهلاله واغتسل “، الترمذي، ويعدّ الغسل سنّةً عند الإحرام للرجال والنّساء حتّى النّفساء والحائض؛ وذلك لأنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – أمر أسماء بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم، وذلك:” أنّها أرسلت إلى رسول اللَّه – صلّى الله عليه وسلّم – كيف أصنع؟ قال: اغتسلي، واستثفري بثوب، وأحرمي “، رواه مسلم.
- من المستحبّ أن يتطيب بأطيب ما يجد من دهن عود أو غيره في رأسه ولحيته، ولا يضرّه بقاء الطيب بعد الإحرام، وذلك لحديث عائشة رضي اللَّه عنها قالت:” كان رسول اللَّه – صلّى الله عليه وسلّم – إذا أراد أن يحرم يتطيّب بأطيب ما يجد، ثمّ أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك “، رواه مسلم.
- على الرّجل أن يحرم في رداء وإزار، ومن المستحبّ أن يكونا أبيضين ونظيفين، ويحرم في نعلين، وذلك لحديث عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما عن النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – أنّه قال:” وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين “، رواه أحمد.
- من المستحبّ للمسلم أن يحرم بعد صلاة الفريضة، وذلك لغير الحائض والنّفساء، إذا كان وقت الفريضة قد دخل، فإن لم يكن وقت فريضة صلّى ركعتين ينوي بهما سنّة الوضوء.
محظورات الإحرام
إنّ محظورات الإحرام هي ما يحرم على المحرم فعله بسبب الإحرام، وهي: (2)
- أن يحلق رأسه، وأن يُلحق به سائر شعر البدن، وذلك بلا عذر، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:” وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ “، البقرة/196، وهذا نصّ على حلق الرّأس، ويقاس عليه سائر شعر البدن.
- أن يقلم أظفاره من اليدين أو الرّجلين بلا عذر، وذلك لأنّه يعتبر إزالةً لجزء من البدن، وتحصل به الرّفاهية، وبالتالي فإنّه يشبه إزالة الشّعر، إلا في حال انكسر ظفره وتأذَّى به فلا بأس من أن يزيل الجزء المؤذي منه فقط، وبالتالي لا يكون عليه شيئاً، قال ابن المنذر:” وأجمعوا على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره، وأجمعوا على أن له أن يزيل عن نفسه ما كان منكسراً منه “.
- أن يلبس الرّجل المخيط من الثّياب عامداً في كلّ بدنه، أو في بعضه، أو أن يرتدي الثّياب المفصلة على الجسم، مثل القميص، أو العمامة، أو السّراويل، أو البرانس، أو القفازين، أو الخفين، أو الجوربين، وكلّ ثوب مسّه وَرْسٌ أو زعفران، وذلك لحديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما وفيه:” لا تلبسوا القميص، ولا السّراويلات، ولا العمائم، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أن يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين “، متفق عليه.
- أن يتعمّد استخدام الطيب بعد الإحرام في ثوبه أو بدنه، أو في مأكله، أو في مشربه، إلا في حال ذهاب طعمه ورائحته.
- أن يقوم بعقد نكاحه، لأنّ المحرم لا يتزوّج، ولا يقوم بتزويج غيره بولاية ولا وكالة، ولا يخطب، ولا يتقدّم إليه أحد يخطب بنته أو أخته أو
غير ذلك، وذلك لحديث عثمان بن عفان – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم:” لا يَنْكِحُ المحرِمُ، ولا يُنْكِح، ولا يخطب، ولا يُخطب عليه “، رواه مسلم.
- أن يطأ زوجته، الوطء الذي يوجب الغسل، وذلك لقول الله تعالى:” الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ “، البقرة/197، ويأتي الرّفث بمعنى الجماع، فمن حصل له الجماع متعمّداً قبل التحلل الأوّل فقد فسد نسكه، ويجب عليه إتمامه، وعليه بدنة، ويقضي الحج بعد ذلك، وأمّا من حصل له الجماع بعد التحلل الأوّل فإنّه لا يبطل حجّه، وعليه ذبح شاة.
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 14426/ صفة لباس الإحرام، وحكم عقد الإزار عليه/ 16-3-2002/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن كتاب مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مركز الدعوة والإرشاد- القصب/ الطبعة الثانية.